أكد خبراء السياسة أن الفساد المعوق الرئيسي لجهود التنمية فلا تستطيع الدولة تحصيل مواردها أو جذب الاستثمارات الأجنبية علاوة علي هروب رءوس الأموال المحلية وانتشار البطالة والفقر واهدار أموال الدولة مما يؤدي إلي انخفاض الانفاق علي الخدمات العامة كالصحة والتعليم والمرافق مما يتطلب التطهير الشامل داخل الوزارات والهيئات وتغيير القيادات وتعديلاً للقوانين التي تحمي الفاسدين. يري عبدالغفار شكري رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن وجود نظام ديمقراطي ومؤسسات شعبية سواء مجالس محلية أو مجلس نواب قادرة علي غلق ماسورة الفساد خاصة انها المختصة بمراقبة أجهزة الدولة بل عامل أساسي للتصدي للفساد بكل أنواعه وأي شئ آخر لن يجد فالأساس الرقابة الشعبية التي احدي أدواتها هي لجنة تقصي الحقائق التي تبحث وتكشف فساد أي ادارة أو هيئة بمنتهي الشفافية التي تتم بآلية محددة لإتاحة المعلومات الصحيحة حيال أي قضية فساد. ويضيف: معركتنا حاليا هي دعم التحول بمختلف المجالات للقضاء علي الفساد بمختلف صوره وعلي ذلك سيتم القضاء عليه بسيادة القانون الذي ينظم أداء الحكومة في ظل اتاحة المعلومات مع استكمال التحول الديمقراطي بالبلاد. ويوضح الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية: هناك نوعان من الفساد الأخلاقي والقانوني حيث نحتاج لإعادة صياغة معظم القوانين لتوضيح ما هو مبهم بها مع تعديل اللوائح المعيبة التي تنظمها وذلك بمختلف الهيئات والادارات مع اصدار تشريعات جيدة في مختلف المجالات التعليمية والسياسية والاجتماعية والهياكل الادارية وتطهير كامل لكل مؤسسات الدولة مما سيساعد علي وقف عمليات النهب المحمية باللوائح الفاسدة وذلك لا يستدعي وجود مجلس برلماني من عدم بل لابد من ادارة سليمة بمختلف الهيئات للتصدي للفساد بالتغيير بحزم وحسم بشرط التطبيق السليم لأن هناك انحرافاً تشريعياً يتمثل في تطبيق القوانين بطريقة مغايرة للأساس. أما الفساد الأخلاقي فيحتاج إلي تغيير سلوكيات المواطنين وتنمية الوازع الأخلاقي واعادة تأهيل الأفراد لتقبل التغيير والسلوك وفق منظومة أخلاقية تعزز من قيمة وأهمية الحفاظ علي المال العام وتسهيل مصالح المواطنين وهذا الأمر يحتاج إلي جهود كبيرة في ظل حالة الانفلات الأخلاقي التي عاشها المجتمع المصري علي مدي العقود الثلاثة الماضية وزرعت جرثومة الفساد في جسد ومفاصل الدولة ومؤسساتها. ويري الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية أن الفساد له مستويات متعددة ومختلفة فهناك الفساد الإداري وفساد كبار الموظفين وصغارهم كما أنه موجود داخل مؤسسات الدولة وبعض الوزراء وهو بهذا الشكل يعوق عملية التنمية والاستثمار بالبلاد فهناك أموال كثيرة خصصت لاستثمارات عديدة تم اهدارها وكان ينبغي توفيرها لمشروعات التنمية في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد مما ينعكس سلبا علي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها مما يثير أيضا نوعاً من الاستياء وعدم الرضا ومشاكل اجتماعية لوجود فوارق طبقية نتيجة صعود طبقة جديدة من رجال الأعمال الذين تربحوا من الفساد ولا يحملون قيم وتقاليد الشعب المصري الأصيلة ولذلك يجب مواجهته بشكل ايجابي ومدروس .. مؤكدا أن المواجهة ليست سهلة ولكنها ضرورية ومصيرية اذا كنا نريد صنع مستقبل جديد لهذا البلد مع وضع خطط طويلة وقصيرة الأجل تنفذ علي مراحل بحيث نصل في النهاية إلي تطهير أجهزة الدولة من الفاسدين بشرط تضافر كافة الجهود الشعبية والرسمية مع تعاون المواطنين مع الأجهزة الرقابية في الابلاغ عن أي حالات فساد أو انحراف وظيفي ووضع قوانين تحمي من يبلغ عن قضايا فساد. ويقترح بدر الدين استيعاب تجارب الدول الأخري في مكافحة الفساد للاستفادة منها عن طريق تجميع مختلف الأجهزة الرقابية في جهاز واحد تحت مسمي مجلس قومي لمواجهة الفساد يكون له استقلالية تامة وصلاحيات واسعة مع سن قوانين عبر البرلمان القادم المكافحة الفساد وليست لتقنية خاصة ان لدينا عدداً كبيراً من التشريعات تتعارض مع الدستور الحالي.