• خبراء يطالبون بسرعة ترجمة نصوص الدستور إلى تشريعات رقابية • محمود فرحات: تفعيل باب الأجهزة الرقابية في شكل قوانين • سامح عبد الله: تعديلات فى قانون العقوبات والإجراءات الجنائية • إبراهيم يسري: تفيعل قانون الفساد السياسي ينهى مهرجان البراءة للجميع • جمال حشمت: القوانين الحالية تكبل الأجهزة الرقابية • رمضان بطيخ: لدينا ترسانة قوانين لمكافحة الفساد تحتاج للتفعيل • مجدي حسين: الحد الأقصى للأجور يحقق العدالة الإجتماعية قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير من أجل تحقيق العديد من الأهداف السامية على رأسها القضاء على الفساد بجميع أنواعه الإداري والمالي والسياسي، ولكن بعد مرور أكثر من عامين على الثورة يواجه هذا الهدف صعوبات وعقبات بالغة في طريق تحقيقه في ظل ترسانة القوانين الحالية التي أتاحت لرموز النظام السابق مهرجان البراءة للجميع في معظم قضايا الفساد والقتل التي يحاكمون فيها بعد الثورة. وجاء إقرار الشعب لدستور الثورة بنسبة قاربت الثلين ليحيى الأمل من جديد في القضاء على الفساد والمفدسين وبداية عصر جديد للاستقرار والتنمية والنهضة، خاصة وان الدستور نص على العديد من المواد التي تواجه جميع أشكال الفساد الفردي والمؤسسي بجميع القطاعات والأجهزة والمجالات، ولكن هذه المواد تحتاج إلى تشريعات وقوانين تدخلها حيز التنفيذ، ورغم ذلك فقد اختلف الخبراء والقانونيون حول احتياج الثورة إلى قوانين وتشريعات جديدة. ففي الوقت الذي طالب البعض بضرورة إسراع مجلس الشورى بترجمة نصوص الدستور الجديد المتعلقة بمكافحة الفساد والأجهزة الرقابية والمفوضية الوطنية لمكافحة الفساد إلى تشريعات جديدة، كما طالبوا بسرعة تفعيل قانون الفساد السياسي الصادر منذ 55 عاماً والذي يتضمن محاكم خاصة على جرائم النظام السابق. بينما يرى أخرون أن مصر لديها ترسانة قوانين موجودة بالفعل وأنها كافية برأيهم في محاربة الفساد إلا أنهم طالبوا بتعديل بعض بنودها كما أنها تحتاج لآليات للتطبيق وإرادة قوية تضمن ذلك. في البداية أكد المستشار محمود فرحات مستشار بهيئة قضايا الدولة، أن الدستور الجديد تضمن نصوص تواجه جميع أشكال الفساد الفردي والمؤسسي بجميع القطاعات والأجهزة والمجالات ومن بينها ضرورة تعديل قانون السلطة القضائية وتفعيل اختصاصات القضاء العادي والنيابة العامة ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وقضايا الدولة، كما أن الدستور أنشأ عدة جهات وهيئات لمكافحة الفساد على رأسها المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد. وطالب فرحات بإصدار تشريعات تفعل هذه النصوص الدستورية المتعلقة بشفافية ونزاهة الأجهزة الرقابية ومكافحة الفساد، فهذه النصوص أقرها الشعب بتأييده للدستور ولكنها تحتاج إلى نصوص تشريعية لتدخل حيز التنفيذ. وقال: "طالبنا بمجرد الاستفتاء على الدستور إحداث ثورة تشريعية يقوم بها مجلس الشورى المنتخب الذي انتقلت إليه سلطة التشريع على أن تتضمن هذه التشريعات استراتيجية متعلقة بمكافحة الفساد والتطهير كمطلب لا يجب تأخيره ". وحذر فرحات من خطورة التعامل القضائي مع نصوص الدستور بشكل انتقائي وازدواجية في المعايير، حيث أن البعض يفسر النص وفق رؤيته فيتمسك به حينًا، وآخر يهدر النص ويقول بأنه لا يوجد تشريع متعلق به، مشددا على ضرورة الإسراع بتفعيل باب الأجهزة الرقابية كاملا في شكل قوانين وتشريعات حتى يلتزم بها الجميع. وأوضح فرحات أن الدستور الجديد تضمن بالباب الرابع عن "الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية" مواد من 200 إلى 216، ومنها ما تنص عليه المادة 200:"تتمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، المنصوص عليها فى الدستور، بالشخصية الاعتبارية العامة، والحياد، والاستقلال الفنى والإدارى والمالى. ويحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية الأخرى، ويتعين أخذ رأى كل هيئة أو جهاز منها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها". وتنص المادة 203:"يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها فى الدستور، ونظام عملها؛ ويمنح أعضاءها الضمانات اللازمة لأداء عملهم. ويبين القانون طريقة تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم وعزلهم، وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال". كما تنص المادة 204: "تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومعالجة تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الاستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك كله، وضمان تنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المستقلة الأخرى، والإشراف على الأجهزة المعنية التى يحددها القانون". من جانبه يقول السفير إبراهيم يسري أمين عام جبهة الضمير، إن سبب تأخر إنجاز الثورة في ملف مكافحة الفساد المالي والإداري والسياسي ومحاسبة المفسدين من رموز النظام السابق سببه الرئيسي هو خطأ التعامل مع هذا الملف. وأضاف:"أخطأنا في محاكمة الفاسدين من رموز النظام البائد بقانون العقوبات الحالي فنظر القضاء جرائم ليس عليها أدلة كافية فخرجوا براءة، ولكن كان يجب أن تتم محاسبة المفسدين بتقديمهم لمحاكمة سياسية". وطالب يسرى بتفعيل قانون الفساد السياسي الصادر عام 1958م، وهو كفيل بمحاسبة جميع المفسدين في سنوات حكم المخلوع على جميع جرائمهم بما فيها الإفساد بكافة أشكاله وإهدار المال العام وجرائم الاختلاس وغيرها، ويتضمن القانون محكمة خاصة للفساد وجرائم عقوبات منصوص عليها فيه، وشدد على أن محاكمة المفسدين وفقا لقانون العقوبات القائم وبلا أدلة سيؤدي لاستمرار أحكام البراءات لرموز النظام السابق حيث أنه ليس به نصوص لمثل هذه الجرائم. وقال د.جمال حشمت عضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى، إن هناك مجموعة قوانين ومواد بقوانين تحتاج إلى تعديل تشريعي بشكل عاجل خاصة وأن المواد الموجودة حالياً تغل يد الأجهزة الرقابية عن مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، مشدداً على ضرورة هذا التعديل حتى تتمكن الأجهزة الرقابية من أداء دورها الحقيقي في ظل منظومة الدستور الجديد الذي يتضمن العديد من المواد الخاصة بمحافحة الفساد بجميع أنواعه إضافة إلى الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد. وأشار حشمت إلى أنه سيتقدم قريبًا لمجلس الشورى بتعديل تشريعي لمكافحة الفساد في مرافق الدولة، يتضمن تعديل مجموعة مواد بأكثر من ثمانية قوانين تخص بعض الهيئات والمؤسسات بالدولة، كاشفاً أن هذه التعديلات تأتي ضرورتها بسبب غياب المحاسبة والشفافية في كثير من مؤسسات الدولة وللأسف هذا الغياب يأخذ شكل قانوني. من جهته يرى مجدي حسين رئيس حزب العمل الجديد، أن أهم مشروعات القوانين التي تصب في تحقيق إعادة الهيكلة ومكافحة الفساد هو إسراع مجلس الشورى بإصدار قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور الذي فتح أثناء وجود مجلس الشعب السابق، ويجب سرعة إقراره لأنه سيؤدي لتحسن الأوضاع الاقتصادية مما يدعم شعبية النظام الشرعي بالبلاد في إطار تحقيق أهداف الثورة. وطالب حسين بسرعة تقديم مشروع متكامل للسلطة القضائية باعتباره أفضل كثيراً برأيه من إجراء تعديل عليه وإن كان المتكامل سيستغرق بعض الوقت، لأن الوضع القضائي لم يعد مناسباً أو مواكبًا للثورة مما يقتضي نظرة شاملة بشأنه، مضيفاً أن الدستور الجديد ينص على إصدار تشريع جديد للمحكمة الدستورية وهذه القضايا لها الأولوية في الوقت الحالي. أما المستشار سامح عبد الله رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية، فيرى أن باب الأموال العامة في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية على جرائم الاختلاس والتربح جيدة وتعطي حماية كافية لأموال الدولة والقطاعات العامة، ولكن ينقصنا فقط تفعيل هذه المواد وتسهيل الإجراءات وتعديل بعضها. وأقترح عبد الله تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث يسمح للنائب العام بتحريك الدعوى الجنائية تجاه موظفي البنوك وسؤالهم دون حاجة لموافقة أو استئذان إدارة البنك المركزي، لأنه حتى الآن لا يمكن سؤال أو اتهام موظف ببنك إلا بموافقة البنك المركزي والذي من حقه الرفض دون ذكر أسباب وهوا ما يعد عقبة عند التحقيق في جرائم الأموال العامة ومنها قضايا منح القروض أو تسهيلات ائتمانية بدون ضمانات كافية. وطالب رئيس محكمة الاستئناف بضرورة إصدار تشريع جديد ينص على عدم جواز التصالح في جرائم الأموال العامة، لأن الواقع يكشف أنه يتم اختلاس المال العام وتحقيق أرباح وتضخم للثروة والعقوبة المنصوص عليها قاصرة للغاية حيث يرد المختلس مبلغ مالي لا يقارن إطلاقا بحجم الأموال المختلسة والمهدرة والتربح بأضعاف أضعافها، مشيراً إلى أن النص القائم يعطي النيابة العامة سلطة حفظ الأوراق للتصالح، وأحيانا تتصالح مع المتهمين بجرائم الاختلاس للاستفادة من الأموال المختلسة، وهذا الإجراء لم يعد كافيا لأنه يولد جرأة على المال العام. وأضاف عبد الله أننا بحاجة إلى قانون لمنع الاحتكار لا يعاقب فقط بغرامة مالية، بل يجب حبس المحتكر بعقوبتي الغرامة والسجن أيضًا، لأن الغرامة فقط تعني منحه حق الاحتكار والتكسب أضعاف قيمة السلع المحتكرة، مقابل غرامة بسيطة، وهذا قصور تشريعي استفاد منه رجال أعمال بقضايا احتكار سلع هامة للغاية. بدوره يقول د. رمضان بطيخ عضو مجلس الشورى وأستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس، إن القوانين الموجودة حالياً كافية لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين والتطهير، فمصر بها ترسانة قوانين قائمة تحارب الفساد والمفسدين وتجار الضمائر الخربة، وتكافح الغلاء والغش والجريمة، ولكنها بحاجة لإرادة التفعيل ووضع آليات تضمن تطبيقها. وأشار بطيخ إلى أن الأجهزة الرقابية تحتاج إلى إعادة هيكلة وفقاً للدستور الجديد وهذا يتطلب تشريعات جديدة، لافتاً إلى ضرورة تفعيل قوانين الأجهزة الرقابية وقانون العقوبات والإجراءات الجنائية، مشدداً على أن الألوية لدى مجلس الشورى الآن هي سرعة إصدار قوانين تحسين معيشة المواطن ليستشعر أن هناك تغيير للأفضل، ومنها التأمين الصحي والاجتماعي والحد الأقصى والحد الأدنى للأجور.