تأتي ذكري انتصارات حرب أكتوبر المجيدة كل عام مصحوبة بأسمي آيات النصر والفخار للجيش والشعب المصري الذي تمكن بإرادته وصلابته وتمسكه من تحقيق هذا الانتصار المبهر علي عدو نعلم جميعاً أن الولاياتالمتحدة وترسانتها العسكرية تقف وراءه بكل قوة.. دخلنا هذه الحرب معتمدين علي الله وعلي إيمان جنودنا بقضيتهم وبضرورة رد الاعتبار والثأر لشهدائنا في حرب ..1967 ورغم هذا لم يتوقع أحد أن تقوم مصر بهذه المعركة معتقدين أنها لن تحدث قبل عشرات الأعوام.. لم يعلم الشعب المصري ودول العالم أن هناك من يخطط ويجهز للقيام بهذه المعركة لاسترداد الأرض وقبلها استرداد كرامته. بدأت حرب 1973 يوم السادس من أكتوبر وهو الموافق ليوم العاشر من رمضان الذي يتسم بالانصراف للعبادة مع بعض التكاسل والتراخي وهذا ما كانت تعتقده إسرائيل تماماً ولذلك كان اختيار موعد الحرب اختياراً موفقاً لم يتخيل المصريون عند استيقاظهم يوم السادس من أكتوبر أنه بعد ساعات قليلة ستتغير خريطة المنطقة لم يتخيلوا أن جيشهم العظيم قد استعد لمثل هذا اليوم الذي تعطشنا له جميعاً وأصبح جاهزاً تماماً لخوض معركة الكرامة هي ساعات قليلة ولكنها فاصلة بين هزيمة ونصر.. بين مذلة وكبرياء.. مرت الساعات الأولي من صباح يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان مثلها مثل باقي الأيام البرامج الإذاعية كما هي بمختلف تنوعاتها بين فوازير ومسلسلات.. كما سيقام في نفس اليوم عدد من مباريات الدوري العام وكان أبرزها الترسانة والسويس.. التليفزيون بدأ إرساله ظهراً ببرامج الأطفال.. كما كان من أبرز الأفلام التي تعرض بدور السينما فيلم خلي بالك من زوزو للفنانة الراحلة سعاد حسني والفنان حسين فهمي.. الجرائد المصرية صدرت كعادتها تحتوي علي أخبار تحث علي رفع الروح المعنوية والتأكيد علي استرداد الأرض.. سارت الأمور طبيعية تماماً وعند الساعة الثانية انقلبت الدنيا رأساً علي عقب وفوجئ المصريون أن جيشهم العظيم بدأ في معركة الثأر كانت لحظات لن ينساها من عاشها وأتذكر أنني كنت صغيراً ولكنني مدرك لما يحدث نزلت إلي الشارع لاستطلع ما يحدث وكانت سعادتي غامرة حيث لم أشاهد سوي مجموعات من المصريين يلتفون حول أجهزة الراديو والتليفزيون للاستماع إلي البيانات العسكرية التي أسعدتهم واشتعلت المساجد بعد كل صلاة بدعوات النصر للجيش المصري الذي يخوض حرباً ضارية مع عدو غادر.. حقاً أنها أيام لا تنسي كما لا ننسي من خاض هذه الحرب ومن خطط لها ومن اتخذ القرار الصعب وهو الرئيس الراحل محمد أنور السادات.