تحدي الظروف.. واختار مهنة "القهوجي" ليعبر بأبنائه إلي بر الأمان. ورغم أنه يعمل في مقهي بسيط ب"زقاق" ضيق من أزقة وسط القاهرة القريبة من نقابة الصحفيين لكن نجح في أن يجعله ملتقي للمثقفين والكتاب والسياسيين.. ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل يؤكد البعض أن من يريد أن يتقلد مناصب في الوسط الصحفي فعليه بالجلوس والتردد علي مقهاه. عم غزال أو غزالي عبدالكريم 68 عاما مالك الصندوق الأسود لأشهر الصحفيين والمثقفين والذي ترك مسقط رأسه بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج وعمره لم يتجاوز ال16 عاما باحثا عن فرصة عمل بعد أن أغلقت في وجهه جميع الأبواب لتحسين أوضاعه المعيشية قرر السفر إلي القاهرة وعمل قهوجيا ب"قرشين صاغ".. ولأنه ارتضي بالقليل كانت هذه المهنة فاتحة خير عليه وعلي أبنائه حيث تربوا وتعلموا وتزوجوا زيجات محترمة بفضل هذه المهنة الشريفة. يقول عم "غزال": أعمل بهذه المهنة منذ عام 1959 وحتي الآن خضت خلال هذه الأعوام رحلة طويلة من الكفاح والشقاء والكد من أجل أسرتي تنقلت بين المقاهي إلي أن استقر بي الحال في هذا المقهي الذي يملكه أحد أقاربي وعلي الرغم من ذلك عرف باسمي وليس باسم مالكه لأنني توصلت للمفاتيح السحرية لهذه المهنة والتي تتلخص في كيفية الحفاظ علي الزبائن بحسن الاستقبال والمعاملة والخدمة المقدمة لهم. يوضح أنه كما حرص علي أن يكون المقهي ملتقي للمثقفين والكتاب والسياسيين علي أرض الواقع سعي لزيادة أعداد زبائه من خلال تدشين جروب علي الفيسبوك حمل اسم محبي عم غزال مما زاد شهرته وشهرة المقهي التي يتفاءل بها الكثير من الصحفيين حتي بات يشاع أن من يريد أن يتقلد منصباً في الوسط الصحفي فعليه بالجلوس والتردد علي مقهي "عم غزال". فيما يشير "عم غزال" إلي أن من أبرز من ترددوا علي المقهي الكاتب الصحفي الراحل عزازي علي عزازي محافظ الشرقية الأسبق وضياء رشوان نقيب الصحفيين السابق وجمال عبدالرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين وخالد علي المحامي الحقوقي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية والفنان سيد صادق وعلاء ثابت رئيس تحرير الأهرام المسائي وأسامة داود وأبوالسعود محمد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين وعاطف مكرم المساء وعبدالجواد أبوكب رئيس تحرير بوابة روز اليوسف وعبدالوكيل أبوالقاسم وسراج وصفي ومحمد هاشم الصحفيين بمؤسسة روز اليوسف. ويري "عم غزال" أنه بعد أكثر من خمسين عاما أمضاها باحثا عن لقمة عيشه في عمله ك"قهوجي" أنه يعتز بهذه المهنة التي يراها مهنة الشرفاء غير مربحة لكن الله دائما يبارك في القليل.. وبها استطاع أن يربي أولاده ويعلمهم ويزوجهم وأصبحوا أبناء صالحين في المجتمع مؤكدا أنه لن ينسي بدايته في الخمسينيات عندما كان يحصل فقط علي قرشين صاغ والآن ورغم أن معاشه الشهري ارتفع إلي 500 جنيه إلا أنه لابد وأن يكمل المشوار ويعمل للوفاء بمتطلبات الحياة ويتمني بعد كل هذا التعب والكد أن تتحقق له أمنيته الأخيرة وهي حج بيت الله الحرام وزوجته شريكة الكفاح.