اختتم ملتقي القاهرة الدولي لتفاعل الثقافات الإفريقية أعماله بإصدار 12 توصية لترسيخ التعاون فيما بين الاطراف المعنية بقضايا الثقافات الافريقية لوضع كل هذه التوصيات موضع التحقيق . ومن أبرزها دورية انعقاد هذا الملتقي كل عامين.ودعم كافة أشكال الحوار بين الثقافات الإفريقية بما يتضمن ذلك من مؤتمرات متخصصة وورش عمل ومهرجانات وندوات. كما طالب المشاركون بتعزيز احترام التنوع الثقافي وأن يتم ذلك في إطار تكاملي بين الآداب والفنون وتحقيق المعرفة العلمية في إتمام ذلك. كما اوصوا بإعداد مختلف الموسوعات العلمية والثقافية والتي تنطلق من ضرورات قضايا التاريخ الإفريقي والحساسيات المرتبطة بكتابته. وشدد المجتمعون علي ضرورة استخدام وسائل الاتصال الحديثة عبر إنشاء قاعدة بيانات عن الثقافات والفنون والآداب بما يوفر بيئة للالتقاء المباشر بين الجماعات الثقافية وعناصرها الشبابية. واكدوا تفعيل دور الشباب في الإنتاج الثقافي والأدبي والاستجابة الرشيدة إلي طموحاتهم لما قاموا به من إحداث تغيير في الأجواء السياسية والاجتماعية والثقافية. كما اوصي المؤتمر بالحاجة الملحة لإنشاء متحف حضارة متنوع ومراكز بحثية تدعم عمليات الدراسات العلمية الضرورية وتوثيق الوقائع الثقافية لشعوبنا. وشددوا علي اهمية توفير الموارد المادية وتشجيع الإمكانيات البشرية لنشر إبداعات مختلف الثقافات وتيسير توزيعها إلي البلدان الإفريقية المختلفة. وناشد 100 من مبدعي 32 دولة إفريقية الجهات المعنية بضرورة العناية بكل الآليات الضرورية التي توفر ترجمة الأعمال الأدبية والفنية وبالوسائل الحديثة المختلفة بين كل مختلف اللغات الوطنية الإفريقية والتبادل معها. واكدوا ضرورة عدم الفصل بين قضايا الثقافة والإعلام باعتبار تأثيرهم الكبير في تكوين الشخصية والحفاظ عليها ضد مخاطر العولمة. كما جددوا التأكيد علي إطلاق حرية التعبير في مجالات الفنون والرأي باعتبار ذلك ليس مجرد مطلب سياسي ولكن لأنه معطي من معطيات الهوية الإنسانية والتقدم الإنساني. واختتموا توصياتهم بالتشديد علي إقامة إدارات للعلاقات الخارجية في الدول الإفريقية المختلفة بتسيير الاتصال والعمل المشترك والتقاء المثقفين. يذكر أن جلسات المؤتمر حملت عنوان ¢الهوية في الآداب والفنون الإفريقية¢ وشهدت المناقشات التي دارت بين مئة مفكر ومثقف و كاتب من 23 دولة افريقية تمازجا في الافكار و الابحاث المقدمة و التي كانت شديدة الاهمية ومن ابرز الابحاث التي تم مناقشتها خلال الجلسات : التاريخ... لم يخلق الهويات المتطرفة في افريقيا للباحث د.حلمي شعراوي مقرر اللجنة المنظمة لملتقي القاهرة الدولي لتفاعل الثقافات الإفريقية و أستاذ العلوم السياسية وخبير الشئون الأفريقية الذي قال: كثيرًا ما يشير البعض إلي جذور الهويات المتطرفة أو الإقصائية من خلال نبش تاريخ هذه الجماعة أو تلك. أو حتي هذا الشعب أو ذاك. أو في العلاقات بينها جميعًا. وطبيعي أن يشار إلي الحروب الكبري أو الغزوات والحملات المتبادلة. علي أساس عرقي عنصري أو ديني طائفي... الخ. ويمكن للمؤرخين أن يقولوا الكثير في هذا الإطار. وفي أشكال العنف المتبادل خاصة. الجلد الثاني ويقول الشاعر زين العابدين فؤاد ان الشعر الشفهي هو جلدنا الثاني وانه عندما يولد الطفل تحتفل الأسرة بعد أسبوع بمولده بأغنيات متعددة. يسمع الطفل الغناء منذ اللحظات الأولي لمولده يحتاج الطفل إلي النوم. تهدهده الأم في السرير بأغنيات متعددة تحتلف من مكان إلي آخر ومن لهجة إلي أخري. لكنها تساعده في الانزلاق إلي النوم و يكبر الطفل قليلاً ويلعب. فتأتي أغاني اللعب التي ترافق كل نشاطاته وألعابه يذهب الطفل إلي المدرسة أو إلي العمل فتتنوع أغاني العمل وأغنيات التحفيز علي مواصلة الدراسة ويكبر الصبي وتكبر الفتاة ويكون الحب. فتغلِّفهما أغنيات الحب والمختلفة و يتقدمان إلي الزواج فتوافقهما الأغاني في كل خطوة: أغنيات الخطوبة. وأغنيات ¢ليلة الحنَّة¢. وأغنيات ما قبل الزفاف. وأغنيات ليلة الزفاف الفردية والجماعية. يدخل الرجل والمرأة إلي عالم جديد وتتكرر دورة الغناء مع الطفل المولود الأول. الأدب الشعبي المنبع الأصيل للهوية الأفريقية هذه الدراسة كتبها الروائي الراحل فؤاد قنديل للملتقي الذي لم يسعفه القدر حضوره وقال فيها:لا أظنني مبالغًا إذا قلت: إن كل الآداب الأفريقية الحديثة من رواية وشعر وقصة. وهي نصوص مكتوبة بالطبع. وكل أشكال الفنون الأفريقية مثل الرقص والموسيقي والغناء والرسم لا تزال. وعلي مدي مئات السنين. من ينابيع أصيلة وراسخة وخصيبة هي عيون الأدب الشعبي الذي شكل ملامح الهوية الأفريقية. ومعالم تلك الشخصية اللافتة والمميزة حتي لو تنقلت وارتحلت واستقرت في غير مواطنها. سلبيات التاريخ الاستعماري يعبر الاديب الافريقي ألفريد مسادالا ي عن تطور اللغات في مالاوي بانه يتسم بالغموض. لكنه مع ذلك تطور تدريجي ملحوظ عبر تاريخ الأمة المالاوية. فالإنجليزية هي اللغة الرسمية بسبب التاريخ الاستعماري الذي تعرضت له البلاد. وفي سبعينيات القرن العشرين إبان حقبة حكم الحزب الواحد أعلنت الشيشيوا لغة وطنية. حيث كانت هي لغة التواصل عند كل الشعب المالاوي تقريبًا. كما أنها اللغة التي يتكلمها الجميع عبر الحدود ومن جميع الاتجاهات. فيتكلم بها أهالي جنوبتنزانيا وشرق زامبيا وشمال موزمبيق وشمال غرب زيمبابوي. ويقول انه علي الرغم من كون لغة الشيشيوا هي اللغة الوطنية الوحيدة في دولة من دول المنطقة. فقد عملت السياسة علي محاولة محو هذه الحقيقة القائمة. فهناك نحو سبع لغات أصلية. واللغة الوحيدة التي تدرس وتعقد بها امتحانات المدارس هي الشيشيوا. وهي مقرر أساسي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية. ولكن مع صعود قيادات مالاوية من قبائل الأقليات علي مدي العشرين عامًا الماضية تباطأ تطور اللغة بعض الشيء. علي الرغم من كون الشيشيوا لغة المطبوعات والكتب والمجلات والدوريات والصحف "بعض المجلات والصحف التي تنشر أساسًا بالإنجليزية تستخدم لغة الشيشيوا في ملاحقها" مشيرا الي أن الشطر الأكبر من شعب مالاوي شبه أمي ويشعر بالارتياح للقراءة بلغة الشيشيوا. ولما كان الاقتصاد المالاوي اقتصادًا زراعيًا. فإن معظم التواصل في مجال المعلومات والتعليم يقوم علي التعدد اللغوي الذي يجمع بين الإنجليزية والشيشيوا. إشكالية الهوية اللغوية ويقول الاديب الافريقي حسن رامو انه تبرز القراءة الوصفية للخريطة اللغوية للقارة الأفريقية تعددًا كبيرًا للغات. تعددًا يعكس من جهة التنوع العرقي. ومن جهة أخري التطورات التاريخية التي عرفتها أفريقيا. فالتنوع الاثني لشعوب أفريقيا جعل الهوية اللغوية لعدد من الدول متشتتة ومبلقنة. مما يطرح معه إشكالية الهوية القومية الوطنية. كما أن التطورات التاريخية التي عرفتها القارة وخاصة الاستعمار غيرت من النسق اللغوي لدول القارة. فالتراث اللغوي الشفهي المحلي عرف تطورات مهمَّة غلب عليها التهميش لصالح اللغات الأوروبية "لغة الدول المستعمرة". واوضحت الروائية والناقدة سلوي بكر بأن الثقافة السودانية تتميز بالمعني الواسع للكلمة بتداخل هائل لعناصر ومؤتمرات افريقية وعربية علي مستوي العادات والتقاليد والرؤية الإنسانية. وتنضم نصوص متباينة من هذا الأدب في القصة والرواية بمفردات وموتيفات سردية تعبر عن تداخل العناصر المشار إليها آنفًا. بما يشكل خصوصية لهذا الآداب تمنحه الغني والتعدُّد في الرؤي. وإمكانيات التلقي والقراءة علي أكثر من مستوي. الاستقلال يحقق الإبداع واوضح د.شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الاسبق انه تتراوح مستويات الإبداع كذلك مساحات الحرية في ضوء التفاوت الثقافي مع وضع اللحظة التاريخية. وضوء العصر في الاعتبار أيضًا. وذلك لأن الثقافات دينامية وتتغير عبر الزمن. وتطرأ عليها تغيرات نسميها التثاقف. أي حدوث تفاعل الثقافات والتأثير والتأثر فيما بينها. وثمَّة فروق ثقافية في النظرة للإبداع والفنون ......وبشكل عام يتم الربط بين المحرمات الثلاثة: الدين- الجنس- السياسة. وبين مقدار الحرية المتاحة أمام المبدع أو الفنان. وهنا قدر من التسامح الزائد في العالم عامة وفي الغرب خاصة أكثر من الشرق. في يتعلق بالجنس والسياسة. لكن التصلب والمحافظة والتحريم تظل أمورًا موجودة بدرجات متفاوتة بالنسبة إلي الدين.