كشف د. عبد الواحد النبوى وزير الثقافة عن تفعيل وحدة للتعاون الأفريقى داخل الوزارة وهى مجموعة عمل مهمتها السعى للتعاون مع أفريقيا فى إطار الوحدة وتضم مجموعة من الأدباء والمفكرين، كما أعلن عن نية الوزارة لتدشين مركز ثقافى أفريقى مقره القاهرة مهمته نقل الخبرات المصرية لدول القارة السمراء التى تحتاج إلى دعم فى جميع المجالات. جاء ذلك خلال عقد المجلس الأعلى للثقافة ملتقى القاهرة لتفاعل الثقافات الأفريقية فى دورته الثانية تحت عنوان الهوية فى الآداب والفنون الأفريقية والذى استمر لمدة ثلاثة أيام وشارك فيه حوالى 100 باحث ومفكر أفريقى من ثلاثة وعشرين دولة أفريقية. أما د. محمد عفيفى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة فأشار خلال الملتقى إلى دور الأزهر والكنيسة فى نشر الدين المسيحى والإسلامى على حد سواء فى أفريقيا وأشار إلى دور بعض الشخصيات فى الفكر والثقافة المصرية مثل عبدالرحمن الجبرتى الذى لعب دورا كبيرا فى إثراء الثقافة المصرية آنذاك. وأكد على وجود اتصال بين بلاد القارة السمراء عكس ما يروج له البعض من وجود صراعات وخلافات والدليل على ذلك أن المؤتمر ليس ضمن أية فعاليات سياسية وإنما هو عمل تم بالتنسيق مع الدول الأفريقية التى رحبت بالفكرة أما د.معلمو سنكورو فقد أشاد بالدور الذى تقوم به مصر وأكد أن الاهتمام بالهوية الثقافية الأفريقية لا ينفصل كما يحدث فى مجال السياسة، مؤكدا أن الثقافة تتداخل فى مجالات عدة، لذا يجب على أبناء القارة السعى للنهوض ثقافيا. وقال الكاتب الليبى د. أحمد إبراهيم الفقيه هناك العديد من الأعباء التى ترزخ تحتها وبينها تعثر خطط التنمية، وأضاف أن الاستعمار أصبح الشماعة التى نعلق عليها آثار وذنوب النخب الأفريقية الحاكمة بل إنها ذنب شعوب أفريقية غاب عنها الوعى بمصالحها بسبب العصبيات القبلية والعشائرية وسعت لتدمير أوطانها. ورأى الفقيه أن الاستعمار لم ينته بعد وإنما مازالت توجد بعض مظاهر الاستمرار حيث ظلت بذور حكم الأوروبيين من بذور الفتنة التى ظلت فاعلة وناشطة فى تخريب مشاريع البناء والتنمية والنهوض وهو الشعار الاستعمارى الشهير فرق تسد. وعن مفهوم الهوية تحدث الكاتب والمفكر السودانى حيدر إبراهيم فقال إن مفهوم الهوية فى أفريقيا معقد لأن أفريقيا طيف عريض من الثقافات التى لا يمكن أن تشكل هوية واحدة موضحًا أن القارة السمراء باتشر مكشوفة للعولمة والرأسمالية المتوحشة والتطرف الدينى والإرهابى وعودة القبلية والعنصرية بأشكال متجددة وبالتالى يتجدد فى أفريقيا الاستبداد ويبعث التخلف والتبعية فى كئوس جديدة وقد شجع على ذلك غياب الشخصيات الكارزمية التى تقوم بالبناء وتسعى لتنمية القومية فى البلاد الأفريقية وأخيرا يرى إبراهيم أن المشكلة الحقيقية هى كيف يمكن تهيئة شروط ازدهار الثقافات الأفريقية واحترام تطورها وتنوعها؟ وفى نفس السياق قال د. السيد فليفل إن القارة الأفريقية من أقل القارات نصيبا من التكنولوجيا، وبالتالى فهى الأقل تأثيرا فيما يخص التأثير فى العولمة من حيث التواصل الاجتماعى والتقدم العلمى، وبالتالى تعتبر أفريقيا من أكبر الخاسرين فى عصر العولمة ورغم ذلك إلا أن الهيكل التنظيمى للاتحاد الأفريقى والأنشطة التى يقوم بها نجح فى بلورة عمل اقتصادى جيد سواء عبر قمم أفريقية متعددة أو عبر تأسيس وتكوين تجمعات للتعاون الاقتصادى فى الأقاليم الخمسة، كما كرس مبادرة الشراكة مع العالم الخارجى للنهوض باقتصاديات الدول الأفريقية (نيباد) اما على الجانب الثقافى فلا يوجد نشاط ملحوظ إذ تسود صورة النمطية سواء للإنسان الأفريقى أو لحالة التقدم الحضارى فى القارة مما يجعل الشخصية الأفريقية مهضومة الجانب وتتجسد صورة سلبية بين قارات العالم. ونصح فليفل باتباع عدة آليات على رأسها مراجعة تشكيل هيكل الاتحاد الأفريقى بحيث يضمن آليات ثقافية مختصة بإبراز شخصيات أفريقية على المستوى الدولى بالإضافة إلى عقد قمة أفريقية مختصة بإعادة الاعتبار للشخصية الأفريقية ورفض امتهانها وتصعيد الرؤية المنشودة للشخصية الأفريقية الفاعلة والإيجابية فى منظور العالم لمقاومة الاستعمار والساعية للتقدم والتنمية، كما نصح فليفل بضرورة عقد ملتقى علمى متخصص يضم خبراء إعلام أفريقيين ودوليين للبحث فى آليات تغيير الصورة النمطية السلبية للشخصية الأفريقية ودعم اتجاهاتها الإيجابية ودعوة وزارات الثقافة والتعليم والتعليم العالى لتنوير الشباب سعيا إلى جيل جديد يواجه عصر العولمة مع ضرورة التركيز على إبراز الإيجابيات فى الشخصية الأفريقية. وعن اللغة فى أفريقيا تناول الكاتب حسن رامو الخريطة اللغوية للقارة الأفريقية والتى تمثل تعددا كبيرا للغات يعكس من جهة التنوع العرقى ومن جهة أخرى التطورات التاريخية التى عرفتها أفريقيا والحقيقة أن هناك تعددا لغويا للشعوب الأفريقية مما يعكس معه إشكالية الهوية القومية الوطنية، كما أن التطورات التاريخية التى عرفتها القارة وبخاصة الاستعمار غيرت من النسق اللغوى لدول القارة وقد طرأ تطور مهم على اللغات المحلية مما جعلها تعانى التهميش لصالح اللغات الأوروبية. وأضاف رامو أنه مع تطور الدول الأفريقية بعد أكثر من 50 سنة من الاستقلال أصبحت إشكالية الهوية اللغوية الوطنية أكثر حدة خاصة مع بروز مصطلحات الجيل الثالث من الحقوق الأممية الخاصة بالحقوق اللغوية والثقافية ويرى أن منطقة شمال أفريقيا مميزة على الصعيد الأفريقى باعتمادها على لغات محلية كلغات رسمية. ورأى الباحث محمد على نوفل أن اللغة الأفريقية أحد المكونات الأساسية للهوية الثقافية إلا أننا يجب أن نفصل بين الهوية والثقافة وقد تعرضت اللغات الأفريقية لعملية تهميش مما تبعه من ترويج، مستطردًا للغات الأجنبية وجعلها اللغات الرسمية للدول المستعمرة مما أدى إلى زعزعة الثقة فى اللغات الوطنية، وبالتالى زعزعة الثقة فى الثقافة المرتبطة باللغة. أما أسماء الحسينى المتخصصة فى الشئون الأفريقية فتقول إن المرأة الأفريقية لا تعيش بمعزل عن مأساة القارة فتاريخ المرأة الأفريقية طويل مع المعاناة فى شتى المجالات من تدن فى مجالات التعليم والصحة والاقتصاد بالإضافة إلى تعرضها لأشكال العنف وعلى الرغم من أن المرأة تشكل أكثر من نصف سكان القارة إلا أنها أكثر امرأة فى العالم فى تحمل أعباء شظف الحياة القاسية خصوصا بسبب العنف المسلح المتزايد الذى يؤدى إلى فقدان معيل الأسرة ويجعلها تتحمل أعباء الأسرة ماديا، حيث تمثل المرأة الأفريقية نحو 60%من العمالة الحكومية و70% من العاملين بالزراعة وتنتج المرأة الأفريقية 90% من الغذاء ويدير 50% من النساء مصانع صغيرة ومتوسطة الحجم مع أنها أساس الإنتاج والنمو فى دول أفريقيا، فهى مستعبدة ومهمشة فى معظم دول القارة، كما أنها تمثل أغلبية نسبة اللاجئين والمشردين من الحروب وهى أعلى نسبة عالميا. وقالت الكاتبة اليس أنى اكينجابيا إنه ليس من العدل الحديث عن الثقافة والأدب الأفريقى دون الحديث عن الشباب خاصة أن الشباب يبحث عن الهوية، وذلك بعد التطور التكنولوجى ووسائل الاتصال خاصة أن الشباب فى أفريقيا يتبنون ثقافات وسلوكيات غربية ففى أفريقيا يقرأ الطلاب فقط من أجل فروضهم الدراسية فى حين أن بعضهم لا يدخل المكتبة مرة واحدة خلال مرحلة الدراسة وكان نتيجة ذلك أن الشباب فى أفريقيا لا يعرف شيئًا عن الكنوز الموجودة فى الكتب ونصحت اكينجابيا الشباب الأفريقى أن ينفتحوا وأن يبحثوا فى ثقافاتهم الأصلية ومن ثم سوف يتمكنون من تطوير أشكال جديدة للتعبير ترتبط بالقيم الأساسية والمبادئ القومية للحكمة التاريخية الأفريقية.