نحن فخورون بما حدث في المؤتمر الاقتصادي. والتعاقدات التي أبرمت. ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها للمشروعات المستقبلية في كل المجالات.. ووصلت حجم الاستثمارات التي دخلت مصر في المؤتمر الاقتصادي 165 مليار جنيه.. وللأسف ليس فيها استثمار واحد للثروات المعدنية... هكذا بدأ الدكتور عبد العال حسن عطية استاذ الجيولوجيا وعضو عدة مجالس نوعية في مجال الثروة المعدنية الحديث في الندوة التي نظمتها ¢الجمهورية¢ في إطار سلسلة ندواتها "ماذا بعد المؤتمر الاقتصادي" وأدار الندوة فهمي عنبة رئيس التحرير وشارك فيها كل من اللواء أيمن عبد التواب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية. والمهندس نبيل رفعت عبد الوهاب ممثل شركة CMC الصينية. والدكتور نبيل المراغي المتخصص في تحلية المياه. والدكتور مهندس سامي الزيني أستاذ التخطيط الإقليمي والتنمية الزراعية. أعرب عطية عن عدم سعادة العاملين بقطاع الثروة المعدنية من تجاهل هذا القطاع علي الرغم من أهميته في التنمية الاقتصادية.. وقال إن النمو الاقتصادي لابد ان يتم من خلال الانشطة المختلفة في وقت واحد وبسرعة واحدة.. مشيرًا إلي أن مصر لديها ثروات معدنية بدءاً من الحجر الجيري حتي الذهب بنسب متفاوتة... ولازال بعضها بكرًا. قلنا.. هل تعد مصر من الدول الغنية بالثروات المعدنية؟ وماذا عن حجمها وآفاقها ؟ قال .... مصر لديها خامات متوافرة بكثرة واخري متوسطة وثالثة نادرة... وأوضح.. تشمل الخامات التي تتوافر في مصر بكثرة الفلسبار. والرملة البيضاء والدولوميت والحجر الجيري. والفوسفات. والرخام والجرانيت... والمشكلة لدينا عدم وجود مصانع لتجهيز الخامات المستخرجة وتحضيرها كمنتج وسيط. ولهذا السبب فإن معظم هذه الخامات تصدر بأسعار منخفضة جداً... ويتم اعادة استيرادها مجهزة مرة أخري بأسعار عالية... مشيرا الي ان عملية التجهيز لا تحتاج أكثر من كسارة. وطحانة. وغربال. وضرب مثالا بالفلسبار الذي يتم تصديره خام بسعر 120 جنيهاً للطن.. ويعاد استيراده بسعر 100 دولار للطن. التصنيع هو الحل قلنا ... وما الحل ؟ قال ... الحل في تعميق ونشر ثقافة تصنيع الخامات.. وتعديل قوانين التعدين بحيث يتم تصنيع الخامات بدلاً من تصديرها للخارج بأسعار منخفضة.. وتشجيع التصنيع المحلي للزجاج والسيراميك من خلال خطوط إنتاج خامات وسيطة من الفلسبار والسيلكا. وقال ان مصر تصنف علي انها من الدول العشر الاولي علي مستوي العالم في خام السيلكا والمعروف ان السيلكا المصرية من أجود انواع الرمال البيضاء ومع ذلك نستورد رمل السيلكا والأظرف اننا نستورد رمل للكلاب والقطط!! وننتج من خام البنتونيت الذي يستخدم في تكرير الزيوت وسوائل الحفر 32 ألف طن سنويًا وفي المقابل نستورد بما يوازي 12 مليون دولار.. حتي الملح نستورده!! والأمثلة كثيرة في الخامات التي نصدرها كما هي ونعيد استيرادها إما نصف مصنّع أو مصنّع تصنيعا كاملا ... ومنها كما يقول د. عبد العال الملح الذي ننتج منه 4 ملايين طن سنويا .. وترتيب مصر رقم 16 في الدول المنتجة للملح... ولأننا ليس لدينا صناعة علي هذا الخام فإننا نصدر الملح الصخري بسعر 8 جنيهات للطن ثم نعود لاستيراد ملح الطعام من السعودية والاردن كما نستورد املاح كبريتات الصوديوم لاستخدامها في صناعة المنظفات والزجاج ... قلنا ... هل هناك صناعات اخري غير انتاج ملح الطعام تقوم علي انتاج الملح؟ قال ... هناك 378 صناعة يمكن ان تقوم علي الملح ... يمكن من خلالها توفير 2000 فرصة عمل ... وهناك خامات متوسطة الاتاحة - يستطرد - كخام التلك. البوتاسيوم. الألمنيت. والفوسفات. والكبريت.. وقال ان مصر غنية بخام الحجر الجيري عالي النقاء فلدينا 4 آلاف محجر لهذا الخام ... مرخص منها 400 محجر فقط والباقي 3600 محجر غير مرخص.. قصور اللائحة قلنا ... حجم التراخيص في التعدين قليلة جدا ... ما الحل في هذا؟ قال ... لابد من تنظيم التعدين العشوائي . والدراسة الكافية للائحة التفيذية لقانون التعدين ... قبل اقرارها في مجلس الشعب القادم ... ففي القانون الكثير من اوجه القصور التي لا تدعم الاستثمار في الثروات المعدنية ... لأنه من المعروف ان هذه النوعية من الاستثمار عائدها بطيء...وقال ان وارداتنا من الصخور واحجار الزينة تصل الي 830 مليون دولار ... وطالب بأن يتوقف السفه في الاستيراد.. واكد انه لابد من وضع رسم وارد علي الاستيراد لحماية انتاجنا ... واشاد د.عبد العال بالقرار الجمهوري الذي صدر منذ شهرين بإنشاء 82 مصنعًا للخامات التعدينية فقط في ابوذنيمة ... قلنا ... هل يمكن تحديد أكثر المناطق التي تتوفر فيها الثروات المعدنية .. واين تتركز الثروات المعدنية في مصر؟ قال ... بالطبع فالمعروف ان معظم الثروات المعدنية تتركز حول المثلث الذهبي والصحراء الشرقية ... وتتركز مناجم الفحم في عيون موسي ويقع منجم التنجستين علي طريق قفط القصير ... أما الذهب فلدينا 120 منجما لانتاج الذهب... سألناه ... هل يمكن ان نقول ان ثرواتنا المعدنية مستنزفة؟ قال ... لا والحمد لله ... لحسن الحظ ان معظم ثرواتنا المعدنية لازالت في الحفظ والصون ... وربما كانت هذه هي الحسنة الوحيدة لعدم دخولنا في انتاج وتصنيع الثروات المعدنية بشكل كامل حتي الآن. وقال ان مخزون مصر من الثروات المعدنية وخاصة المتوسطة والنادرة لايزال كما هو ..... وهذه ميزة نسبية للاستثمار في مجال الثروات المعدنية ... خاصةً وأنها ثروات غير متجددة ... مناطق صناعية قلنا ... ماذا تقترح لتعظيم الاستفادة من هذه الثروات المعدنية ؟ قال ... اقترح ان تكون هناك مناطق صناعية في اماكن تمركز الخامات ... مثل المغارة التي يتركز فيها الفحم والرخام واحجار الزينة... وانشاء 5 مناطق صناعية حول منخفض القطارة الغني بالملح والحجر الجيري . حيث انتاج الملح خاصة كربونات الصوديوم ... واقترح انشاء منطقة صناعية في سيناء تستخدم فحم المغارة في انتاج الطاقة الكهربائية لتشغيل مصانع الرخام ومصانع تجهيز الخامات. وصناعات الأسمدة في مناطق توافر الفوسفات. وفي النهاية أكد أن لديه حزمة من المشروعات الجاهزة للتنفيذ في مجالات التعدين المختلفة.. اللوغاريتم وأشار اللواء أيمن عبد التواب نائب محافظ القاهرة إلي أن هناك تحديات تواجه مصر وأهمها محدودية الأرض والطاقة والمياه. فالمتاح من المياه لا يتعدي 70 مليار متر مكعب تشمل مياه نهر النيل والآبار والبحيرات والأمطار. وفي المقابل احتياجاتنا تزيد علي 120 مليار متر مكعب..؟! ونعيش علي 8% فقط من مساحة مصر. والزيادة السكانية مستمرة!! ولحل هذا اللوغاريتم نحتاج لدراسات ورؤي ومقترحات من الخبراء والمتخصصين للخروج من هذا المأزق ومواجهة تلك التحديات.. بالبدائل المتاحة. ومن تلك البدائل التي تم طرحها استغلال منخفض القطارة والظهير الصحراوي ووادي العلاقي كامتداد طبيعي للدلتا المصرية. وإدخالها في الخريطة العمرانية.. وقال إنه في هذا الإطار أعد د.سامي الزيني نموذجًا فكريًا جديدًا لاستغلال المعطيات المحدودة وتعظيم الاستفادة منها.. في إنشاء مجتمع عمراني ذاتي الإنتاج.. يعتمد علي البيئة المحيطة به وعلي مخرجاته في إنتاج الطاقة. نموذج تطبيقي استعرض المهندس الاستشاري سامي الزيني أستاذ التخطيط الإقليمي والتنمية الزراعية النموذج المبتكر الذي أعده وقام بتطبيق صورة مصغرة منه في أرض مستصلحة بطريق مصر - الإسكندرية الصحراوي. ويشمل هذا النموذج الأرض الزراعية المستصلحة ومنطقة سكنية متكاملة ملحقة تعرف بالمستقرات.. ويتم بناءها في أشكال ثمانية الأضلاع. علي مساحات مختلفة. سألناه : هل يمكن أن نحدد تكلفة هذا النموذج ؟ قال إن النموذج الذي تم تطبيقه كان علي مساحة 400 فدان. وتتراوح تكلفته ما بين 150 إلي 300 مليون جنيه. وفقًا لنوع المحاصيل والتجهيزات. قلنا.. متي يمكن أن يعود رأس المال للمستثمر ؟ قال يمكن لرأس المال أن يعود خلال 5 إلي 7 سنوات. نآكل الأرض سألناه : ما أهمية تطبيق هذا النموذج بشكل خاص؟ رغم تكلفته المرتفعة من وجهة نظرنا؟ أجاب : أن هناك حاجة ملحة للخروج من الوادي الضيق إلي الصحراء الشاسعة.. بفكر جديد وآليات حديثة تتناسب مع محدودية الإمكانيات من الأرض الصالحة للزراعة. والطاقة. والمياه. فنحن أصبحنا - للأسف وعلي حد تعبيره - نأكل الأرض بدلاً من أن نأكل منها. ونعيش الآن بعد كل التوسعات في الصحراء علي نسبة 8% من مساحة مصر فقط. وهناك زيادة سكانية ستصل إلي 180 مليون نسمة عام 2050م. وهناك خفض في إنتاجنا من البترول مما انعكس علي صادراتنا.. ولدينا عجز في موارد الوقود التقليدية. وعجز في المياه.. وقريبًا سنصل لحد الفقر المائي.. وبالإضافة لما سبق لدينا حجم هائل من المخلفات. ولكل الأسباب السابقة نحتاج لإنشاء مجتمعات عمرانية زراعية جديدة في الصحراء فيها الأرض الزراعية. وأماكن لإقامة الأسر تسمي ¢المستقرات¢ وملحق بها منطقة خدمات. وتضم مزارع سمكية تعتمد علي مياه الصرف الزراعي المعالج. ومزارع للإنتاج الحيواني مخصص لها مساحات في وسط المستقر. وتعتمد هذه المنظومة علي نفسها في إنتاج الطاقة. إما باستخدام الخلايا الشمسية أو البيوجاز أو توربينات الرياح. هذا بالإضافة إلي استخدام الطرق والتوقيتات الحديثة في الري لتقليل نسبة الفقد والمياه المستخدمة. والتكامل بين الأنظمة المختلفة في منظومة الزراعة والتعمير. اتحاد شبابي سألناه : مبادرة استصلاح 2 مليون فدان بالصحراء التي أعلن عنها.. هل يمكن تطبيق هذا النموذج عليها ؟ قال : بالتأكيد. فهذا النموذج يمكن تطبيقه علي مساحات مختلفة ووفقًا للرغبات. حيث يمكن تجميع عدد كبير من الشباب في عدة مستقرات. قلنا : ولكن التكلفة قد تمثل عبئاً علي الشباب ؟ قال : إن هؤلاء الشباب يمكن ان يشكلوا اتحادًا لهم. يتم من خلاله الاتفاق مع أحد المستثمرين أو البنوك لتمويل هذا المشروع في البداية بأحد الأنظمة الاقتصادية والمتعارف عليها. وفي النهاية أبدي الدكتور نبيل رفعت عبد الوهاب وكيل الشركة الصينية CMC استعداده لعرض أية مشروعات مصرية في مجالات التعدين والزراعة والتعمير علي مجلس إدارة الشركة للموافقة عليها وتمويلها بشرط جدية المستثمر.