لابد أن نتوقف ملياً. أمام العملية الإرهابية التي حدثت منذ أيام. والتي هاجم فيها الإرهابيون. كمين "الخروبة". جنوب "الشيخ زويد". بعربة إسعاف يقودها ثلاثة انتحاريين. في ظل أربع هجمات أخري. في ذات الوقت. بهدف تشتيت القوات المسلحة والأمن. علي كمائن "الوفاق". و"ولي لافي". بجنوب "رفح". و"قبر عمير". و"البوابة". بجنوب "الشيخ زويد". ونجم عنها سقوط أكثر من 20 شهيداً. وعشرات المصابين. ومقتل أعداد من الإرهابيين. منهم ثمانية كانوا يرتدون زي القوات المسلحة كاملاً. الذين كانوا يستقلون أكثر من 15 سيارة. و6 دراجات بخارية. عليها مدافع رشاشة 500 ملي. و1000 ملي. ويحملون أسلحة رشاشة. وقذائف "آر بي جي". التي أطلقوها بصورة عشوائية علي منازل الأهالي. مما أدي إلي "مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين". كما نشرت الصحف! هي الحرب إذن. بكل مشتملاتها وتفاصيلها. التي تخوضها مصر ضد الإرهاب "المعولم". أي المرتكز إلي أجهزة ودول وإمكانات خارجية هائلة. ويشارك في التخطيط لها. وتمويل وتنفيذ جرائمها. جهات أجنبية. لتحقيق أجندات تخدم مصالح غير وطنية. لأطراف يجب أن يصنفوا باعتبارهم أطرافاً معادية لاستقرار وطننا. ونهضته. واختيارات شعبه. في مقدمتهم الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتركيا وقطر. "رغم الاستقبال البروتوكولي لأميرها تميم". ولتحقيق مصالح عملائها في الداخل. وفي مقدمتهم جماعة "الإخوان المجرمين"!.وإذا لم تكن هذه النقاط واضحة كل الوضوح. ومفهومة. بما فيه الكفاية. ومعلومة كل العلم. لنا جميعاً. سيكون من الصعوبة بمكان الانتصار في هذه المعركة المصيرية. وسنتكبد تكاليف باهظة. مادية وبشرية ومعنوية. لا داعي لها ولا ضرورة! وإذا سلمنا بما تقدم. وهو أمر يبدو بديهياً لكل ذي عينين. ولكل صاحب ضمير حي. فالمؤكد أننا نحتاج لأكثر مما هو قائم الآن. حتي نحسم المعركة في مواجهة هذا النوع من الإرهاب "المعولم" بالنصر التام! وقد ذكرت مراراً. وأعيد التذكير. بأن هذا النوع من الإرهاب. أخطر وأكثر ضراوة بكثير. من إرهاب الثمانينيات والتسعينيات. المحلي. والفقير الامكانات والغايات. والذي أمكن للسلطة. وبسهولة نسبية وتضحيات مقبولة. حصاره وفرض التراجع علي أطرافه. لأنه أولاً: كان محدود القدرات والكفاءات. وثانياً: لأن صلاته الخارجية كانت معدومة أو متواضعة للغاية. وثالثاً: لأنه كان لا يملك القدرات التقنية. وفي مقدمتها وسائل الاتصال الحديثة. والتي تمكنه من تفجير العبوات عن بعد. وتصوير عملياته الإجرامية. ونشرها علي أوسع نطاق. ورابعاً: لأنه كان معزولاً لا يمكنه. كما يحدث الآن. استقدام الخبراء. والإرهابيين المدربين. في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا.... الخ. ولأنه خامساً. لم يكن متمتعاً بظهير دولي يمده بالمال والسلاح "المفتوحة مخازنهما في قطر وتركيا وليبيا وغزة". بلا حدود أو سقف!.. إلخ. هذا الوضع يستدعي مقاربات أخري. وخططاً تكتيكية واستراتيجية مختلفة. ومفهوماً جديداً للصراع يقوم علي المبادئ التالية: * إننا نخوض حرب وجود. لا تملك مصر إلا أن تنتصر فيها. * لابد أن نهيئ أنفسنا لمعركة طويلة. لن تحسم بين عشية وضحاها. * الحرب ضد الإرهاب نوع من المعارك. أصعب وأشق من حروب المواجهات الواضحة. كالحرب ضد عدو أجنبي. أو محتل خارجي. حيث تكون المواجهة واضحة المعالم. محددة القسمات. عكس الحرب ضد الإرهاب التي تختلط فيها الأوراق. ويعيش الإرهابيون خلالها بين ظهرانينا. ويقاسموننا اللغة والمعيشة. ويتغلغلون في نسيج حياتنا... إلخ! * يحتاج الأمر والحال هكذا إلي أكثر من المواجهة الأمنية. التي لا مفر من استخدامها بحسم ضد أعداء الأمة. يحتاج إلي "تجييش" المجتمع كله ضد الإرهاب والإرهابيين. وإلي كل طاقة الدولة في هذه الحرب المصيرية. ولا يصح فيها أن تخوض القوات المسلحة وقوات الأمن المعركة. بينما قطاعات أخري في الدولة والمجتمع. لاهية عما يدور. غير مشاركة في "المجهود الحربي" بالمعني الشامل. أي وضع كل الطاقات الوطنية في خدمة الحرب ضد الإرهاب. ولإلحاق الهزيمة بمخططاته. * وساحات هذا النوع من الحروب أوسع بكثير من مسارح القتال العسكري التي تدور وقائع الحرب فوقها. فهي حرب تخاض علي المستوي الفكري والثقافي والتعليمي والديني والإعلامي والتكنولوجي.. إلخ. وهو أمر أوسع وأشمل مما نقوم به الآن. إنها حرب علي التراخي والسلبية وتهلهل جهاز الدولة والبيروقراطية والفساد. وهي حرب بناء مصر المستقبل. لا يمكن الانتصار فيها بالأدوات التي فشلنا في حل مشكلاتنا بها في الماضي! * وأخيراً. فهذه الحرب تحتاج إلي جناحين للانطلاق نحو النصر فيها. الأول: الحرية بالمعني العميق. أي بانتفاء تصور أنها تحتاج إلي تكميم الأفواه. والتستر علي انتهاك الحقوق واللجوء إلي "القبضة الحديدية" للفوز فيها. علي العكس فلقد أثبتت التجربة أن الشعب الحر وحده هو الذي يقدر علي تكاليف الحرب. ويملك مفاتيح الانتصار. أما الجناح الثاني فهو العدالة الاجتماعية. لأن العدل هو أساس الملك. وحتي يملك المواطن ما يقاتل لحمايته. وما يدافع عنه ويسعي إلي تطويره وتعظيم مساحته لأبنائه وأهله!