العدالة وتكافؤ الفرص والإنصاف الاجتماعي طال انتظارها ويجب أن نبدأ في استثمار الفرص المتاحة لتنفيذها أو القدر الأكبر منها علي أقل تقدير. تكافؤ الفرص بين الشباب في فرص التوظيف المحدودة بالقطاع الحكومي يجب أن تطبق معايير العدل والتكافؤ والإنصاف والحد بقدر المستطاع من المجاملات والواسطة والمحسوبية التي أفسدت حياتنا ولا تزال. أعلنت وزارة التأمينات أو التضامن الاجتماعي من خلال صندوق التأمين للعاملين بالقطاع العام والخاص عن مسابقة للوظائف من خريجي الجامعات في وظائف محاسبين وقانونيين وبعض الوظائف الأخري. وهي المرة الأولي منذ فترة طويلة الذي يتم الإعلان عن هذه الوظائف في مسابقة عامة نشرت في الصحف وتم تحديد مواعيد المقابلات لهؤلاء المتسابقين في محافظات عديدة. ورغم عدم الوضوح والشفافية حول عدد المتقدمين فإنه سيكون ضخما نتيجة تراكم الخريجين بلا وظائف وهذه هي الجهة الوحيدة التي أعلنت عن ذلك بالإضافة إلي مسابقة أخري للمعلمين. ومسابقة التأمينات أو صندوق التأمين يجب أن تراعي العدل والإنصاف وتكافؤ الفرص فليس من المقبول أن تتعلق الآمال لهؤلاء الخريجين بالوظيفة ثم يظهر في النهاية انها مجرد ستار لتعيين أبناء العاملين أو الأقارب أو من لهم سند ولديهم كارت توصية ولو كان هذا صحيحا فما هو جدوي عقد لجان المقابلات وإرسال الخطابات وتحمل تكلفة اللجان والمصروفات إذا كانت في النهاية لا يستطيع أبناء العامة النفاذ إلي هذه الوظائف وكأنها حكر علي أبناء العاملين في أسرهم وذويهم.. ولهذا أتوقع أن تصارح الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الرأي العام بالموقف الحقيقي لهذه المسابقة وقواعدها.. والأسس التي سيتم الاختيار عليها. وما هو الحجم الحقيقي لعدد المتقدمين.. وأسس وضوابط الاختيار وفق تقدير الخريجين وأعمارهم.. فليس من المقبول أن يفتح الطريق أمام الحاصل علي تقدير مقبول بينما الحاصل علي تقدير جيد أو جيد جدا لم تتاح له الفرصة. لا تصنعوا المزيد من الإحباط واليأس في نفوس الشباب. ربما يكون الأمر صعبا أن نكاشف بالحقيقة أو نحدد معايير الاختيار ولكننا في حاجة إلي ذلك لأننا نلوم الشباب علي تصرفاتهم ولم نقدم لهم ما يصنع القدوة والثقة ويدفعهم إلي الانتماء فالمسابقات للوظائف في مصر أصبحت مجرد ستار لتعيين أبناء العاملين أو المحظوظين في الوقت الذي يقف في طابور الانتظار كفاءات وقدرات لم تتوافر لهم ميزة أبناء العاملين أو النفاذ إلي المشرفين علي المسابقة ولعل من باب المكاشفة والصدق والأمانة أن تعلن الدكتورة الوزيرة ولو لمرة واحدة حظر تعيين أبناء العاملين.. وحظر تعيين أقارب أعضاء لجان مقابلات الامتحانات وإعطاء الأولوية للأعلي تقديرا من الخريجين ووضع أسس واضحة وكاشفة ترضي الغالبية العظمي من المجتمع المصري. ونحتاج إلي إزالة الغبار عن مسابقات الوظائف بما يحوطها من شبهات المجاملات والواسطة وفتح الطريق لتحقيق أكبر قدر من العدالة وتكافؤ الفرص. وبعد هذا كله ستصبح المسابقات في صورة عادلة مائة في المائة ولكننا ننتظر أكبر قدر من العدالة والإنصاف وحتي تبدأ مرحلة جديدة بها نوع من الصدق والأمانة والحيدة والنزاهة. والتطوير الذي تسعي إليه وزارة التضامن ورفع كفاءة الأداء والإنجاز يحتاج إلي الخروج من دائرة أبناء العاملين والوساطة والمجاملات لأن هؤلاء وراء تدهور الأداء وعدم المحاسبة في غالبية مكاتب وفروع الصندوق. وليس غريبا أن تجد أسراً بكاملها حتي الآن تدير فرعا أو إدارة بوزارة التضامن ومديرياتها أو فروعها أو مكاتب صناديق قطاع الأعمال العام والخاص. أسر بكاملها الأب والأم والابنة والأخ فكيف يمكن المحاسبة عن الأخطاء وكيف يمكن التطوير في ظل هذه الصورة التي تهدم المحاسبة. هذا ما كان يجري في الماضي ولا نحاسب عليه الآن ولكننا نحاسب علي المستقبل بوضع سياسة جديدة تحقق الكفاءة والعدالة والموضوعية والإنصاف حتي يمكن المحاسبة وتقديم خدمة أفضل لجمهور المتعاملين. ومسابقة الوظائف في التأمينات والأخري في وزارة التربية والتعليم هي اختيار حقيقي لمدي قدرة الحكومة والوزارات علي تحقيق العدل والإنصاف وتكافؤ الفرص وإلغاء المجاملات والواسطة أو الحد منها علي أقل تقدير. هذه المسابقات وبخاصة خلال الفترة الحالية ستقدم نموذجا علي التغيير هل نسير إلي الأفضل ونفتح طريقا جديدا نحو العدل والإنصاف أم أننا لا نزال أسري النظم القديمة التي لا تراعي تكافؤ الفرص أو العدل والإنصاف. كما يقول المثل الانجليزي دعنا ننتظر ونري.. ونصدر حكما بعد انتهاء عمليات الاختيار.