في كل محافظات مصر.. تنتظر المناطق الصناعية والمناطق الحرة دورها في اهتمامات الدولة بكل مؤسساتها وحكومة محلب بكل جولاتها. طويلاً عانت هذه المناطق أشكالا شتي من الاهمال واللامبالاة.. من البيروقراطية والروتين من تراخي الاختصاصات واستئساد المركزيات وتنازع السلطات.. وضياع الإيرادات.. يراها البعض الأمل الحقيقي في العبور بمصر الي الاستقرار الاقتصادي وتقريب الفجوة بين الانتاج والاستهلاك. يؤكد الخبراء أنها الوسيلة الأمثل لامتصاص بطالة المدن والقري باعتبارها تنشأ "بينهم" لا يحتاجون معها سفراً ولا بحثاً عن مسكن أو إيواء. مع تعاظم الآمال باقتراب الاستقرار.. وتعويض ما فات. ومع تفاقم مشكلة البطالة.. وتزايد الفجوة بين ما ننتجه وما نستورده. تتجلي أهمية الاستثمار بكل أشكاله.. وتتجسد قيمة المناطق الصناعية بالمحافظات أملاً وخلاصاً من كبوة حقيقية يعيشها الاقتصاد المصري.. وموارد تتضاءل تعاني منها المحافظات. مصانع بالآلاف أغلقت أبوابها وقذفت الي الشارع مئات الألوف من العمال واظلمت حياة أسرهم. قطع بالآلاف حصل عليها المغامرون.. هدفهم تسقيع الأراضي ثم بيعها بأضعاف أضعاف ثمنها. عشرات المناطق الصناعية نسيت الحكومات المتعاقبة مدها بالمرافق.. فعاشت حياتها محلك سر.. ويصدق المثل "وكأنك يا أبوزيد..". في محافظات مصر انتشر مديرو مكاتب الجمهورية ومحرروها المقيمون.. يعايشون واقع حال الاستثمار بالمحافظات تركيزاً علي المناطق الصناعية.. والمناطق الحرة ومروراً بالمدن الجديدة. سباتها العميق.. تعيد دورة الحياة فيها.. تفتح شرايين الطرق فيها.. وتشق بطونها بالبنية التحتية من صرف صحي ومياه شرب وكهرباء.. الخ وعائداً أعلي.. واستيراداً أقل.. لهذا نبدأ اليوم.. جولتنا. جنوبسيناء كنوز تكسوها الرمال والإهمال أشرف عبدالظاهر رغم أن جنوبسيناء مترامية الأطراف وتحظي بالعديد من الثروات التعدينية والموارد المحجرية الهامة والتي تدخل في كافة الصناعات الحديثة أبرزها خام الذهب والرمل الزجاجي والرخام والألبتيت والفلسبار والكولينا والجبس والمنجنيز واليوريا إلا أن القليل منها مستغل والباقي يعد كنوزاً ضائعة حتي المنطقة الصناعية الوحيدة بأبوزنيمة لم يعمل بها سوي 4 مصانع فقط والباقي حبر علي ورق لعدم توفيق المنطقة وبالتالي لم يقم المستثمرون بإنشاء مصانعهم لعدم وجود إمكانيات وقامت المحافظة بسحب الأراضي من المستثمرين غير الجادين الأمر الذي ألقي بظلاله علي انتشار آفة البطالة وإهدار حقوق المواطنين في إيجاد فرصة عمل للحد من اتجاههم إلي الأعمال غير المشروعة. "الجمهورية" التقت عدداً من قاطني الوديان والتجمعات البدوية بسيناء والمستثمرين للتعرف علي المشكلات التي تواجههم. قال هاني صقر العضو المنتدب لشركة سيناء للتعدين إن المنطقة تحتاج إلي سرعة إصدار قرار من الرئيس لإعلانها منطقة صناعية إلي جانب إنشاء الطريق الموازي للطريق الدولي الممتد من نفق الشهيد أحمد حمدي وحتي مدينة أبوزنيمة لضمان عدم قوع حوادث علي الطريق إلي جانب ضمان التأمين وتساءل هل المنطقة الصناعية سيكون لها نصيب من تلك الاعتمادات لاحيائها مرة أخري وتري النور؟ من جانبه أوضح أحمد مجدي شاهين نائب رئيس مجلس إدارة شركة الشاهين للصناعة والتعدين أن تفعيل دور الميناء يؤدي إلي إنعاش حركة التصدير وطالب بضرورة أن يكون هناك تنسيق بين المحافظة والهيئة والمستثمرين لضمان ترفيق المنطقة بالمياه والكهرباء والصرف والغاز. قال شحته حسين عضو مجلس الشوري المنحل بالمحافظة إن أبناء سيناء لابد أن يتم تخصيص مصانع لهم وبشروط غير مجحفة وطالب بضرورة إقامة منطقة خدمية بجوار المنطقة الصناعية تضم مجمعات غذائية ومحال تجارية تخدم المصانع والعاملين بالشركات وطالب شحته الرئيس بسرعة استصدار قرار جمهوري خاص بالمنطقة الصناعية بأبوزنيمة حتي تتحقق التنمية الحقيقية علي أرض سيناء وتخلق الآلاف من فرص العمل. وأكد أحمد حسين ندا هريش ابن قبيلة القرارشة وأحد قاطني قرية وادي فيران التابعة لمدينة أبورديس أن هناك العديد من المشكلات التي تواجه شباب البدو وأبرزها البطالة حيث لا يوجد داخل المحافظة مشروع قومي واحد يستوعب خريجي المدارس الفنية والمعاهد والجامعات للعمل به كما لم يستغل الثروات التعدينية والموارد المحجرية الموجودة داخل الجبال بكميات هائلة علي شكل عروق متعددة الألوان الاستغلال الأمثل منذ عودة سيناء إلي أحضان الوطن وحتي الآن لطرق صناعية تسمح بتسيير سيارات النقل الثقيل من سيناء إلي منطقة شق الثعبان بالقاهرة لإعادة معالجة خام الرخام لبيعه بالأسواق. وأشار ابن قبيلة القرارشة إلي أن معظم الشباب يعتمدون علي العمل في قطاع السياحة الذي تراجع كثيراً مقارنة بالسنوات الماضية وأصبح لا يحقق متطلباتهم ورغباتهم المعيشية وأعباء الحياة مما قد يدفعهم إلي سلك طرق غير مشروعه. وتساءل هل الدولة عاجزة عن استغلال الثروات التعدينية والموارد المحجرية التي تزخر بها جبال سيناء خاصة بعد زيارة السيد عماد عبدالغفور مساعد رئيس الجمهورية للمنطقة الصناعية بأبوزنيمة مؤخراً لبحث المشاكل التي تواجهها! استغلال الثروات البشرية من جانبه أكد المهندس الاستشاري محمد عبده حسين صاحب فكرة مشروع المدينة الصناعية أن هناك دراسة لإقامة مشروع اقتصادي وصناعي وتجاري تمتلكه الدولة في المنطقة الواقعة بين طور سيناء وشرم الشيخ علي ساحل خليج السويس وتأتي الدراسة في بدايتها لما تحظي به المنطقة من موقع عالمي معتدل المناخ علي مدار العام تصلح لمشروعات الاسكان وتخزين وتصنيع المواد الخام وتبلغ مساحته ملياراً و500 مليون مترمربع ويمكن الوصول إليه بكافة و سائل المواصلات براً وبحراً وجواً مما يؤهلنا "كدولة" الاتصال بالعالم إذ تختصر المسافة بين الدول لنقل الخامات التعدينية وغيرها من المنتجعات في وقت قياسي مما يؤثر إيجابا في عمليات الإنتاج والتسويق. وتقوم عناصر المشروع علي إقامة ميناء بحري ومطار شحن بضائع ونقل ركاب ومخازن ومراكز وتوزيع ومصانع مختلفة الأنشطة شاملة المخازن الخاصة بها والمعارض الدائمة وإسكان العاملين بالاضافة إلي مشروعات سكنية وإدارية تشمل مكاتب خدمات مختلفة ومقار شركات ومتاجر وأسواقاً وأراضي للمعارض الدائمة والأنشطة الترفيهية والخدمات الصحية والتعليمية والرياضية وإقامة الحدائق والميادين ومحطات توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر. ترفيق المنطقة وازدواج الطريق أكد خميس حسن شعلة مدير عام المنطقة الصناعية بأبوزنيمة أن المنطقة الصناعية البالغ مساحتها 3908 أفدنة 16 كيلومتراً مربعاً تضم ثلاثة مصانع فقط للجبس والرمل الزجاجي مشيراً إلي أن معوقات الاستثمار والسبب الرئيسي في عدم اقامة المصانع بها وعزوف المستثمرين الصناعيين عن الاستثمار هو افتقارها إلي البنية التحتية من الكهرباء والمياه والصرف الصحي واستكمال شبكة الطرق. وأوضح مدير المنطقة الصناعية أن هناك 150 محجراً منتشرة بمختلف المدن والقري والوديان والتجمعات البدوية بسيناء وجميعهم يخدم المنطقة الصناعية يضم خامات الرمل الزجاجي الذي يدخل في صناعة الأدوات الصحية والسيراميك والزجاج والكريستال والالكترونيات وتزخر سيناء بملايين الاطنان من هذا الخام وفي المنطقة الصناعية يوجد علي الأقل 50 محجر رمل زجاجي من أنقلي الخامات علي مستوي العالم واليوريا الذي يدخل في صناعة البتروكيماويات والأسمدة اللازمة لتسميد الأراضي الزراععية وموجود بالمحاجر بكميات هائلة لا حصر لها خاصة وأن بعضها تم اكتشافه والبعض الآخر لم يكتشف بعد وخام الحجر الجيري الذي يعد المصدر الاساسي لكربونات الكالسيوم سواء الطبيعية المطحونة أو المترسبة. أكد المهندس مدحت صلاح مدير عام التخطيط العمراني أن المنطقة الصناعية تعمل بها 4 مصانع فقط وهي مصانع الجرانيت وشركة زهرة سينا للجبس ومصنع الرواد للتعدين وزد عبر البحار للرخام وقد قامت المحافظة باتخاذ الإجراءات القانونية مع المستثمرين غير الجادين وقامت بسحب تراخيص الأراضي من عدد 25 مستثمراً بعد أن أعطتهم المحافظة مهلة لتوفيق أوضاعهم وتقوم حاليا المحافظة بالعمل في المرحلة الأولي لترفيق المنطقة بالتنسيق مع الهيئة العامة للتنمية الصناعية بتكلفة 26 مليون جنيه اعتمدتها وزارة المالية بعد جهود مكثفة من وزارة الصناعة مشيراً إلي أننا مازلنا في انتظار تصديق رئاسة الجمهورية علي إنشاء المنطقة لاستكمال بقية المرافق التي نعمل فيها علي قدم وساق حتي تكون جاهزة بعد التصديق. موافقة الرئاسة من ناحية أخري أكد اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء أنه وضع المنطقة الصناعية في مقدمة اهتماماته منذ توليه المسئولية كمحافظ للإقليم واستطرد قائلا إنه حرص علي لقاء الوزراء المختصين ورئيس هيئة التنمية الصناعية لإزالة جميع العقبات ووعدوني جميعهم بحل كافة المشاكل وإدخال المرافق فور التصديق علي إقامة المنطقة من رئاسة الجمهورية وقد سبق أن وافق مجلس الوزراء علي اقامة المنطقة وفي آخر لقاء مع الرئيس عدلي منصور بحضور ومشايخ القبائل وعدني بالموافقة فوراً بعد الانتهاء من إجراءات الأثر البيئي خاصة والحمد الله انتهينا منه وذلك بعد معاناتهم منذ بداية التسعينيات من عدم توفير المرافق إليها مما أدي إلي هروب العديد من المستثمرين الصناعيين وعدم الاستفادة من مواردها التعدينية فضلا عن الاستفادة من الموارد التعدينية وذلك بهدف تحقيق الجدوي الاقتصادية منها وتوفير فرص عمل للشباب مع طرح المنطقة الصناعية للاستثمار العالمي خلال مؤتمر الاستثمار الذي سيعقد بجنوبسيناء خلال الفترة القادمة بحضور رجال أعمال ومستثمرين مصريين وأجانب.