التباين الشديد في توزيع الثروة في مصر وتفاوت مستوي الدخل أوجد طبقة صغيرة لا تزيد علي 5% تمتلك أكثر من 95% من ثروة البلاد وطبقة عريضة تعيش علي الكاف مما ترتب عليه انقسام الشعب إلي أقلية تملك كل شيء وتعيش في رفاعية وبذخ لا يشغلها شيء من هموم المواطن المعيشية والوطنية في مقابل أغلبية كاسحة مشغولة بتلبية احتياجاتها الأساسية من المأكل والملبس والسكن والعمل وهي أيضا ضحية أي تدهور اقتصادي أو قلاقل سياسية لذلك فإن تنظيم توزيع الثروة ودور واضح للدولة علي الموارد الطبيعية والاقتصادية وتوجيهها لخدمة البسطاء هي السبيل الوحيد لتجنب ثورة جياع يمكن أن تهدد السلام الاجتماعي وهذا يحمل ما يراه الشارع المصري في قضية العدالة الاجتماعية. محمد أحمد يعمل بالتوريدات ويقطن بالظاهر يتعجب من الحكومات التي تساعد الغني ليزداد غنا والفقير ليموت فقرا فكل ما يصدر من قوانين لجذب الاستثمار وتنشيط رجال الأعمال ليجنوا ما يزرعه العاملين لديهم ليهرب في النهاية بما حصده ويترك عماله توافقه الرأي مهدية محمد الصغير معلم أول لغة عربية فالأسعار في ارتفاع مستمر وما نشاهده علي التلفاز يوميا من إعلانات يؤكد أن في مصر طبقة تعيش في واد ونحن في واد آخر لهم القصور والمنتجات ونحن في خدمتهم فقط. عائشة عبده بالمعاش تقول: كنت أشغل وظيفة مرموقة بالدولة وأقيم في حي راق لكن مستوي معيشتي انخفض الآن بسبب المعاش الذي لا يكفي العلاج لندخل في مصاف طبقة محدودي الدخل ونشاهد رجال أعمال مصريون أصحاب ثراء فاحش ومصريون آخرون لا يجدون قوت يومهم فأين دور الدولة ورجال الأعمال؟ وينعي حظه عبدالرحيم محمد مندوب مبيعات من سكان الصف ويقول أنا حاصل علي ماجستير في الإحصاء من جامعة حلوان ولا أجد أي وظيفة لذلك لجأت للعمل بأي مجال لأكفي أسرتي ولن ينصلح حال البلاد إلا إذا اختفي الفساد وساد العدل والمساواة فالوظائف الكبري محجوزة لأبناء كبار رجال الدولة من قضاة ولواءات. لنجد أنفسنا في النهاية تبحث عن العدالة الاجتماعية ولا نجدها. أعمال هامشية باسم عجيبي بائع ملابس يشكو من تدهور حالته الاقتصادية بعد أن كان يمتلك محلا لبيع الملابس يدر عليه دخلا معقولا لأسرته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال ليغلق هذا المحل ويتحول إلي بائع متجول انخفض دخله بنسبة 80% ويرجع ذلك إلي عدم اهتمام الدولة بهذه الطبقة التي كادت أن تتحول إلي طبقة معدومة. علي إبراهيم عامل بمحطة بنزين يقول: انه يعمل في هذه المحطة منذ 8 سنوات وان دخله قد نقص للنصف وخاصة انه يعتمد في دخله علي "البقشيش" من الزبائن ومع الظروف الاجتماعية الطاحنة التي نعيشها أصبحنا بالكاد نحصل علي مرتباتنا. أما حسن محمود حبيب صاحب بازار فيقول: المشكلة بدأت مع بداية مظاهرات 25 يناير حيث أصبح القطاع السياحي أول القطاعات المتأثرة بهذا الخلل الاقتصادي حتي ان المحلات التي كانت تؤجر ب 5000 جنيع لا تجد من يأخذها ب 500 جنيه فقط وأكثر من 75% من العاملين بالسياحة اتجهوا نحو أعمال أخري كوظائف الأمن أو البيع المتجول وغير ذلك وان عائد البيع لا يكفي حتي دفع الكهرباء. ويصب عادل فتحي محام بالنقض غضبه علي القائمين علي إدارة الدولة وما وصلت إليه من انحدار اقتصادي لم تشهده منذ قرون فعلي الرغم من طبيعة عمله الخدمية إلا أنه باع سيارته ليصرف علي أولاده وكذلك تخلي عن أربعة من المحامين المساعدين له في المكتب مرجعا ذلك إلي اقحام السياسة في الاقتصاد والتضحية بكثير من الموارد. توزيع الثروة د. عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس القاعدة الاقتصادية في معظم بلاد العالم ان 80% من ثروات البلاد يملكها 20% من عدد السكان وهذه القاعدة علي الرغم من اختلالها إلا أن مصر حتي لم تحظ بها حيث ان 10% من تعداد السكان يملكون 90% من ثرواتها وهذه النسبة ناتجة عن خلل في توزيع الدخل من تراكمات لبعض السياسات والقوانين الاقتصادية الخاطئة كالفساد والوساطة والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص الذي أنتج مجتمعين منفصلين الأول غني يسكن القصور والشاليهات ويركب السيارات الفارهة ويستورد أكله من الخارج والآخر شديد الفقر يشرب من مياه صرفه ويعيش عيشة الحيوانات في الشوارع ويفتقد أبسط حقوقه الآدمية. مشيرا إلي خطورة تآكل الطبقة الوسطي التي تمثل 40% من عدد سكان معظم الدول وهي رمانة الميزان والكتلة الحرجة التي تحافظ علي توازن المجتمع ولتميزها بالطموح والرغبة في العمل والاجتهاد لزيادة مستواهم الاجتماعي وتآكلها يخلق العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ولا بديل عن تطبيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة ودخل المؤسسات في مصر علي ثلاث جهات وهي المالك والعامل والدولة بالنسب التي يقرها القانون. ويقر د. إبراهيم فوزي رئيس هيئة الاستثمار الأسبق بانقسام المجتمع المصري إلي طبقتين عليا وأخري فقيرة مع تآكل الطبقة الوسطي ويتمثل ذلك في كثرة المجتمعات السكنية الفارهة والمدارس والمستشفيات 5 نجوم في مقابل مساكن تفتقر إلي زساسيات الحياة الآدمية هذه المظاهر ترجع إلي سوء توزيع الدخل فالدولة أعطت الفئة التي لا تحتاج وأغرقتهم بالدعم سواء بالطاقة أو إعفاءات التصدير وتوفير الأراضي بأسعار زهيدة وإدخال المرافق بدون مقابل ليجنوا من ذلك الأرباح الطائلة في المقابل عدم وجود حقوق للعمال وإعطاء الطاقة للمواطنين بأسعار عالية فيشتري أنبوبة الغاز ب 50 جنيها. مسئولية الدولة ويشدد الدكتور صلاح جودة المستشار الاقتصادي لمفوضية العلاقات الأوروبية علي مسئولية الدولة في المقام الأول عما وصل إليه الشعب من فجوة اقتصادية بين أفراده فهي صاحبة السلطة في توزيع الثروات بين أبناء الشعب الواحد فتأخذ من الغني لتغطي الفقير وتبحث في مواردها لتؤثر إيجابا في الدخول برفعها وهذا يتم بإدخال الصناديق الخاصة والتي لا يستفيد منها في النهاية إلا أصحاب المصالح وكبار رجال الدولة للموازنة العامة بجانب ترشيد دعم الطاقة عن مصانع الأسمنت والحديد والأسمدة والألومنيوم والتي تصدر معظم إنتاجها للخارج بعد توقف دول أوروبا عن التصنيع مما يجعلها تبيع بأسعار عالمية وبمباركة الدولة فلماذا نهدر أموال الدعم علي تلك المصانع وترشيد الإنفاق الحكومي من سيارات وإعلانات وخلافه وإصدار قوانين ضريبية حديثة تدخل علي أساسها شرائح جديدة وتكون تصاعدية وأيضا تعديل الضريبة العقارية وإدخال مناطق خارج كردون المدينة ومحاسبتها صريبيا وفرض ضرائب علي معاملات البورصة والثروات الناضبة وكل هذا سيصب في النهاية بخزينة الدولة ليستفيد منها المواطن البسيط المنادي دائما "بعيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية" لنقلل بذلك الفروق بين الطبقات.