تكشف نوعية السكن في مصر الهوة الشاسعة التي تفصل بين افراد المجتمع فبينما نجد البعض سكن القصور والمنتجعات السياحية نجد الغالبية العظمي من الشعب تقيم في العشوائيات والعشش والمقابر وكان لرفع يد الحكومة عن بناء المساكن الشعبية والاتجاه للاستثمار العقاري دوره في تفاقم الأزمة وتوحشها خلال ال30 عاما الماضية وهو ما نتج عنه وجود ثلاثة ملايين اسرة تعيش في المقابر و16 مليون مصري في العشوائيات في القاهرة وحدها بينما انتشرت القصور والقري السياحية بالمدن الجديدة وبطول طريق الاسكندرية الصحراوي. قصور ألف ليلة أحمد ماهر: عملت كهربائيا في العديد من القري السياحية في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد وقد رأيت القصور التي يسكنها الأثرياء والتي تشبه قصور ألف ليلة وليلة في الفخامة والاتساع وما تضمه من كماليات وتحف وديكورات المشكلة إن أصحابها ينظرون لنا ويتعاملون معنا كما لو كنا أجانب ولسنا مصريين ويعتبرون أن ما يقدمونه لنا ليس أجرا مقابل عمل بل إحسان هذا غير نظرات الشك وكأننا لصوص أما مدحت حسن فيقول: أعمل فرد أمن بقرية سياحية بمدينة 6 أكتوبر وأري نوعية الفيلات التي يقيم بها رجال الأعمال والفنانين والمشاهير والتي يزيد ثمن الواحدة علي خمسة ملايين جنيه فبالإضافة إلي المسطحات الخضراء والطرق الملتوية التي تحفها الأشجار وشلالات المياه كل فيلا محاطة بسور خاص وأمامها حديقة واسعة وخلفها حديقة مزودة بحمام سباحة ومبني الفيلا نفسه تحفة وعلي طراز معماري أوروبي وينتشر أفراد الأمن في جميع الشوارع وعلي البوابات الرئيسية وحول السور الخارجي للقرية أنهم يعيشون في قطعة من الجنة وعندما أقارن ذلك بشقتنا التي لا تزيد علي 57 مترا في المساكن الشعبية بساقية مكي بالجيزة والتي تحيطها مياه الصرف الصحي والقمامة ويتكدس فيها أربعة أشقاء وأبي وأمي أدرك أننا لسنا من أبناء هذا الوطن وإننا لسنا عايشين وأصاب بالاحباط. ويضيف سعيد محمد: عملت "جنايني" في قصر أحد رجال الأعمال بطريق الإسكندرية الصحراوي والذي يقع علي مساحة 10 أفدانة ولم أر مثله قبل ذلك ولا حتي في أفلام السينما انه شئ لا يمكن وصفه فالحدائق المخططة تحيط به وتمتد خلالها الطرق الممهدة بالحجر الوردي أو الرمل بالإضافة إلي القنوات المائية وأمامه بحيرة واسعة وضع علي ضفافها مظلات وكراسي ويشتمل القصر علي ملعب للجولف وإسطبل خيل وبرج حمام وفي ركن منه حجرات للخدم وأفراد الأمن والجناينية أنه عالم خيالي. سكان العشش علي الجانب الآخر تضيف فاطمة السيد ربة منزل حيث قالت: أعيش مع زوجي وابنائي الثلاثة في حجرة من الصاج بعشش أبورجيلة بالسلام لا تحمينا من أمطار الشتاء وشمس الصيف بدون كهرباء أو مياه وصرف تحيطنا أطنان القمامة والمخلفات من جميع الجهات ويعاني أطفالي من الامراض الصدرية والحساسية الجلدية التي تكلفنا الكثير شهريا كنفقات علاج وواضعو اليد يستغلون غياب الرقابة والمحافظة ويرفعون الإيجار الشهري دون مراعاة لظروفنا وقد تقدم زوجي لمحافظة القاهرة للحصول علي شقة ضمن اسكان الحالات القاسية وجاءه الباحث الاجتماعي الذي أكد أحقيته في الحصول علي سكن ولكنها كانت مجرد وعود تبخرت في الهواء. السيد محمد بالمعاش من سكان مساكن ايديال بالشرابية يقول ايام عبدالناصر كانت كلها خيراً وكان الغلبان يجد السكن وكانت كل وحدة امامها حديثة إلا أنه مع اهمال الحكومةپللمواطن اصبحت ورشاً واسواقاً حتي تحولت إلي عشوائيات. وتؤكد عزة رياض بولاق الدكرور انها تفضل السكن بهذه المنطقة لتوافر الاسواق والسلع بأسعار مختلفة تناسب الجميع اضافة إلي أنها عامرة بالسكان وهذا ما يفتقده الكثير من المناطق الجديدة ورخص اسعار الشقق مقارنة بالمدن الجديدة والتي لا يستطيع أي شاب توفير ثمنها. سكان الخيام هناء خليل ربة منزل: أنا أرملة وأتقاضي معاشاً 110 جنيهاً ولا يوجد لديَّ أي دخل مادي وأعول ابنتين ولا أتمكن من تدبير احتياجات أسرتي كما نسكن في منطقة الجبل الأصفر بإيجار شهري 40 جنيها شهريا وعندما وقع الزلزال صدر قرار باخلاء المساكن والانتقال للسكن في خيام بجوار مسكننا الاصلي الذي تم هدمه ولمدة 3 سنوات كنا نعاني خلالها أشد المعاناة بلا مرافق من مياه وكهرباء أو دورات مياه وكنا نعيش وسط الثعابين والحشرات والكلاب الضالة ومدمني المخدرات وعندما توجهنا للسؤال علي المساكن البديلة التي وعدونا بها كان الجواب انها مازالت تحت الإنشاء وقد استلمنا وحدات سكنية في الخانكة لا تليق بالحياة الآدمية. ويضيف عبدالرحمن أحمد من مساكن المحمودية القديمة بالسلام: نعيش معاناة شديدة بسبب الطفح الدائم للصرف الصحي الذي كون بحيرات من المياه بامتداد الشارع ابتداء من الونش حتي المساكن اتصلنا أكثر من مرة بأعطال الصرف الصحي في كل مرة يتقاعس العمال عن شفط المياه وبمجرد ذهابهم وبعد أيام قليلة يبدأ الطفح من جديد ومعظم البلوكات تآكلت حوائطها. سكان المقابر أما محمد فتحي فيقول: تأتي إلي الجمعية الخيرية الملحقة بالمسجد سيدة من سكان مقابر الأمام الشافعي كانت متزوجة من رجل بسيط كان يعمل قهوجياً وكانت تعيش معه في حجرة صغيرة بحوش أحد المقابر وانجبت منه ثمانية أبناء لعدم قدرتها هي وزوجها علي استئجار شقة ومحتويات الغرفةپكنبة وبوتاجاز ومرتبة علي الارض اما دورة المياه فهي مشتركة وبعد ان توفي زوجها وتزوج جميع ابنائها واصبحت تعيش معتمدة علي قيمة معاشها الضماني الذي لا يجاوز 110 جنيهاً انهم يعيشون مثل الاموات والفارق الوحيد ان الاموات ارتاحوا أما هم فيعيشون حياة بائسة. شعب وشعب الدكتور محمد زيدان استاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصائي والتشريعي يؤكد انقسام الشعب الآن إلي دولتين واحدة للأغنياء من 5 إلي 7% وأخري للفقراء متوسطي الحال وهذا عكس ما كانت عليه مصر في فترة الستينيات حيث كان يتدرج المجتمع بين أربعة طبقات أغنياء 0.5% وفوق متوسطة من 15 إلي 20% ومتوسطة ودنيا إلا أنه بعد الانفتاح اختفت الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة وللأسف انحدر مستوي المعيشة لمعظم تلك الطبقات. وإذا لم تتدخل الدولة بحلول سريعة فنحن في انتظار ثورة جياع ستقضي تماما علي مصر حيث وصل عدد من هم تحت خط الفقر لأكثر من 50% بما يعادل 45 مليون منهم 15 مليوناً عند حد الكفاف ومن كل ذلك يظهر الحقد الطبقي فمستوي المعيشة والإنفاق والإدخار والرفاهية أعلي بكثير لتلك الدولة والتي تعتمد علي الطبقة الدنيا في تحقيق مطالبهم وخدمتهم لتزداد الفجوة بينهم لما يشاهدوه من ترف لا يحلموا به فأقصي طموحاتهم حد الكفاف وتوفير لقمة العيش لتجد في مصر التجمع الخامس بمدينة نصر بجانبه عزبة الهجانة بالاضافة لمنطقة المهندسين تليها بولاق الدكرور وإمبابة لتري في النهاية "شعب وشعب آخر" مختلف حتي في الطعام والعلاج وحقوق كل منهم.