وسط ميدان الحياة السياسية ومجالاتها المتعددة يبقي د.محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية المستقيل ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاسبق.. الشخصية الأكثر اثارة للجدل منذ قرر خوض العمل السياسي معارضا بارزا لنظام حسني مبارك الذي اسقطته الثورة في 11 فبراير 2011 ورغم ابتعاده عن الحياة السياسية المصرية حاليا باستقالته من منصبه كنائب للرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور اعتراضا علي ما اسماه وقتها باستخدام القوة في فض اعتصامي انصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة وقرر السفر إلي النمسا مبتعدا عن الضوضاء التي يحدثها عالم السياسة في مصر مخلفا وراءه شعور بالارتياح الشديد لدي الكثيرين الذين وصفوه ب "طابور خامس" ورجل أمريكا الوفي وانه يتحرك بقرار من واشنطن حيث يوجد الريموت كنترول الخاص به في البتناجون. لكن البرادعي الذي تحاصره الاتهامات من كل جانب قرر العودة من جديد للحياة السياسية من باب الهجوم علي مؤسسات الدولة والاعلام رغم مشاركته في وضع خريطة الطريق التي أعلن عنها وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي في الثالث من يوليو الماضي فاتهم جهات سيادية لم يسمها واجهزة اعلام مستقلة بشن حملة تشويه ضده وصفها بالفاشية والممنهجة بسبب مبادئه وذلك في تغريدة نشرها علي حسابه بموقع تويتر للتواصل الاجتماعي وقال البرادعي وهو رئيس حزب الدستور في تغريدته عن "حملة فاشية ممنهجة من مصادر سيادية" واعلام مستقل ضد الاصرار علي اعلاء قيمة الحياة الإنسانية وحتمية التوافق الوطني مؤكدا في نهاية تغريدته ان العنف لا يولد إلا العنف وهو ما تسبب ايضا في موجة واسعة من الانتقادات للرجل بينما دافع عنه عدد من انصاره. ويبدو ان البرادعي يهوي اثارة الجدل حوله منذ ان كان مديرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ابان الحرب الأمريكية علي العراق وهو المصري الحائز علي جائزة نوبل واحد ابرز واقوي المعارضين لنظام مبارك والذي كان محصنا وقتها بمنصبه الدولي وشهرته العالمية لكن ظل المصريون منقسمون حوله بشكل كبير ولا ينسون له انه تحالف مع الاخوان للاطاحة بمبارك وجمعوا له وقتها ألف توكيل لقيادة المعارضة ضد نظام مبارك الا انه بعد نجاح ثورة يناير تحول تحالفهما "البرادعي.. الاخوان" إلي عداء وخصومة واضحة عقب الاعلان الدستوري الذي اصدره محمد مرسي في نوفمبر 2012 ليقود البرادعي جبهة الانقاذ المعارضة لاسقاط نظام الاخوان وبعد ان تحقق ذلك اختارته الجبهة ممثلا سياسيا لها في رسم ملامح المرحلة الانتقالية ليتم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية للعلاقات الدولية ليستمر في اثارة الجدل عندما رفض فض اعتصام رابعة المسلح بالقوة رغم ما يمثله من تهديد للوطن بل وزاد برغبته في العفو عن الرئيس المعزول مرسي إذا كانت التهم الموجهة له غير خطيرة وكأننا نعيش في عزبة وهو ما اعتبره الكثيرون تراجعا عن اهداف الثورة وخدمة لاجندات اجنبية وتنازل غير مقبول لجماعة الاخوان التي تقود اعتصاما مسلحا وتدعم العنف في سيناء ومختلف للمحافظات بدعم وتأييد غربي وقتها وعند فض الاعتصام استقال البرادعي بشكل احرج الجميع في مصر بداية من الحكومة وجبهة الانقاذ والشعب ووضع مصر في مأزق لا تحسد عليه أمام المجتمع الدولي كان يمكن ان يجهض الثورة لولا الثبات والدعم العربي وهو ما جعل المصريون جميعا يتفقون علي ان البرادعي خذلهم سواء كان رجلا عاطفيا يخاف علي سمعته الشخصية كما يقول مؤيدوه أو عميلا غربيا كما يطلق اعداؤه عليه. اتهمته حركة تمرد بأنه رجل صاحب مواقف مخزية لكل من كانوا يثقون فيه وطالب حسن شاهين المتحدث الاعلامي لتمرد بأن يكشف ما لديه من دلائل وان المناضلين يناضلون داخل بلدهم وليس في الخارج فيما اتهمه ممدوح حمزة بأنه يسعي لاعادة الاخوان المسلمين للاندماج في الحياة السياسية وانه زرع عناصره في كل من مؤسسة الرئاسة وحكومة الببلاوي للسير نحو نفس الهدف لاسيما انه انتقي 17 وزيرا من الحكومة كما وصفها مصطفي بكري عودة البرادعي للتشكيك في مؤسسات الدولة الوطنية بأنه جزء من مؤامرة ومحاولة للتحريض ضد مصر فبدلا من ان يحمل دعاة العنف والارهاب مسئولية فشل أي محاولة للتوافق الوطني فإذا به يحمل مؤسسات الدولة الوطنية والاعلام المسئولية مشددا علي ان المصريين لم يعودوا يلتفتون إلي ما يقوله لاسيما ان كان تشويها لمؤسسات مصر الوطنية "السيادية" وسيمضي الشعب قدما لتحقيق خارطة الطريق وبناء الوطن فيما طالبت جبهة ثوار وحكماء بسحب الجنسية المصرية منه وعدم دخوله مصر مرة أخري. في المقابل قال خالد داود أمين الاعلام بحزب الدستور والمقرب من البرادعي ان "تويتة" البرادعي تعد ردا علي الحرب التي شنت عليه وسائل الاعلام بدعم مصادر كثيرا ما كانت مجهلة وتوصف بأنها سيادية مشيرا إلي أن البرادعي منذ نزوله إلي مصر في 2010 كان لديه ولازال يقين ان مصر ليس لها حل إلا اعلاء قيمة الحياة الانسانية. الحقيقة ان العديد من الاسماء التي ظهرت خلال ثورة يناير وبرزت علي سطح الحياة السياسية وقدموا انفسهم علي انهم قادة للثورة ومناضلون وطنيون انكشفوا خلال اقل من عامين ونصف واصبح الشعب المصري يتوجس منهم خيفة وادرك ملايين البسطاء انهم مجرد دمي يحركها الغرب ما بين واشنطن والعواصم الأوروبية وأكثر ما يقلق الآن هو ان عملاء الغرب والمنظمات المشبوهة يلعبون ادوارهم بعناية لزعزعة الاستقرار في مصر حتي لو ارتدوا بعض الوقت ثوب الوطنية ورددوا ما يقوله الوطنيون حيث هم من يقودون الآن محاولات هدم دولة الدستور والقانون والحديث عن الخروج الا من الارهابيين بما يعمق الفوضي الخلافة التي تدعمها أمريكا في دول الشرق الأوسط في اطار مشروعها "الشرط الأوسط الكبير".