جميعنا نتفق علي أن تراكمات القمامة تمثل التحدي الأكبر أمام البيئة في بلدنا.. ومنذ أكثر من 16 عاماً وعندما أنشئت وزارة مستقلة للبيئة لأول مرة في مصر ومشكلة تراكمات القمامة تحتل الحيز الأكبر من اهتمام الوزارة والوزير المختص.. وطوال هذه المدة ونحن نتابع كصحفيين تعاقد الحكومة مع شركات أجنبية للتعامل الآمن مع القمامة والمخلفات.. ولكنها فشلت في مهمتها رغم تكلفتها الباهظة علي الحكومة.. وتابعنا أيضا حملات موسعة ومكبرة لجمع ونقل القمامة للمدافن الصحية المخصصة لها.. حيث يتم دفنها بأسلوب علمي بل والأكثر من ذلك يتم تحويل مقالب القمامة بعد تنظيفها إلي حدائق ومتنزهات.. وما أن يمر أسبوع والتاني حتي تعود الحديقة إلي سابق عهدها كمقلب جديد للقمامة!! منذ تولي د.ليلي إسكندر منصب وزيرة البيئة وهي تضع مشكلة القمامة في مقدمة أولويات العمل البيئي في مصر.. ولأنها تمتلك خبرة طويلة ومتميزة في التعامل الآمن مع المخلفات فهي مصرة علي تنفيذ المنظومة الصحيحة لإدارة القمامة والمخلفات.. التي تبدأ من داخل المنزل وتعتمد في الأساس علي ربات البيوت.. بأن يقمن بفرز القمامة بأنفسهن داخل المنزل إلي صنفين.. الأول للمخلفات العضوية أي بقايا الصعام.. والثاني لباقي المخلفات والقمامة المنزلية من ورق وبلاستيك وزجاج وخلافه.. علي أن تضع كل صنف في وعاء مستقل بلون مميز لكل منهما.. بحيث يمكن الاستفادة من هذه القمامة وإعادة تدويرها لتصنيع منتجات جديدة وسيبدأ تنفيذ هذه التجربة في ثلاثة أحياء بمحافظة القاهرة.. وبمناسبة الحديث عن فصل القمامة داخل المنزل.. فمن أنجح تجارب الدول في هذا المجال التجربة الألمانية.. حيث أتيحت لي الفرصة لمتابعتها عن قرب في مدينة ميونخ.. حيث تحتكر الحكومة جمع القمامة وتدويرها والاتجار في مكوناتها.. فالقمامة ملك للحكومة والمواطن ملزم بتسليم قمامة منزله بعد فرزها.. وأمام كل منزل في ميونخ ثلاثة صناديق مختلفة الألوان الصندوق الأول أرزق ويخصص للمخلفات الورقية.. والثاني بني ويخصص للمخلفات العضوية.. والثالث رمادي لباقي المخلفات من معادن وبلاستيك.. ويدفع المواطن الألماني للحكومة ما يوازي 700 جنيه سنوياً لتقوم بدورها بجمعها ونقلها لمراكز تجميع وتدوير المخلفات لتستفيد منها في تصنيع منتجات جديدة آمنة.. ويتم بيعها ويخصص العائد للإنفاق علي منظومة إدارة المخلفات ونظافة مدينة ميونخ.