الآن.. تبددت أحلام الإخوان وصارت سراباً.. وبالتبعية ذهبت معها مطامع أخري ربما تكون غربية وعربية.. ولم يتبق منها سوي أطلال بالية يبكون عليها حاليا.. لأنهم جبلوا علي النظر تحت أقدامهم التي تعثرت في السابق ومازالت كذلك الآن حتي في طريقة إدارتهم لأزمتهم السياسية الحالية.. لأنهم يفتقرون إلي القدرة علي الابداع والتنوع في الأداء السياسي وكذلك الثبات الانفعالي.. فالجمود الذي تتسم به الجماعة نابع من كونهم يفكرون دائما بطريقة دفاعية من خلال اتباع سياسة "رمي البلا".. وافتعال الأزمات لكسب التعاطف.. في حين انهم كانوا بحاجة أكثر إلي المصارحة مع النفس والاعتراف بشجاعة بالاخطاء والتقصير في ادارة البلاد بشكل سليم. فعندما كان الاحتقان السياسي علي أشده وبلغ مداه في ظل وجود الإخوان علي رأس السلطة لم نسمع أي نصيحة أمريكية تحثهم علي مراجعة منهجهم وقتها.. أما الآن فهناك محاولات مستميتة برعاية أمريكية لمنح الإخوان قبلة الحياة في الوقت الضائع بعد أن تلقوا الصدمة الشعبية في 30 يونيو.. وبالتأكيد تأتي هذه الخطوات الحثيثة ليس حبا في مصر ولكن حرصا علي المصالح الامريكية و التي ترجمت قبل ذلك من خلال التوافق الإخواني الامريكي.. وكذلك حرص الولاياتالمتحدة علي مساندة الإخوان حاليا.. عبر الزيارات المكوكية التي قام بها مسؤلون أمريكيون وكان آخرهم كل من السيناتور جون ماكين و جرهام ليندسي. قال السيناتور الامريكي جون ماكين من ضمن ما قال إن الديمقراطية تعني أكثر من مجرد انتخابات. إنها الحكم بشكل ديمقراطي عبر عملية سياسية شاملة يشارك فيها جميع المصريين بحرية طالما يقومون بذلك بشكل غيرعنيف ويحترمون حقوق الإنسان والحريات الأساسية وأحكام القانون والدستور.. كلام ماكين بالفعل لا غبار عليه وهذا ما كنا نتطلع إليه ونتمناه بالفعل.. لكن السؤال الذي يفرض نفسه حاليا هو لماذا لم يوجه مثل هذا الكلام للاخوان في السابق عندما كانوا في صدارة الحكم؟؟ أما السيناتور جراهام ليندسي فقال هو الآخر إن السياسة لابد أن تقوم علي الملاءمة. وفي الكونجرس الأمريكي نريد الحفاظ علي العلاقة بين البلدين. فمصر هامة وكل العالم يلاحظ ويشاهد هذا..كما نأمل أن تعيد العملية الانتقالية مصر إلي الديمقراطية. ولا بد أن يتحاور الجميع مع بعضهم البعض ونتمني أن تأتي الانتخابات بنتائج أفضل. وضرب المثل بمنافسة ماكين وأوباما في سباق الانتخابات الرئاسية وتعاونهما بعد انتهائها. كلام جرهام أيضا سليم ولا غبار عليه وهذا ما كنا نريده أيضا ومازلنا نبتغي أن تكون المصلحة العليا للبلاد هي التي تعلو كل الاعتبارات الحزبية والخاصة وأن يكون التعاون هو السائد بين جميع المتنافسين من أجل مصر.. لكن السؤال ايضا الذي يفرض نفسه هو لماذا لم يتم توجيه مثل هذه النصائح الأمريكية للاخوان من قبل ايضا عندما كانوا في سدة الحكم ؟؟ وهل كان خافيا علي الادارة الامريكية مدي رفض أغلبية الشعب لتصرفات الإخوان والتي لم تأت من فراغ ولا بين يوم وليلة؟؟ يمكن القول انه لو كانت هناك استقلالية يتمتع بها محمد مرسي بعيدا عن ضغوط جماعته ربما لتصرف في هذه الأثناء بشكل أفضل من الذي حدث.. لكنه لم يبذل أي جهد في سبيل ان يقنع غالبية الشعب بأن قراره نابع من تلقاء نفسه.. بعيدا عن تدخلات الجماعة.. وبالتالي عجز عن أي تصرف حكيم.. ولو كان الإخوان يتمتعون بالمكر والدهاء السياسي وبعد النظر و يثقون في أن شعبيتهم في تزايد ولم تتأثر كما يزعمون لكانوا وافقوا علي الفور علي تقديم تنازلات ولو علي سبيل المثال اجراء استفتاء شعبياً علي بقاء مرسي من عدمه.. وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.. فلو افترضنا انهم فعلوا ذلك وجاءت نتيجة الاستفتاء ببقاء مرسي كانوا سيكسبون مزيدا من التأكيد علي ان شعبيتهم ليست في تراجع.. ولو جاءت نتيجة الاستفتاء بسقوط مرسي.. لكانوا كسبوا أيضا احترام الناس لهم وبالتالي كان التاريخ سجل بأنهم رضخوا لرغبة الغالبية من الشعب وانهم يحرصون علي مصلحة مصر وبالتالي ربما يحالفهم النجاح مرة اخري مستقبلا. كلمة لابد منها : المتواكل هو الشخص الذي يتغني بان الصبر مفتاح الفرج..ولايكلف نفسه عناء البحث عن الباب الذي سيستخدم فيه هذا المفتاح لفتحه!!