منذ سنوات طويلة ضرب الإهمال والتخبط والعشوائية سوق الدواء المصري فاختفت عشرات الأدوية الخاصة بالكبد والسرطان والكلي وأمراض الدم ووقع المرضي فريسة لتحالفات المصالح وسياسة "التعطيش" التي اتبعتها شركات الأدوية. 800 صنف اختفت عمدا وظهرت في صيدليات الأرصفة وأدوية الفضائيات وانتعشت أعشاب الموت وحقق الأباطرة ثروات باهظة من دماء المصريين. في البداية يشكو أحمد عبدالحكم من نقص الدواء الخاص بعلاج سرطان البروستاتا منذ شهرين وعندما سأل الشركة المختصة باستيراده أكدوا أنه تم وقف الاستيراد لارتفاع سعر الدولار وليس له بديل ويتساءل: ماذا يفعل خاصة أن حالته تحسنت كثيرا بعد أخذ الدواء؟! ويضيف خلف سليم "تاجر" مثل أحد الصيادلة أخبرني أن بعض الأدوية توقف إنتاجها وعرفت صحة ذلك حين أردت شراء دواء الكبد لابنتي ولم أجده. ويضيف عمرو توفيق صيدلي أن هناك بعض الأدوية غير متوفرة ولكن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع هو أن أسعار المواد الخام زادت خاصة في ظل قلة الاستيراد نظرا للظروف الاقتصادية. ارتفاع الدولار ويشير إلي وجود بعض الأدوية مرتفعة الثمن مثل العقاقير المستخدمة في علاج سرطان الثدي وعقار ¢glevic" المستخدم في علاج سرطان الدم إضافة إلي أن هناك توقعات بزيادة أسعار أكثر من 1000 صنف دواء تحت دعوي زيادة سعر الدولار وأسعار الكرتون والزجاج والغاز وأجور العمال. ويضيف رفعت زايد موظف أنه يعاني أشد المعاناة من عدم توافر الأدوية وارتفاع أسعارها المستمر بدون أي مبرر خاصة أنه مصاب بحساسية مزمنة بالجيوب الأنفية ويداوم علي شراء بخاخة الحساسية والآن زاد سعرها ولم تعد متوفرة. أما السيد عبدالمنعم السيد "مصاب بفيروس سي" فيقول: قمت بزيارة أحد هذه المراكز الطبية المشهورة. وأكد الطبيب أنه يعالج الفيروس بكبسول مقابل 1800 جنيه وبالفعل أخذت جرعة العلاج المحددة ولكن شعرت بآلام شديدة وذهبت إلي أحد المستشفيات لعمل تحليل ووجدت نسبة الفيروس زادت وأكد الأطباء أن السبب هو هذا الدواء. وتحكي سامية محمد عن تجربتها مع شاي التخسيس بعد الترويج له عبر إحدي القنوات الفضائية المعروفة والذي تجاوز سعر القرص 20 جنيها وعندما سألت في الشركة المعلنة عن نتيجته أجابت أنه لا يقوم بالتخسيس ولكنه يقوم بتثبيت الوزن فقط. مما أثار الشك في نفسها وسألت أحد الأطباء عن هذا المنتج وأفادها بأنه ضار جدا بالصحة. الحق في الدواء الدكتور محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء يؤكد أن مصر بلا ضوابط لتسعير الأدوية لعدم وجود هيئة مختصة بذلك والموجود حاليا هو لجنة يشكلها وزير الصحة قابلة للعزل في أي وقت تخضع للوزير ورغباته.. فمصر تحتاج إلي نظام تسعيري عادل يراعي قيمة المتغيرات في العملة والتكلفة. وهامش الربح. بالإضافة إلي مصلحة المريض خاصة أن سعر الدواء في مصر يساوي 70% من أسعار الدواء في الدول الأخري المجاورة موضحا أن استمرار السياسات الخاطئة المتبعة في ملف الدواء ستؤدي إلي تفاقم الأزمة. حيث بدأت عدد من الشركات بوقف كامل إنتاجها من الأدوية لزيادة الضغوط علي وزارة الصحة لرفع الأسعار والوزارة تقف موقف المتفرج إذا ليس هناك آلية لمحاسبة هذه الشركات التي بلغ جملة إيقاف تصنيع المنتجات بها إلي حوالي 500 منتج غير موجودة بالأسواق 70% منها أقل من خمسة جنيهات. أوضح فؤاد أن المركز كشف عن وجود تحالفات مصلحية وتحركات خفية لعدد من الشركات الأجنبية العاملة في مصر واتفاقها علي الضغط علي وزارة الصحة المصرية لتحريك أسعار 100 صنف مثل أدوية الضغط العالي القلب الذبحة الصدرية السكر. ويشير إلي أن تطبيق نظام التسعير الجديد سينتج عنه ارتفاع في أسعار الأدوية المثيلة والتي يعتمد عليها المواطن المصري لانخفاض أسعارها نسبيا مقارنة بأسعار الأدوية الأصلية غالية الثمن. فعلي عكس النظام القديم الذي كان يحدد سعر الدواء المثيل استنادا إلي سعر تكلفته مع إضافة هوامش ربح ثابتة لكل من الشركة المصنعة والموزع والصيدلي. ويطالب وزارة الصحة المصرية بتشديد الرقابة اتخاذ تدابير صارمة لعقاب الشركات المخالفة وفقا للقانون حتي لا تتحول الوزارة إلي متفرج حيث يشهد سوق الدواء المصري أزمة حقيقية في اختفاء الأصناف الدوائية الحيوية للمرضي وأصحاب الأمراض المزمنة بالتزامن مع صدور قانون التأمين الصحي وبعدها سيتم تحرير أسعار الدواء تحريرا كاملا ووقتها سترتفع الأسعار 150%.