** توقفت أمام تقرير إخباري نشرته إحدي الصحف الأسبوعية المستقلة -الأحد الماضي- التقرير المذكور يحذر وزير الداخلية ويهدد رجال الشرطة الشرفاء من التصدي لمظاهرات 25 يناير -الجمعة القادم- بدعوي حرية التظاهر. ولا عزاء للوطن.. ودعونا نتأمل في فقرة واحدة من التقرير المنشور تحت عنوان "محاولات تطويع الجهاز الأمني وأخونته مازالت مستمرة".. وجاء فيها: أن عدداً من القوي الثورية والمراكز الحقوقية أعلنت عن مراقبة أداء وزير الداخلية الجديد وقراراته في ظل مخاوف متزايدة وترقب من رجال الشرطة.. التقرير يتجاهل تماماً المصالح العليا للبلاد ويدعو إلي بث القلاقل والاضطرابات إبان الاحتفال بالذكري الثانية لثورة يناير العظيمة. ويحذر الداخلية من الانحياز لفصيل علي حساب آخر. في إشارة واضحة للتحريض علي نشر الفوضي وتحييد الداخلية في مواجهة الخروج علي الشرعية. فإذا كانت المعارضة القوية من سمات الأمم العظيمة. وأن حق التظاهر -السلمي- حق أصيل ومشروع للمعارضة. خاصة في ظل الفترات الانتقالية عقب الثورات الكبري في حياة الشعوب. فإن كاتب التقرير نسي أو تناسي أن الشعوب المتحضرة تحمي شرعيتها وتحتمي بها. ** وعندما تهل علينا الذكري الثانية لثورة الخامس والعشرين من يناير يصبح من الضرورة بمكان أن يجتمع الشعب المصري العبقري علي قلب رجل واحد. فالأمة تقف علي حافة الهاوية ولن يستطيع تيار بعينه حكومة كان أو معارضة أن ينجو بمصر من الخطر المحدق بها إلا إذا تعاون مع كافة القوي الوطنية علي الساحة. وأنا ناصري متحيز للمشروع الإسلامي. ولا أري تناقضاً بين الناصرية والمشروع الإسلامي إلا في أذهان أصحاب العقول المتحجرة فقط. فقد كان عبدالناصر حريصاً علي رفع رايات الإسلام جنباً إلي جنب مع رايات القومية العربية. ولذا كان طبيعياً أن تفتح مصر الناصرية ذراعيها للطلبة الوافدين من قارات الدنيا للدراسة بالأزهر لتخريج الدعاة الجدد الذين أسهموا في الحفاظ علي قيم الإسلام وثوابته في بلادهم. وبفضل البعثات الأزهرية إلي البلدان الأفريقية والآسيوية وغيرها انتشر في مشارق الأرض ومغاربها آلاف الدعاة الذين نهلوا من نبع الأزهر الشريف. وفي هذا الإطار حرص عبدالناصر علي إنشاء إذاعة القرآن الكريم من القاهرة التي جمعت المسلمين في أنحاء العالم حول أصوات عباقرة التلاوة في مصر المحروسة. وفي مقدمتهم رفعت شعيشع. والشعشاعي. ومصطفي اسماعيل. والبهتيمي. والمنشاوي. والحصري. وعبدالباسط. والبنا. وعلي محمود. والنقشيدي. ** ودعونا نتفق علي كلمة سواء. فلا سبيل للحفاظ علي الوطن إلا بنبذ التطرف والعنصرية وقبول الآخر. وبالتالي احترام الخيار الديمقراطي الذي أتي بالإخوان إلي سدة الحكم. ورأيي الشخصي أنه لا غني للمشروع الإسلامي عن التيار القومي للعبور بمصر من النفق المظلم. ومن ثم يجب أن نتمسك بسماحة الإسلام علي طريق المصالحة الوطنية ونطوي صفحة الماضي. فلا يعقل أن يُصنف زعيم مصري بقامة جمال عبدالناصر ضمن أعداء الإسلام بسبب العداء التاريخي أو لنقل -الخصومة- مع جماعة الإخوان المسلمين. وعبدالناصر لمن لا يعرفه من الأجيال الجديدة أفني حياته دفاعاً عن حق المصريين في الحياة الكريمة وظل حتي الرمق الأخير يدافع عن وحدة العرب والمسلمين. ولذا كان طبيعياً أن يشيعه إلي مثواه الأخير خمسة ملايين مصري في مشهد مهيب لم يتكرر سوي مرة واحدة في القرن العشرين.. وفي المقابل لا يعقل أن يتوقف أنصار التيار القومي أمام عبارة الرئيس مرسي في أعقاب انتخابه في يونيو الماضي وأعني الستينيات وما أدراك بالستينيات.. فالإخوان المسلمين أصحاب تاريخ وطني بامتداد ثمانين عاماً وتزيد منذ عام 1928 وهم أحد أهم أسباب نجاح ثورة يناير. ولا يمكن التنكر لعظيم دورهم في الدفاع عن الإسلام. ** آخر كلام: قرار المحكمة الإدارية بوقف بث قناة الحافظ الإسلامية لمدة شهر كامل يثير العديد من علامات الاستفهام. خاصة فيما جاء بحيثياته من اتهام للقناة المذكورة بالتحريض علي نشر الرذيلة وما شابه. في حين أن قناة الحافظ تحديداً تتصدي للدفاع عن الفضيلة وتدعو إلي نشر القيم الإسلامية السمحة.