أعجبني العنوان ولو ان التعذيب في بلادي وفي كل الدنيا بكل النكهات. كيف يصفق الناس لجلاديهم ويهتفون بحياة من يحكم عليهم بالموت؟ الإنسان هو المخلوق الوحيد. الذي يقتل أخاه دون سبب.. حتي الوحوش الكاسرة نادرا ما تفعلها إلا إذا اشتد بها الجوع. والحكام أشد قسوة تدفع الشعوب ثمن جلوسهم علي الكرسي جحيم سجونهم. لا يقل أحد أنه لم يكن يعلم. ولا يقل أحد أنه ينفذ التعليمات كما انه لا يفلت إنسان من العقاب في الدنيا أو الآخرة أو في الاثنين معا. يخرج المعتقل من نار التعذيب وعندما يحكم. يقوم هو بدور الجلاد!! يحال الزبانية إلي المعاش فيقضون باقي العمر في مساجد الرحمن يبكون ويستغفرون. ومصيرهم جهنم وبئس المصير. هل كتب علينا التعذيب من أيام فرعون ورجاله "ونيرون" الذي يسلي شعبه بألعاب يصارع فيها العبيد الأسود والناس تهلل كي يأمر الامبراطور بأن تلتهم الوحوش الرجال.. وحكام المسلمين في كل زمان والخلفاء والسلاطين. مازلنا نعيش نفس الكابوس رغم أزهي عصور الديمقراطية. ميزانية أدوات التعذيب أكبر بكثير من توفير لقمة العيش للمواطنين. وتبادل الخبرات السوداء بين دول العالم أدي إلي تطوير ألوان البطش والايذاء وكم سمعنا عن استعانة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالخبرة المصرية إذ يبدو انها أكثر وحشية ونذكر الجنرال الراحل الذي طلبت منه أجهزة التحقيق في واشنطن عينة من الحمض النووي لإثبات شخصية زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.. وكان أخوه في السجون المصرية... عرض جنرالنا أن يرسل لهم ذراع أسيرنا بأكمله. فاندهشت المخابرات الأمريكية. مع انها وضعت في الاعتبار أنه قد يكون مزاحا! يشارك علماء نفس وأطباء في تعذيب البشر بالعقاقير التي تبقي آثارها المدمرة سنوات يجردون الإنسان من إنسانيته وينتهكون مع كل الممارسات الوحشية الأخري في حرية رجل أو امرأة أو طفل وهم دائما تحت الحماية والتشجيع وصرف المكافآت.. فإذا قتل المواطن بأيديهم دبرت أجهزة الدولة شرطة وطباً شرعياً وكله وسيلة براءة القاتل وإلقاء اللوم علي القضاء والقدر. "خالد سعيد" و"سيد بلال".. وعشرات قتلوا في السجون المصرية في كل العصور! أعود إلي التعذيب بنكهة عربية الذي استدعي كل تلك الخواطر والغضب. وكان حلقة أو حلقات في برنامج تليفزيوني يقدمه الباحث والإعلامي "محمد العوضي" في برنامجه علي تليفزيون "الرأي" الكويتي يقدم فيه نماذج وأفلاماً وأدوات ويشير إلي كتاب "مصطفي حجازي" الباحث في الدراسات النفسية بعنوان "الإنسان المهدور" والتعذيب أشد حالات هدره. ويشير إلي كتاب قليل الحجم بالغ الأهمية للدكتور "غازي القصيبي" وموضوعه "ثورة في السنة النبوية" وقد منع الكتاب ومع ذلك نفد من الأسواق. ومؤلفه رحمه الله كان شاعرا وسفيرا ووزيرا سعوديا. أورد في أحد فصوله "معتقلات التعذيب في العالم الإسلامي" وقوله في آخر كتابه: "لو كان لي من الأمر شيء لوضعت في كل كلية أمنية في بلاد المسلمين مادة اسمها "ان الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا" ولفرضت دراسة المادة فرضا علي كل من يملك سلطة الأمر بضرب أو حبس أو تفطيس. ولقد استشهد "القصيبي" بابن صديقه وحكاية قريبة وما حصل لهما في دولتين إسلاميتين لم يذكر اسميهما لحساسية وضعه السياسي.. ولعلهما أو واحدة منهما من دول الثورات العربية!! أعود إلي "التعذيب بنكهة عربية" وتساؤلات "محمد العوضي" وأنا معه: ألم تتفاخر بعض الأجهزة الأمنية العربية انها نافست. بل تفوقت عالميا في فنون التنكيل علي كثير من الدول القمعية؟ ألم تثبت الشهادات والأدلة والاعترافات ان التعامل مع البهائم في الحظائر أرقي مما يعامل به سجناء الرأي في دنيا العرب والعروبة؟ ألم يصل التعذيب في دول عربية إلي اغتصاب المتهمين والتهديد بهتك أعراض الزوجات والبنات والأمهات أمام السجناء.. وقد حصل؟! ألم تطفأ أعقاب السجائر بمواطن العفة والكرامة للنساء بما يسميه الزبانية والجلادون جلسة "الحفلة"؟! أما لهذا الكابوس من نهاية؟! يستضيف الشيخ العوضي "آمال العمري" الأستاذة بجامعة "الزيتونة" بتونس وكانت معتقلة أيام النظام السابق ولم تستطع أن تنجو بنفسها إلا بعد أن خرجت متخفية علي ظهر حمار عبرت به قري تونس حتي وصلت إلي الجزائر.. كانت تهمتها قتل الرئيس زين العابدين. تقول من تجربتها ان المرأة أول ما تدخل التحقيق يخلعون ملابسها لتقف عارية وعلي عينيها الغمامة السوداء ورجل من الأمن يجلس المتهمة علي ساقيه أو يحتضنها طوال الوقت. وعن تغطيس الرأس في جردل ماء مليء بالقاذورات أو وضعها في المرحاض. ويقول الدكتور "غانم النجار" أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والناشط في مجال حقوق الإنسان ان الدول العربية علي رأس الدول التي تنتهك الإنسان. "وضعها متدن مهتريء في حالة بائسة". ويستشهد "العوضي" بكتاب "سنة أولي سجن" لمصطفي أمين و"في الزنزانة" للمستشار "علي جريشة" ورواية "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني وكتاب مترجم باسم "بالحيوانية هذا الإنسان" ليسأل عن شعور الجلاد وهو يقوم بالتعذيب. هل هو مثل ما يقول مصطفي أمين: "عندما يمارس وحشيته يكون منتشيا كأنه يعانق ملكة جمال"؟! بعيدا عن التعذيب يكتب "محمد العوضي" مقالات تثير الجدل. مثل هجومه علي "ضاحي خلفان" قائد شرطة دبي عندما هاجم الدكتور "محمد مرسي" وقال عنه "سيأتي الخليج حبواً" وهو رئيس مصر أكبر دولة عربية. لا يقولها عربي ولا مسلم ولا إنسان. ومثل هذه العبارات ليس لها مكان أجدر من مواطيء الاقدام. ومقال عن "دموع هيفاء وهبي"!