الشعب المصري تفرغ كله الآن للسياسة وتناسي باقي محاور ومجالات الحياة والعمل وأصبح الجميع محللين للسياسة والاقتصاد مدافعين عن جانب ومعارضين للآخر والكل يتكلم ويتحمس لما يقول ولا يهمه أن يكون معارضه شقيقه أو أخاه وحتي زوجته والغريب ان الأمر وصل للتعصب الشديد الذي ينذر بالخطر وهذا الواقع لابد أن يدفع بعقلاء الأمة للتحرك السريع ولابد أن تكون هناك مبادرات تلزم كافة الأطراف بقبولها بعد أن تحصل علي تأييد غالبية المصريين ولابد أن يكون الأزهر والكنيسة أطرافاً أساسية في هذه المبادرة بحضور أطراف سياسية مؤثرة علي الساحة. فمصر الآن في مأزق حقيقي هو الأخطر منذ الثورة وبوادر الفتن والانشقاق تتسع والخاسر الوحيد الوطن وتماسكه وأصبح الخروج من هذا المأزق لن يكون دون خسائر لكل الأطراف ولكافة القوي السياسية وربما يمتد لجسد الدولة واستقرارها.. لكن ما حجم هذه الخسائر وما نوعها وكيف سيكون في مقدور الأمة تجاوزها والعودة إلي مسارها؟. قلوب المصريين تترقب وتنتظر ما ستسفر عنه الأحداث بعد أن نزل ملايين منهم إلي الشوارع مختلفين ومشتتين غاضبين علي بعضهم البعض لأول مرة بعد أن جمعتهم ثورة يناير ووحدت كلماتهم ومطالبهم فاستطاعوا تحقيق نصر أبهر العالم وأزاح أقوي نظام استبدادي بالمنطقة.. لكن اليوم اختلفت الأمة وتشعبت ولم تتفق بل ظهرت واندلعت بوادر عنف تنذر بمستقبل لا يبشر بالخير بعد أن حول البعض أزمة الاعلان الدستوري لصراع بين القوي الوطنية يمينية ويسارية وتمسك كل طرف بما لديه. فهل تبخر الحلم.. ولن نصل إلي شاطيء الأمان وسندور في دائرة لا نهاية لها مع التشتت والاختلاف وعودة مليونيات استعراض العضلات وهل ستنجح مؤامرة اقتل نفسك بنفسك التي أعدها أعداء الأمة للوقيعة بين أبناء الشعب للخلاص من آخر قوة عربية منظمة تستطيع الوقوف أمام المخططات العالمية لإعادة صياغة المنطقة وتقسيم دولها لصالح أمن اسرائيل؟.. أم ان الأمة قادرة علي تجاوز الأزمة وان الخلاف سيزول سريعا ونعود لنسير علي خطي المستقبل. مستقبل مصر ووضعها الحالي لابد أن نفكر فيه كثيرا الآن بعد ما يقرب من عامين من ثورتنا التي تمنينا أن تجعلنا نسيجا واحدا يعيد تنظيم بنيانه ويرتب أوضاعه ويعيد المهمشين ويستعين بأصحاب الكفاءة والخبرات ويطلق العشرات من المشروعات القومية والأهداف الكبري وان كانت مجرد أحلام حتي نعيش علي أمل الوصول للنهضة والتقدم والتي بها تتحقق كل الأهداف بما فيها شرع الله ونشر دينه في العالم كله لأننا سنصبح قدوة تتطلع اليها شعوب العالم غير الاسلامي كما كان اسلافنا قدوة وبأخلاقهم نشروا الاسلام في كل موقع نزلوا به علي الأرض. الواقع يقول ان مبدأ اقتل نفسك بنفسك هو الذي نعيشه الآن فنحن نتقاتل بسلاح أخطر من سلاح السيف والمسدس وهو سلاح الاختلاف والتشعب.. كل منا يريد نفسه. ويفرض رأيه ولا يستمع لغيره ولا يريد أن يري من يخالفه في الرأي وزادت الفرقة وارتفع سقف المطالب حتي أصبح لا نهاية له في وطن فقير لا يمكنه أن يصمد كثيرا علي هذه الأوضاع.. فكيف نرضي كافة الأطراف ونعيد الجميع للعمل وأحكام القانون؟.