في البداية اقرأ بعناية بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 51 عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" على الرابط التالي: http://www.facebook.com/Egyptian.Armed.Forces?sk=wall يؤكد البيان وجود مؤامرات مدروسة من قبل أعداء البلاد بالداخل والخارج تقف وراء الأحداث الأخيرة في مصر. قبل أن نبدأ حديثنا وجب التذكير بتواريخ مهمة: 25 يناير: بداية الاحتجاجات 28 يناير: إقالة حكومة نظيف 11 فبراير: تنحي مبارك 3 مارس: إقالة شفيق وتعيين شرف رئيساً للحكومة 13 أبريل: صدور قرار بحبس مبارك ونجليه سقطت حكومتان مصريتان منذ اندلاع الثورة، هما حكومة أحمد نظيف وحكومة أحمد شفيق. حكومة نظيف سقطت في يوم واحد هو جمعة الغضب يوم 28 يناير رابع يوم لبداية الاحتجاجات الشعبية وهذا لسبب بسيط هو أن هذا اليوم شهد (إن شئت سميته هروبا أو انسحابا للشرطة) والسيطرة على الأماكن الحيوية من رئاسة الوزراء ومجلسي الشعب والشورى وكاد يصل إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون فدفع مبارك بحرسه الجمهوري، وبعدها مباشرة تدخل الجيش. خرج مبارك في تلك الليلة عبر التليفزيون يعلن عن إقالة حكومة نظيف وعن تعيين رئيس المخابرات عمر سليمان نائباً للرئيس وهو عسكري ومدعوم من الجيش، وعقب حلفه اليمين مباشرة تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة، كل ذلك حدث في يوم 28 يناير. راجع هذا الخبر من المصري اليوم: http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=288896 وبعدها تم تفجير أنبوب لنقل الغاز من مصر لإسرائيل في 5 فبراير، كما تواصلت الاحتجاجات وتم التهديد بالزحف إلى قصر العروبة بالإعلان عما سمي ب "جمعة الزحف 11 فبراير" وفي يوم 10 فبراير تسربت أنباء حول عزل مبارك واجتماع الفريق سامي عنان به في قصر العروبة، وفي اليوم التالي 11 فبراير تم الإعلان عن تنحي مبارك من قبل نائبه عمر سليمان الذي سبق وتعرض لمحاولة اغتيال. وبعد 11 فبراير، انتشرت أعمال البلطجة وشهدت مصر احتجاجات جديدة واعتصامات عمالية كبيرة حالت دون فتح البنوك أو عودة البورصة وهو ما مثل تهديداً قوياً للاقتصاد المصري بالإضافة لمضايقات تعرض لها ضباط الشرطة في الأقسام وغيرها، ثم أعلنت أحزاب وحركات عن نيتها التوجه إلى ميدان التحرير بعدما وجدت فشلاً في تعامل حكومة شفيق مع الأحداث. تجدر الإشارة هنا إلى أن أحمد شفيق هو أحد أفراد الجيش وعندما تم تعيينه من قبل مبارك كانت حكومته بمثابة "حكومة حرب" أي أن الحكومة في يد الجيش. تمت إقالة حكومة شفيق وتم تعيين عصام شرف رئيساً لوزراء مصر في 3 مارس، فتم استقباله بحادثة كنيسة صول بأطفيح وحرق ملفات أمن الدولة في يوم واحد هو 5 مارس. الحكومة الجديدة أضطرت لحل جهاز أمن الدولة يوم 15 مارس وتوالت الأحداث حتى الإعلان عن تظاهرة ضخمة سميت ب "جمعة المحاكمة والتطهير 8 أبريل"، وبعد الإعلان مباشرة تم حبس زكريا عزمي وفتحي سرور يوم 7 أبريل وجاءت الجمعة وفي يوم 11 أبريل تم حبس صفوت الشريف (ضابط المخابرات المنبوذ)، ثم وفي يوم ساخن بالأحداث هو 13 أبريل صدر قرار بحبس مبارك ونجليه علاء وجمال وأصدرت المحكمة العسكرية حكماً بسجن المدون مايكل نبيل سند ثلاث سنوات بعد انتقاده المؤسسة العسكرية والمجلس العسكري الحاكم. لم يتم حبس مبارك ومنذ ذلك التاريخ ومصر تعاني من أزمات كبيرة في 27 أبريل، تم تفجير خط أنابيب لنقل الغاز إلى الأردن وإسرائيل للمرة الثانية منذ اندلاع الثورة وفي نفس اليوم جاء هذا الخبر: نجحت مصر اليوم ممثلة في المجلس العسكري، في مباركة توقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس بعد سنوات طويلة من المفاوضات التي عرقلها النظام السابق. وفي 7 مايو، بدأ أسوأ ما في القصة وهو الفتنة الطائفية حيث شهد هذا اليوم أحداث إمبابة الشهيرة وبطلتها فتاة مسيحية بسيطة هربت مع عشيقها المسلم. لن أعلق طويلاً على قصة عبير سأقول فقط إنها فتاة مسيحية طائشة أشهرت إسلامها منذ عدة أشهر وهربت مع عشيقها المسلم، وتم تفجير الأزمة في هذا الوقت عن قصد لإثارة البلبلة وكنوع من الضغط. أسفل المقال وبعنوان "روابط متصلة" ستجد خبراً من بوابة الأهرام الإلكترونية ينقل عن أهالي قرية عبير في أسيوط شهادتهم بأنها اختفت هي وعشيقها المسلم منذ عدة أشهر. وتأخذ الأحداث مسارها بما وقع مساء السبت 14 مايو حيث جرح 22 قبطياً من المعتصمين أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو بعد هجوم مسلح لأفراد من أعلى كوبري 15 مايو. وفي 15 مايو، وافق وزراء الخارجية العرب على اختيار نبيل العربى، وزير خارجية مصر، أميناً عاماً للجامعة العربية خلفاً لعمرو موسى الأمين الحالي وأبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية، والذي عقد في مكتبه اجتماعاً مغلقاً لبحث التوافق العربي حول المرشح لمنصب الأمين. وكانت قطر قد أعلنت على لسان رئيس وزرائها حمد بن جاسم عن سحب مرشحها لأمانة الجامعة العربية عبد الرحمن العطية الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي. من جهته، قال مصطفى الفقي إن قرار مصر بسحب ترشيحه للأمانة العامة لجامعة الدول العربية جاء بعد أن أبدت قطر اعتراضها الرسمي على شخصه. ومن المعروف أن الفقي مدعوم من قبل المجلس العسكري، أما العطية فهو من منتقدي السياسة الإيرانية في المنطقة، والعربي بطبيعة الحال معروف بكونه "رجلا معاديا لإسرائيل" ومرحباً به من قبل جماعة الإخوان المسلمين. والسؤال الآن: وماذا بعد؟ ما هي الخطوة التي علينا انتظارها جميعا لإنقاذ مصر من شبح الفتنة الطائفية أهي حبس مبارك وإقالة حكومة عصام شرف، أم ماذا؟ وهل بعد ذلك ستهدأ الأوضاع أم أن الضغط سيستمر؟ أود الاستعانة هنا بتعليق الأستاذ محمد حسنين هيكل على أحداث إمبابة حيث يقول: وكل المشاكل بما فيها المشكلة الطائفية هذه اللحظة يمكن أن تأخذ أبعاداً أكثر خطورة وأبرز الأسباب بوضوح أن "هناك التباساً في ممارسة سلطة الدولة" لابد له من حل سريع لأن سلطة الدولة في أي بلد في الدنيا هي أساس ضبط إيقاع الحركة فيه وملخص القول هنا في نقطتين: الأولى: أن درس التاريخ يعلم الجميع أن حالة الفوضى ملازمة بالطبيعة لحالة الثورة في ظروف تغييرات أساسية تجرى في أي مجتمع والذي حدث لأسباب كثيرة أن قوى الثورة في مجتمعنا انصرفت لكي تعطى الفرصة للتغيير لكن قوى الفوضى اندفعت لكي تستغل فرصة التغيير مع وجود شراذم من نظام قديم وهاربين عمداً من السجون وعناصر جموح يتعلل بالدين ومطالب عيش، تأخر الوفاء بها وفساد يتفجر يومياً على صفحات الجرائد وموجات الإذاعة وشاشات التليفزيون "فإن هناك بالفعل حالة قلق تحاول أن تبحث عن نقاط ضعف تفلت منها وكل ذلك يتدافع في مناخ إقليمي خطر ودموي وفى مناخ عالمي متحفز ومتوجس". والثانية أنه في هذا الوقت تشتد فيه الحاجة إلى ضابط إيقاع ينظم الأداء السياسي فإن "السلطة في مصر تواجه معضلة". القرار هناك في مجلس أعلى للقوات المسلحة موثوق فيه لكنه "يدير دون أن يظهر" وتنفيذ القرار هناك في مجلس وزراء وفيه عدد من الرجال المحترمين، لكن هذا المجلس "يظهر دون أن يدير" ثم إن قوى الإجبار في الدولة وهى ركيزة أي استقرار ونظام حسم، معلقة على "بوليس هو حالياً لا يقدر وعلى قوات مسلحة هي بالحق غير مختصة". هنا فإن المجال مفتوح لفراغات كبيرة وبصراحة فذلك أول ما يجب الوقوف أمامه وعلاجه وليس للمشكلة الطائفية فقط ولكن لغيرها كثير بحيث "تتبين وتتأكد خطوط السلطة ومصادر ومسارات صنع القرار" واحترامه وتنفيذه وأن تكون الخطوط محددة خصوصاً في "مرحلة انتقال فالانتقال تأسيس لما بعده وليس (تأجيلاً محولاً) إلى غد لم تظهر بعد سلطته". بالعودة إلى تحذير القوات المسلحة يبدو التحذير واضحاً إذ يقول إن مصر تتعرض لمؤامرة داخلية وخارجية، والمجلس يهدد بالرد بمنتهى الحزم. يقول البيان: يحذر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الفئات الضالة التي تعرض أمن المجتمع للخطر من نفاد الصبر، وأن المجلس الأعلى لن يتوانى عن استخدام كافة إمكانياته وقدراته في مواجهتها للقضاء نهائيا على هذه الظاهرة وفى أسرع وقت. ويهيب المجلس الأعلى بكافة أبناء هذا الوطن العظيم التحلي بالوعي والفهم والمسئولية تجاه المخاطر التي تم ذكرها والتصدي بكل قوة لهذه الفئة الضالة التي تعبث بأمن واستقرار مصر. يبدو الحديث واضحاً عن أن هناك جهات داخلية تعمل لحساب جهة خارجية وأن الجيش يهدد بمواجهة مباشرة، أي استخدام العنف، وهو ما قد يعرض مصر للانهيار وعلينا جميعاً أن نتدبر ما يحدث في ليبيا وسوريا حالياً. في النهاية، تحية إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتسم بالصبر والحكمة برغم هذا الكم الهائل من الضغط ولا أرى سبباً لذلك سوى حرصه على أمن الوطن وسلامة أراضيه وحقنا لدماء المصريين.