في أوقات الحروب أو الثورات أو الانقلابات الداخلية أو غيرها من الأحداث الجسام التي تمر بالأمم والشعوب، تتعرض الرغبة الجنسية للإنسان إلى الاضطراب، وتحاصر غرف النوم هواجس القلق والاستقطاب الخارجي، ويتراجع الجنس كواحد من الاهتمامات والحاجات الإنسانية. فمما لا شك فيه أن هناك علاقة طردية بين الحالة النفسية للمرء وممارسة الجنس من منطلق أن هناك علاقة وثيقة جدا بين العقل والجهاز التناسلي، ولما كانت الصلة بين الجهاز التناسلي وبين الجهاز العصبي متينة والجهاز العصبي كبير التأثير بالمخ فإننا نجد أن الارتخاء يرجع في كثير من الأحيان إلى أسباب نفسية وعقلية بحتة بغير أن يكون للعوامل الجنسية دخل فيها الضغط النفسى للمصريون يشير الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسي أن الضغط النفسي الذي تعرض له المصريون سواء رجالا أو نساء في تلك الأحداث على اختلاف تفاوت وتباين درجاته كان له اثر بشكل أو بآخر على تفكيرهم وسلوكياتهم الحياتية المعتادة. هذا العامل النفسي يجعل كثيراً من الازواج يحجمون عن الممارسة الجنسية، وتكاد تكون ترفا كما ينظر إليها بعضهم، إذ أن الانشغال بمتابعة أخبار وتطورات الأحداث وتأثيراتها وانعكاساتها في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة يبدو هو الشغل الشاغل للناس، وخصوصا أن الحياة برمتها تكون مهددة بالأذى والدمار العامل النفسي الذي يحد من الرغبة لكن ينبغي ملاحظة أن العامل النفسي الذي يحد من الرغبة الجنسية في تلك الأوقات بسبب الخوف والقلق والتوتر لدى بعض الناس، قد ينقلب إلى حالة هوس وإفراط لدى بعضهم الآخر. إذ يندفع الأشخاص وخصوصا الذين تنطوي شخصيتهم على طابع العصبية، إلى الإكثار من الممارسة الجنسية، كحالة من التعبير عن التفريغ، ومحاولة للتخلص من التوتر الناجم عن قلق الحروب، إذ يمثل الفعل الجنسي بحيويته وديناميكيته، وما يتطلبه من طاقة جسدية، عنصرا من عناصر التنفيس عن الضغط الذي يرمي بثقله حولنا، وهو ما أشار إليه أحد الاستطلاعات ذات مرة، والذي تحدث عن زيادة الممارسة الجنسية في الأسر الأمريكية بشكل ملحوظ عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث عبر الأمريكيون عن مخاوفهم وقلقهم، بالانغماس في ممارسة الجنس كنوع من الإحساس بالحميمية والالتفاف والتآلف، لكن استطلاعات أخرى أشارت الى أن الأمريكيين تراجعوا بعد فترة عن المركز الأول الذي كانوا يحتلونه في ممارسة الجنس في العالم، مما يدل أن اندفاعهم الجنسي هذا، كان مجرد ردة فعل مضطربة لأناس يحاولون استعادة التوازن الذي فقدوه في لحظة من اللحظات دائرة مغلقة من الحيرة والقلق من جانبه يشير الدكتور خالد منتصر إلى ان إجهاد العقل والذهن بالأزمات خاصة التي تصيب الشعوب فإنها تؤثر ليس فقط على أذهان المسئولين فيها بل أيضا على عقول عامة الشعب أيضا، فكله يحمل هم ما ستخلفه تلك الثورة أو الانتفاضة أو الأزمة الاقتصادية أو السياسية من آثار على عمله وعلى مأكله ومشربه وملبسه، وهكذا يظل العقل يدور في دائرة مغلقة من الحيرة والقلق تجعله ينصرف عن ممارسة الجنس الذي كان في وقت من الأوقات في قائمة أولويات حياته، وليس ذلك فقط فقد ينصرف أيضا على تناول الطعام نتيجة لفقد الشهية. وهو بالضبط ما نستطيع أن نطبقه على ما حدث فى مصر منذ ثورة 25 يناير فالرجال كانوا يحرسون الشوارع لحماية نسائهم وأطفالهم وممتلكاتهم وبات ذهنهم منشغلا عن العلاقة الزوجية بشراء الطعام لتحزينه أو منشغلا بمشاهدة الأحداث عن طريق وسائل الإعلام المختلفة أو قد يكون بالفعل احد المشاركين في تلك التظاهرات أو قد يكون فقد عزيزاً لديه في تلك الثورة سواء كان ابنا أو أخا أو حتى جاراً، كل تلك الأمور جعلت ذهن المصريين في انزعاج وانشغال وانصراف عن ممارسة العلاقة الزوجية مما يربط بالفعل بين أهمية الاسترخاء البدني أو النفسي للحصول على الممارسة الجنسية الممتعة ولكن علينا في النهاية أن نتذكر أن الرغبة الجنسية وضعها الله في الإنسان كوسيلة للحفاظ على النسل البشري، وفي كل الأحوال علينا أن ندرك أن تراجع الرغبة الجنسية أو ازديادها، هو تعبير عن حالة تفاعل مع الحياة رغم كل الظروف.