لم يعد الصراع بين الحكومات وأفراد الشعب مقصوراً على الكر والفر أو المواجهة والاشتباك بين أفراد الأمن والمتظاهرين، بل انتقل من الشوارع إلى أجهزة الكمبيوتر بعد أن ساهمت التقنيات الحديثة من إنترنت وهواتف محمولة في إعلاء أصوات المحتجين. وقد مكنت شبكة الإنترنت بخيوطها العنكبوتية الممتدة في جميع أنحاء العالم شباب المناضلين من تفادي الضرب والممارسات القمعية ولم تنجح في لم شمل أبناء البلد الواحد فقط، بل امتد تأثيرها إلى العالم بأسره. وليس أدل على ذلك من خروج مظاهرات ليس في مصر فقط بل في مختلف أنحاء العالم تنادي بإسقاط النظام المصري. وقد سخرت الثورات الرقمية، كما يمكن تسميتها، مواقع التواصل الاجتماعي لتشجيع الشباب على التعبير عن آرائهم بصورة تضمن الإفلات من سوط الجلاد، ولعل في انتشار البطالة والفراغ الناتج عنها ما شجع هؤلاء الشباب على استثمار أوقاتهم بحثاً عن حلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي خربت بلادهم. وأسهمت الشبكة الاجتماعية العالمية فيس بوك بصورة ملحوظة في الإطاحة بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وليس أدل على قوة تأثيرها سوى قيام نظام الرئيس المخلوع بالكشف عن هوية المطالبين بالتحرر من قيود الطاغية وحصرها لمنعهم من الاستمرار في تشجيع غيرهم على الانضمام إليهم.