يحاول زاهي حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار المصرية، والرجل الذي رقي أخيراً إلى وزير للدولة في الحكومة المصرية الجديدة، طمأنة المجموعة الدولية بشأن سلامة كنوز مصر وعدم تعرضها إلى أي تلف، خلال الأحداث الأخيرة. لكن هذه الأخيرة (المجموعة الدولية) عبرت عن رأيها على لسان السكرتيرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، التي طالبت مصر رسمياً باتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على الآثار الفرعونية، في كل من القاهرة والأقصر، وكل المواقع الثقافية والتاريخية التي تزخر بها البلاد. حواس رد سريعاً على هذه المطالبات وكتب في مدونته: مرة أخرى أود أن أقول لكم إن التظاهرات والنيران التي اندلعت في ميدان التحرير لم تنتقل أو تسبب أي ضرر للمتحف، وإذا ما وقع أي حادث، فاني أملك من الشجاعة ما يكفي للكشف عن التفاصيل، لن أتستر على أي شيء، أنا حارس هذه الآثار التي تعود ملكيتها للعالم بأسره. لقد ندد زاهي حواس الأسبوع الماضي بتكسير موميتين خلال محاولة سرقة، استهدفت المتحف الوطني، الذي يضم 120 ألف قطعة أثرية، حيث استغل اللصوص غياب الأمن في وقت كان يشهد فيه ميدان التحرير تظاهرات كبيرة مناهضة للرئيس حسني مبارك. عناصر الشرطة السياحية شاركوا في السرقات ويقول عالم الآثار الفرنسي، جان بيير كورتيجياني: إن القضية لا تتعلق بالسرقة بقدر ما تتعلق بمحاولة النظام تشويه سمعة المناوئين لمبارك، فيما شكل عشرات القاهريين طوقاً أمنياً على المتحف للحيلولة دون تعرضه للنهب. ويبدو بحسب دير شبيغل، نقلاً عن مديرة المتحف وفاء الصديق، أن القائمين على مراقبة المتحف وعناصر الشرطة السياحية، شاركوا أيضاً في السرقات. وكان حواس قلل الخميس أيضاً من أهمية الخبر الذي أكدت من خلاله قناة الجزيرة تعرض مقابر منطقة سقارة إلى التخريب، حيث أشار إلى أن الجيش يتكفل بحماية المنطقة، وأنه على اتصال دائم بالجنرال المسؤول، لكن المسؤول عن البعثة الفرنسية للآثار، فيليب كولومبار، يؤكد انتشار عدد كبير من اللصوص، الذين شاهدهم يحفرون هنا وهناك، بحثاً عن الكنوز. سبعة مواقع مصنفة عالمياً اعترف زاهي حواس بحالة سرقة واحدة وقعت في متحف بور سعيد، ويقول المتخصص البلجيكي في الآثار المصرية، جاك كيناير: إن الأمر يتعلق باختفاء ست علب، كانت فيها قطع أثرية من موقع القنطرة الواقع في سيناء. حواس وعد من جهته باسترجاع باقي القطع الأثرية المسروقة، خصوصاً بعد أن تمكنت مدينة بور سعيد من استرجاع 288 قطعة من المجموعة. أما في متحف القاهرة فقد تعرضت 70 قطعة على الأقل للتحطيم، ويقول زاهي حواس: يبدو أن الجميع مسؤولون. وقد هوجم كنز توت عنخ أمون، الذي لا يقدر بثمن، باستثناء القطع الذهبية، والمجوهرات الموضوعة في غرفة خاصة. أما التمثالان الذهبيان الشهيران اللذان نراهما في الصورة، بالإضافة إلى النماذج الخشبية لمقبرة ميتيتي، فقد تعرضت للتكسير. ويقول عالم الآثار كورتيجياني إن حواس لم يتطرق إطلاقا إلى تمثال الملك الصياد الذي اتلف هو الآخر بالرغم من قيمته الرمزية الكبيرة. وأما في ما يخص المومياوتين، فيقول جاك كيناير :لا يتعلق الأمر بيويا وتويو، أجداد توت عنخ آمون مثلما اعتقدنا سابقا، لقد عثرنا بالفعل على رأسين مجهولين مفصولين عن جسيدهما. نداء إلى رجال الجمارك في العالم وكان علماء الآثار المصرية قد وجهوا نداء إلى رجال الجمارك في العالم والمتخصصين في بيع وجمع الآثار وكل الأشخاص المعنيين بالأمر، بعدم التردد والإبلاغ عن أي قطعة يشكون في أنها مسروقة من متاحف مصر لأن الأمر يتعلق، وفقهم، بمأساة. وتعد مصر بين سبعة مواقع أثرية مصنفة ضمن التراث العالمي، وهي الأكثر تعرضا للتهديدات بالنظر إلى قدمها. لم يكن في ذهن علماء الآثار الأجانب حين غادروا مصر الخميس الماضي سوى صورتين أولاهما صورة تماثيل بوذا التي حطمتها "طالبان" في باميان الأفغانية في 2001 وصورة نهب آلاف القطع الأثرية في العراق بعد سقوط بغداد في 2003. متحف القاهرة تقوم القوات الخاصة بحراسة المتحف منذ يوم الاثنين 31 يناير،حيث يسيطر الجيش على الأوضاع للحيلولة دون تكرار عمليات النهب. وزير في قلب العاصفة يلقب زاهي حواس هذا الرجل الذي نصب أخيرا على رأس وزارة جديدة للآثار في مصر ب"فرعون الآثار المصرية" فمن دون توقيعه، لا يُسمح لأي باحث أو فريق علمي بالبدء في أي بحث أو دراسة، لذلك كان يُسبّب الكثير من القلق لعلماء الآثار الأجانب أو المحليين. لكن يبدو ان السرقات وعمليات النهب التي استهدفت اثار مصر الأسبوع الماضي، لن تساعد الرجل في استرجاع القطع الأثرية المصرية التي تحتفظ بها متاحف دولية عدة. ويطالب حواس برأس نفرتيتي من متحف برلين والقبة السماوية من متحف اللوفر الفرنسي وحجر رشيد من المتحف البريطاني وتمثال نصفي موجود في متحف الفن الراقي ببوسطن وتمثال هيميونو الموجود ف هيلدشايم الألماني وتمثال رمسيس الثاني الموجود في تورينو. ويرفض مسؤولو هذه المتاحف إرجاع هذه القطع الأثرية إلى مصر بحجة عدم توافر الأمن في المتاحف المصرية،خاصة بعد أن تمكن لصوص وفي وضح النهار من سرقة لوحة فان غوخ من متحف محمود خليل في القاهرة بتاريخ 21 أغسطس الماضي. في سقارة 200 طفل يبحثون عن الكنز عاد عالم الآثار فيليب كولومبار الخميس إلى فرنسا مع أعضاء فريقه السبعة بواسطة طائرة عسكرية برتغالية انطلقت من القاهرة، وفي هذه الشهادة التي نشرها في صحيفة لوفيغارو الفرنسية يتحدث عن النهب الذي تعرض له موقع سقارة خلال يومين غابت فيهما عناصر الشرطة. آخر مرة رأيت فيها سقارة كانت يوم الثلاثاء. لقد طلبت منا مصلحة الآثار توقيف العمل يوم السبت بحجة أن الأمن غير متوافر، وقد لاحظت بان أفراد الشرطة غادروا أماكنهم المعتادة منذ الساعة الثانية، لينتشر في المكان فجأة، أطفال تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة. لقد قدموا من القرى المجاورة ومن الجبل. بقينا في البيت الذي أجّرناه بمحاذاة الموقع وحين وصل أفراد الجيش بعد يومين، خرجت وقد عثرت على حفريات عديدة في المكان فيما استطعت أن اعد 200 لص كانوا موجودين في الموقع. إنهم هواة وكانوا يحفرون بطريقة توحي بأنهم يبحثون عن كنز ما، تفقدوا مستودعاتنا بعد أن كسروا الأقفال، ولم يأخذوا الشيء الكثير، لأنهم يجهلون قيمة الأحجار والنقوش ويبدو أنهم كانوا يبحثون عن الذهب. ولكن الأخطر هو أنهم حطموا مومياوتين، فيما دخل البعض منهم إلى هرم ما زال قيد الدراسة وقاموا بتحطيم جدار مُغطى بالكتابة الهيروغليفية، طمعا في العثور على كنز. خسائر يستحيل تعويضها لا يتعلق الأمر في نظر علماء الآثار بخسائر كبيرة وإنما بخسائر يستحيل تعويضها. ويقول كولومبار إن مصلحة الآثار تحركت في اليوم الثاني ووضعت أقفالا جديدة فيما تكفل المهندسون المحليون بحماية الموقع، لكن مع ذلك استمرت الحفريات طول الليل لنكتشف في الصبيحة وجود حفر في كل مكان.. في تلك الفترة وصل حوالي 70 جنديا لتأمين المكان.. انتهت مهمتنا في ذلك اليوم على أن نعود في مارس المقبل ولا اعرف أن كان سيسمح لي بالعودة إلى مصر بعد هذه الشهادة؟ المتحف الإسلامي في بور سعيد هنا سرقت ست علب تحتوي على قطع أثرية متنوعة، لكن المؤسسة استرجعت بحسب المعلومات التي أعلنها الوزير الجديد زاهي حواس 288 قطعة فقط. القاهرة أقدم لصوص ليلة السبت 29 يناير على اقتحام متحف القاهرة بغرض سرقة الآثار لكن السلطات اكتشفت بعد ذلك تعرض موميتين للتحطيم فيما تم تكسير 70 قطعة أثرية. سقارة قام بداية الأسبوع الماضي مئات اللصوص بحفر الموقع فيما حطم البعض منهم جدارا يحتوي على كتابات هيروغليفية داخل احد الأهرامات.