أصابتني الدهشة لإعلان الكنيسة رفضها القاطع للمبادرة التي تم إطلاقها للتظاهر يوم 25 يناير من أجل المطالبة بالتغيير، بالرغم من الثورة العارمة التي انتابت الكنيسة بعد أحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية. وكان القمص عبد المسيح بسيط راعى كنيسة العذراء مريم الأثرية بمسطرد قد دعا شباب الأقباط إلى تجنب ما أسماه "الفوضى" المتوقعة يوم الثلاثاء المقبل، موجهاً الدعوة إلى الصلاة في المنازل حتى يحفظ الله مصر. والسؤال البديهي الأول: هل دعت الكنيسة أتباعها إلى الصلاة ترحماً على قتلاها أمام كنيسة القديسين ورفضت التظاهر؟ وكانت الكنسية قد أصدرت بيانا رسميا تطلب فيه من رعاياها التزام الصمت في المنازل وعدم الخروج للمشاركة في مظاهرات 25 يناير. وقال البيان الكنسي: "من منطلق حبنا لمصر التي هي وطن يعيش فينا ومن أجل أمنها واستقرارها ندعو للاحتكام للعقل والالتزام بالقانون نحو مطالب مشروعة بالحقوق التي يقرها الدستور وليست بمشاركة في فوضى هدامة، ومن هذا المنطلق نحث كافة الشباب القبطي على عدم الخروج في مظاهرات 25 يناير لأنه ليس بالمظاهرات وعلو الحناجر تحل المشكلات ولكن بالمواجهة الموضوعية القائمة على الشرعية ومن خلال القنوات الرسمية." الملفت للنظر أن البيان وقع عليه العديد من الشخصيات العامة القبطية ومنهم نجيب جبرائيل وممدوح رمزي وممدوح نخلة وهاني الجزيري المتحدث الرسمي باسم حركة أقباط من أجل مصر، ووحيد إدوارد فايز وأشرف أدوار كيرلس ونبيل غبريال وناجى وليم. الموقعون على البيان ثارت ثورتهم لأحداث 25 يناير ومنهم من اتهم الأمن المصري بالإهمال الشديد، وبالرغم من ذلك ينادون الآن بحماية الوطن وأمن أراضيه...لماذا لم تمنع أتباع الكنيسة من "فرد العضلات" أمام الأمن؟ وأضافت الكنيسة أن المظاهرة المرتقبة تأتي بدعوة من جماعة "الإخوان المسلمين" والجماعات السلفية والذين يريدون للمظاهرة أن تكبر وتحدث "شغباً" مثلما حدث في تونس وسيعقبها فوضي وهيجان ونهب لممتلكات الأقباط لذا فمن باب أولى للأقباط الصلاة والصوم في هذا اليوم من أجل سلامة مصر. وتعليقي على تلك الفقرة، أن البابا شنودة الثالث وأقباط المهجر يمثلون الخطر الأكبر على أمن وسلامة مصر.. لسبب بسيط وهو أن الفتنة أشد من القتل والانفصال أكثر خطورة من الهيجان. أليس من المنطقي أن تتعامل الكنيسة مع المصريين على أنهم "أصحاب عقول"؟ وأضاف البيان أن الأقباط لديهم فكر مسيحي تابع للكتاب المقدس الذي يقول "صلوا من أجل الرؤساء والسلاطين لكي نعيش حياة هادئة مطمئنة"، فالكتاب المقدس يطالب بعدم مقاومة السلطات. أعتقد على حد علمي أن الكتاب المقدس يدعو أيضا إلى إحكام العقل، وأظن أيضا أن الأقباط في مصر وخارجها أعلنوا تأييدهم للمظاهرات القبطية عقب أحداث كنيسة الإسكندرية وقطار سمالوط وطالبوا العالم بحماية أقباط مصر من مسلميها!!! وأضاف البيان أن الأقباط يطالبون بالإصلاح في كافة الأمور الاقتصادية وإيجاد حلول لمشاكل المواطن المصري بشكل عام وسرعة إصدار القانون الموحد "وذلك بالطرق الشرعية" وليس بإشاعة الفوضى!!! وجهة نظر أشاع الكثيرون في وقت سابق أن الشخص الذي فشل الأمن في تحديد هويته وهو مرتكب حادث تفجير كنيسة القديسين وأرسل الأمن صورة له إلى جميع المؤسسات الصحفية، يدعى فايز إسكندر وهو قبطي مصري، ولم تعلق الكنيسة على ذلك. أنا لا أقبل اتهام الأقباط بأنهم وراء تفجير الإسكندرية وإن كان ذلك سيحقق لهم الكثير من المصالح الخاصة...ولكن عندما ترفض الكنيسة مشاركة الشعب في التعبير عن رأيه، فذلك يعني أنها أصبحت في كنف السلطة..وهذا يثير تساؤلا وحيدا. لماذا في هذا التوقيت؟ والإجابة تبدو بسيطة ولكنها معقدة ومثيرة للاشمئزاز يبدو أن الكنيسة قررت إبرام صفقة مع السلطة، بحيث تعلن الأولى رفضها للتظاهر، وتتغاضى الثانية عن اتهام الأقباط بتدبير حادث الإسكندرية. والله أعلم......