بين الواقعية والتفاؤل والتشاؤم... تدور سيناريوهات ثلاثة لمستقبل مياه النيل فى مصر حددتها مسودة "استراتيجية تنمية وإدارة الموارد المائية في مصر حتى عام 2050"، ونشرتها جريدة المصري اليوم في عدد الأحد. بداية تؤكد المسودة أنه "لا أمل فى زيادة مخصصات مصر من مياه النيل"، الأمر الذى يتحتم معه الاعتماد على كمية المياه المقررة لمصر، وهى فى حدود 55.5 مليار متر مكعب سنوياً. وتستعرض المسودة ثلاثة سيناريوهات مستقبلية للموارد المائية وتنميتها فى مصر عام 2050، تعتمد على سيناريوهات الزيادة السكانية، بالإضافة إلى مؤشرات التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية، من تغير درجة الحرارة ومنسوب سطح البحر وإيراد نهر النيل الواصل إلى بحيرة ناصر. يشير السيناريو "الأكثر توقعاً" وفقاً للمسودة، إلى الأوضاع المتوقع حدوثها فى المستقبل (عام 2050) بناءً على المعدلات الحالية للزيادة السكانية والخبرة والتطورات التاريخية والمتوقعة للتنمية، ويفترض معدل زيادة سكانية 1.8%، وعدد سكان يصل إلى 158 مليون نسمة، ويأخذ فى الاعتبار تأثير التغيرات المناخية، ومنها زيادة درجة الحرارة 1.4 درجة مئوية، وزيادة منسوب سطح البحر 26 سنتيمتراً، وفى هذه الحالة يتوقع السيناريو انخفاض إيراد بحيرة ناصر 0.10 مليار متر مكعب فى العام. وفى ظل السيناريو (المتوقع) تؤكد المسودة أهمية التوقف عن إمداد التجمعات الصناعية خارج الوادى بمياه النيل، مثل خليج السويس وشرق التفريعة، وأن يتم تدريجياً الاعتماد على موارد مائية غير نيلية فى مجال الصناعة مثل تحلية المياه الجوفية المالحة، وإلزام الصناعات الجديدة بإعادة استخدام المياه، واستغلال مياه البحر أو المياه الضاربة للملوحة فى أغراض التبريد. أما السيناريو (المتشائم)، فيتناول إيراد بحيرة ناصر عام 2050 فى ظل معدل زيادة سكانية 2%، وتعداد سكان 172.5 مليون نسمة، وفى ظل زيادة فى درجة الحرارة 1.7 درجة مئوية، وزيادة منسوب سطح البحر 40 سنتيمتراً، فيتوقع هذا السيناريو انخفاض إيراد البحيرة 1.9 مليار متر مكعب فى العام. ويتوقع هذا السيناريو زيادة نسبة البطالة فى ظل نمو بطىء للاقتصاد وعدم إعطاء فرصة كبيرة للقطاع الخاص للمشاركة، واستمرار تدنى كفاءة استخدام المياه فى القطاعات المختلفة، وزراعة محاصيل ذات عائد اقتصادى قليل، واستمرار الزحف العمرانى بمعدلات مرتفعة والتأثير سلباً على الأراضى الزراعية، ويتوقع كذلك استمرار ظاهرة تلوث المجارى المائية، مما يحد من التوسع فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحى. كما يتوقع هذا السيناريو صعوبة جذب الاستثمارات المحلية والخارجية لاستصلاح مناطق شرق العوينات والوادى الجديد وسيناء على المخزون الجوفى العميق، وعدم استصلاح أكثر من 350 ألف فدان على هذا المخزون الجوفى بحلول عام 2050، واستخدام مليارى متر مكعب إضافية من المياه الجوفية العميقة، إضافة إلى عدم إحلال شبكات إمدادات مياه الشرب فى المدن الكبرى والاكتفاء بالصيانة التقليدية، واستمرار معدلات الفواقد فى حدود 30%، وعدم أخذ خطوات جادة لترشيد استخدامات مياه الشرب والصناعة، وزيادة معدلات الاستخدام على معدلاتها الحالية بحلول عام 2050. ويشير السيناريو (المتشائم) إلى أن تحلية مياه البحر تمثل أهم الحلول لسد الفجوة بين الموارد المائية المتاحة والاحتياجات المستقبلية، ويقترح التركيز على كيفية تقليل التكلفة المرتبطة بالتحلية، وكيفية الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية والطاقة النووية. ويتوقع السيناريو كذلك زيادة احتياجات قطاع مياه الشرب بنسبة 37.7% على تقديرات الشركة القابضة للمياه والصرف الصحى المدرجة حتى عام 2050، وزيادة مخصصات المياه لقطاع السياحة بما يعادل 0.44 مليار متر مكعب سنوياً. بينما يتوقع السيناريو (المتفائل) عدم حدوث تغيير فى إيراد بحيرة ناصر، فى ظل معدل زيادة سكانية 1.62%، وتعداد سكان 146.4 مليون نسمة، وزيادة درجة الحرارة 1.1 درجة مئوية، وزيادة منسوب سطح البحر 5 سنتيمترات.