في الوقت الذي تستعد فيه مصر للاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء المياه بدول حوض النيل بنيروبي في كينيا يومي26 و27 يناير الجاري انتهت وزارة الموارد المائية والري من اعداد ثلاثة سيناريوهات( حرج, متوازن, متفائل) للتعامل مع مختلف الأوضاع المائية مستقبلا وذلك ضمن استراتيجية مائية لمصر حتي عام2050. ترصد الاستراتيجية خطة وزارة الري في إدارة موارد مصر المائية سواء نهر النيل, أو الامطار, أو السيول, والمعوقات التي قد تعرقل مستقبل مصر المائي خصوصا الزيادة السكانية, التي تؤثر سلبا علي تنمية موارد الدولة من المياه, لكن الري حددت مخططات متنوعة لأي سيناريوهات حرجة في هذا الشأن. الاستراتيجية تم إعدادها بخبرة مصرية كاملة, كما يقول الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري, وتستهدف تنمية موارد مصر المائية حتي40 سنة مقبلة, خصوصا وأن نصيب الفرد من المياه700 متر مكعب سنويا, ومن المتوقع انخفاضها إلي أقل من350 مترا مكعبا سنويا بحلول عام2050. ووضعت وزارة الري في الاستراتيجية3 سيناريوهات, تشتمل علي تصورات مختلفة للأوضاع والمتغيرات المستقبلية, لكن السيناريوهات, ليست بدائل للحلول بقدر ما تمثله من تنبؤات بمدي حساسة الوضع المائي عام.2050 السيناريو الأول الحرج, افترضته الاستراتيجية أن يحدث في حال استمرار المعدلات الحالية للزيادة السكانية, مما يعمل علي إبطاء معدلات التنمية, وسيحدث ذلك السيناريو, عند عدم تنفيذ أي مشروعات استقطاب فواقد في أعالي النيل, والتوسع في استغلال المخزون الجوفي العميق, تحقيق تحسن بطيء في تعميم الطرق الحديثة في ري الحدائق بالوادي والدلتا في ظل النمو البطيء للاقتصاد, وتحقيق نجاح نسبي في تقليل معدل الاستهلاك الفعلي للفدان من المياه, واستمرار تلوث المجاري المائية, والمشاركة المحدودة للقطاع الخاص في إدارة مياه الري, وصعوبة جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية, لضعف النمو الاقتصادي. السيناريو الثاني المتوازن, ويفترض في هذا السيناريو أن يكون مستوي تطبيق السياسات المقترحة لتنمية الموارد المائية متوسطا, بينما يظهر السيناريو الثالث بنظرة متفائلة, ويعتمد التفاؤل هنا علي أن يكون مستوي تطبيق السياسات المقترحة مرتفعا, وذلك من خلال نقاط مهمة, منها نجاح مصر والسودان في استكمال المرحلتين الأولي والثانية من مشروع قناة جونجلي, مما يزيد حصة مصر بحوالي4 مليارات متر مكعب سنويا, والتوسع في حصاد مياه الأمطار والسيول لتزداد الي حوالي1.50 مليار متر مكعب في العام, غلي جانب التوسع في تحلية مياه البحر والمياه الجوفية, والتوسع في الصناعات التي تعتمد علي المنتجات الزراعية التي لا تستهلك كميات كبيرة من المياه. وحسب تحليل كل سيناريو, اتضح زيادة العجز المائي من19 مليار متر مكعب حاليا, إلي ما يزيد عن23 مليار متر مكعب في السيناريو الحرج, وانخفاض العجز إلي17.20 مليار متر مكعب للسيناريو المتفائل, لكن التلوث يبقي أهم المخاطر التي تواجه المستقبل المائي في مصر, حاضرا ومستقبلا. العجز في الموارد المائية, حسب الوضع الحرج, سيتسبب في عدم حدوث أي توسعات زراعية, مما يعني عدم القدرة علي توفير الاحتياجات المائية لاستكمال المشروعات التي يجري تنفيذها حاليا, مثل مشروع تنمية جنوبالوادي بتوشكي, ومشروع ترعة السلام. السيناريو المتوازن, فيؤكد أن المخاطر التي قد تحدث, لن تسمح بمساحة زراعية أكثر من9 ملايين فدان, والسيناريو المتفائل, يشير ألي أن الموارد المائية لن تكفي لاكثر من10 ملايين فدان. السيناريو الثالث المتفائل, وتحقيقه ليس بالمعجزة, لكنه يتطلب زيادة دور البحث العلمي بمفهومه الشامل في المساهمة لإيجاد حلول علمية وممكنة للمشاكل التي تعوق تحقيق الإدارة الرشيدة للموارد المائية في مصر, والتنسيق بين روابط مستخدمي المياه والجمعيات التعاونية الزراعية, واتخاذ التدابير الملائمة من الآن لمواجهة الزيادة السكانية المتسارعة والتي يصاحبها زيادة في الطلب علي المياه, بحيث لا تصبح الموارد المائية عبئا مقيدا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر.