نسمة الحسيني - عيون ع الفن: كثيرون منا يذهبون الى السينما وهم سعداء ولديهم رغبة في مشاهدة الفيلم الذي يقدمه النجم تامر حسني، وعندما يخرجون من السينما يفقدون الحماس الذي دخلوا به ويشعرون أنه أقل مما توقعوه من نجمهم المفضل، ومن هنا يأتي نجاح الإيرادات وإخفاق الجودة. فقد قدم لنا المنتج محمد السبكي فيلم "نور عيني" بخلطته التي اعتاد عليها في أفلامه، والتي تتكون من كوميديا مبنية على الإفيهات، وقصة حب ساذجة بغرض جذب الشباب، مع الاعتماد على مطرب له جمهوره، وفي النهاية يحقق الفيلم نجاحاً من حيث الإيرادات وإخفاقاً في تناول موضوع جاد. لكن فيلم "نور عيني" وقع في عدد من السقطات الدرامية، حيث بدت مشاهد كثيرة منه غير واقعية، على رأسها المشهد الذي ضحك عليه بعض الجالسين حولي في قاعة العرض رغم أنه لم يكن مشهداً كوميدياً وإنما كان درامياً، عندما يعلم البطل وهو في لبنان بمرض أخيه فنجده يستوقف سيارة أجرة، وفي المشهد الذي يليه يدخل احد المستشفيات بالقاهرة وكأنه وصل من مصر إلى لبنان عن طريق التاكسي، وهنا فهمت لماذا ضحك الجمهور. كما وجدت الكثيرين في النصف الأول من الفيلم يقولون ما الهدف من وجود مشاهد متتالية لا ترتبط ببعضها وليس بها قصة سوى أن كل مشهد يضم موقفا ضاحكا لا يرتبط بتسلسل درامي يجذب المشاهد لمتابعة الفيلم حتى نهايته، وحتى عقدة الفيلم التي ينتظرها المشاهد ليشعر بتشويق في المتابعة جاءت سريعة جدا ففجأة وجدنا البطلة منه شلبي تغضب من البطل لأنها سمعته يتحدث عن فتاة بأنه لا يحبها ويعطف عليها فقط. فأعتبرت البطلة أن هذا الكلام عنها وغضبت سريعاً ورغم انهيارها التام وصدمتها الشديدة في الشخص الذي أحبته، إلا أنها تدخل سريعا في حب جديد مع الطبيب النفسي المعالج لها، وتتم خطبتها له، وعلى الرغم من أنها تدعي طوال الفيلم أنها تعرف حبيبها من صوته ومن رائحته إلا أنها أخطأت خلال أحداث الفيلم كله في صوته ورائحته ولم تعرفه بعد أن استردت بصرها رغم أنها كانت تعرفه وهي كفيفة. إضافة الى ذلك لم تواجهه بما أغضبها منه وفجأة وجدناها تعود إليه سريعا حتى ينتهي الفيلم بالنهاية المتوقعة، الكفيفة التي تبصر، وقصة الحب التي تكتمل، والصديق الذي يضحي ويترك خطيبته من أجل صديقه. أبطال الفيلم منة شلبي (سارة) : استطاعت أن تجسد دور الكفيفة بواقعية دون مبالغة وأكدت موهبتها التي ظهرت في أفلامها السابقة، لكن الفيلم لم يوضح الخلفية الكافية لشخصية "سارة" فلم نعرف سبب فقدانها لبصرها أو تفاصيل عن حياتها السابقة، والتي يترتب عليها في المعتاد تطور الشخصية الدرامية. تامر حسني : نجح في إلقاء الإفيهات الكوميدية التي اعتدنا عليها منه، لكن لم تكن مقنعة قصة الحب السريعة التي نشأت بينه وبين سارة، وكعادة أفلامه الحب من أول نظرة الذي ليس له أي مقدمات حتى أننا توقعنا مع بداية مشاهد الفيلم بأنه سيحبها من أول مشهد تظهر فيه. ومن الغريب أنه رغم ظهور حبه القوي للفتاة الكفيفة وتمسكه بها رغم ظروفها الخاصة التي يصعب التعامل معها إلا أنه عندما تركته دون أن تواجهه بما أغضبها منه لم يحاول البحث عنها ولم يحاول مواجهتها ومعرفة سبب بعدها عنه، وأخذ موقفا سلبيا لم يغيره إلا مع نهاية الفيلم عندما قالت سارة له إنها تعرفه لأن إحساسها قادها إليه، فيرد بأنه يؤكد لها أن أي شئ فهمته خطأ هو غير حقيقي ( كيف عرف أن سبب بعدها عنه أنها سمعته وهو يتحدث عن فتاة أخرى بطريقة سيئة واعتبرت أن الكلام عنها خاصة أنه لم يحدث أي حوار بينهما حول هذا الأمر). عمرو يوسف : ممثل متميز أتقن دوره بحرفية عالية لكن قلة عدد مشاهده جعلت شخصيته في الفيلم لم تظهر بوضوح ففجأة نجده يترك مصر لأنه لم يحصل على فرصته بها، وبدون مبرر يعود إليها رغم أنه لم يتمكن من أخذ هذه الفرصة حتى بعد عودته، لكنه يعود للنزاع مرة أخرى مع رئيسه الذي يرفض تعيينه، وكأن المخرج أراد أن يصل الى نهاية الفيلم بأن تقابل البطلة حبيبها الأول مرة أخرى وتتعرف عليه عن طريق عودتها إلى مصر مع خطيبها صديق البطل، وشعرنا كأن عدداً من مشاهده حذفت وربما لم تكن موجودة في السيناريو من البداية، وهو ما ظهر فى مشهد تعرض عمرو يوسف للسرقة في الخارج بعدها انتقلت مشاهد الفيلم الى حياة البطل والبطلة ولم توضح ماذا حدث له بعد هذه الحادثة وماذا كان يفعل في الخارج وكيف تخطى هذا الأمر وصولاً الى عمله كطبيب يأخذ وضعه هناك ورغم ذلك عاد ليتصارع مرة أخرى مع رئيسه الذي رفض تعيينه حتى يعطي هذه الفرصة لنجله. إسلام جمال : موهبة قوية قدمها الفيلم، حيث استطاع أن يتقن دوره ويحقق قبولاً لدى الجمهور رغم أنها تجربته الأولى فلم يرهب الكاميرا وبدا طبيعياً جداً لدرجة أن بعض المشاهدين للفيلم معي في السينما ظنوا أنه شقيق تامر حسني في الحقيقة وتساءلوا عن هذا الوجه الجديد. وائل إحسان : مخرج متميز اعتاد على تحقيق نجاحات في أفلامه السابقة لكنني أرى أن هذا الفيلم هو أقل مستوى من جميع أفلامه، ولا أعلم لماذا صرح بأن هذا الفيلم يعيدنا لفيلم "حبيبي دائما" رغم أن هناك فارقاً شاسعاً بين الفيلمين من الناحية الدرامية والتسلسل الواقعي للأحداث والمعالجة الدرامية والرؤية الإخراجية لكلا الفيلمين، كما أن الرومانسية في "نور عيني" لا ترقى لتشبيهها بالفيلم الذي قدمه نور الشريف وبوسي، والذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية. منة فضالي : لا أفهم سبب ظهورها في الفيلم لأن دورها كان صغيراً جداً، ظهرت في الفيلم كصديقة البطلة التي ترافقها في كل مكان ومع ذلك فجأة اختفت من الفيلم ووجدنا صديقة أخرى ترافقها في لبنان، وربما يكون السبب هو خلافات منة فضالي مع السبكي التي جعلتها تتوقف عن استكمال الفيلم. عبير صبري: هي شقيقة البطلة التي تساندها في ظروفها ولم يظهر لمشاركتها بالفيلم سبب مقنع هي الأخرى، وربما يعود الأمر هنا إلى حذف عدد من مشاهدها، كما صرحت، ولم يكن عدد المشاهد القليلة التي ظهرت بها مناسباً مع البطولة التي قدمتها مؤخراً في فيلم "عصافير النيل". أخيراً أعتقد أن فيلم "نور عيني" قدم وجبة فنية ضعيفة تحمل الرومانسية المعتادة للفنان تامر حسني والتي يصر على تقديمها في العديد من أفلامه وكليباته مع عدد من الإفيهات المعهودة له ليكون فيلما مكتمل العناصر التجارية ومختزلا لكل العناصر الفنية الأساسية للفن السينمائي.