السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا سيدة متزوجة وعندى أربعة أبناء، وأؤيد الشرعية والرئيس المنتخب د. محمد مرسى رده الله إلينا سالما، وكنت أشارك فى اعتصام ميدان النهضة قبل أن تقوم سلطة الانقلاب الدموى الغاشم بفضه بالقوة وإزهاق أرواح المئات وحرق جثثهم. ولكن بعد ما حدث فى رابعة والنهضة ساءت حالتى النفسية كثيرًا خاصة بعدما استشهدت إحدى معارفى وأيضًا صديق زوجى وكل هؤلاء الأخوة والأخوات الأطهار. مما جعلنى ألزم بيتى طيلة الشهور الماضية ولا أشارك فى أى فعالية كما انكببت على تلبية مطالب أبنائى فقط والانشغال بأعمال البيت حتى شعرت أنى جبانة وضعيفة ومشغولة بالدنيا فقط. على الرغم من أننى أسير فى طريق الدعوة منذ سنوات، وأتمنى الشهادة فى كل حين، ولكنى أشعر الآن بالخوف والقلق على نفسى وأسرتى وكل من يؤيد الحق ممن أعرف.
فهل أنا مقصرة فى هذا الشأن، إنى أعرف أن كلا منا له عمره وأجله الذى لن يزيد أو ينقص لحظة واحدة، ولكنى أدعو الله عز وجل أيضا أن يطيل فى عمرى حتى أستزيد من العمل الصالح وأتوب إليه من ذنوبى ومع ذلك أدعوه بأن يرزقنى فضل الشهادة وإن مت على فراشى. فهل تفكيرى هذا طبيعى أم غريب؟.. ولكم جزيل الشكر على اهتمامكم.
تجيب على هذه الاستشارة هدى سيد- المستشارة الاجتماعية- فتقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أختى الحبيبة شكر الله لك صنيعك وحرصك على دينك ووطنك وأمتك ومستقبل أولادك. وأود أن أطمئنكِ على حالتكِ التى تشتكين منها، فقد لمست بين سطور رسالتك شيئًا من طبيعة البشر التى قد تعترض البعض فى مثل تلك الصعاب والمحن. القلق والخوف والتوتر وسوء الحالة النفسية عند المصائب والبلايا كلها مشاعر فطرية فى كل من له قلب ينبض بالإحساس، ولكن تتفاوت درجات الخوف الذى يعترينا من شخص لآخر، حسب ما يقر فى قلبه وتوقن به نفسه من إيمان ويقين وثبات، ولا يعنى أنكِ تمرى بتلك المخاوف قلة إيمانك، فقد أقر النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف أن المؤمن قد يكون جبانًا أو بخيلًا، ولكنه نفى عنه أن يكون كذابًا.
أتعرفين لماذا؟ لأن الجبن والخوف والبخل جزء من ضعفنا البشرى وقد يؤثر بالسلب على صاحبه وعلى المحيطين به، ولكنه لا يوصم عقيدته بالخلل. أما الكذب فإن آثاره السلبية تسرى على الفرد والمجتمع، بل قد تهدم أركان الأمة كلها وهذا ما يحدث بالفعل مما يبثه الإعلام المضلل من أكاذيب وقلب للحقائق ومع الأسف يقصدقها الكثيرون.
أختى الكريمة هونى على نفسك، ولا تقللى من شأن ما تقومى به من العناية بزوجك وأولادك ورعاية شئون أسرتك ويكفى أنكِ تعرفين طريق الحق ولم تسيرى خلف من يهلل للظلم ويغنى للظالمين.
إذا فلتستمرى فى عطائك فى بيتك وبين أهلك ولا تجعلى ينابيع الخير الذى تهبيه للجميع تجف، فأنتِ لو علمتِ عمود الأسرة وقوامها الرئيس، ومنك يستمد الجميع الأمل والتفاؤل والحياة، فإذا وهنتِ أو توقفتِ عن أداء رسالتك فمن سيوصلها إذًا غيرك؟
أختاه استبشرى بالخير وتفاءلى به تجديه بإذن الله، واستلهمى من تلك المحنة منحا وعطايا تمدك بالقوة والسكينة حتى تكملى الحياة بنفس هادئة واثقة فى وعد الله عز وجل بنصر المؤمنين، ويؤمئٍذ تنفرج الكروب وتفرح القلوب، وتنشرح الصدور.
ولا تملى ولا تكلى من تربية صغارك على الأسس القويمة والأخلاق السامية، وعلى تذكيرهم دومًا بالهدف من الحياة وماهيتها ومصيرها، وما جزاء الظالمين ومآلهم كما حكت لنا قصص القرآن وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا تيأسى أبدًا من روح الله، فكل ما يجرى هو بعلمه وله فيه حكمة وإن كنا لا نعلمها، فاصبرى واستعينى بالله وابعثى ببسمة أمل فى وجه الألم، وأنيرى ليالى الظلم بدعوات المظلوم فى ساعات السَحَر، فالله عز وجل يسمعها وسيجيبها تعالى فى الوقت الذى يشاءه ويومئٍذ يفرح المؤمنون بنصر الله.