توجه محمد مجاهد، والد الشهيدة هالة أبو شعيشع، بتحية رابعة الصمود لكل رافضي الانقلاب وضحاياه، خاصة الفتيات اللائي أحرجن الرجال بوقفتهن وصمودهن في وجه قوات الأمن والبلطجية. وقال مجاهد -في حواره مع الجزيرة مباشر مصر-: كنت أتمنى من التليفزيون المصري ومن باقي القنوات المصرية أن يذهبوا ليسألوا عن ابنتي في فصل المتفوقات بمدرستها، ليعلموا كيف كانت هالة بأخلاقها شهيدة تمشي على الأرض، ويوضحوا الحقيقة للناس بدلا من أن يتهمونا بالإرهاب. أضاف: لا يوجد فرع طيب إلا من شجرة طيبة؛ وهالة أحد فروع بناتي الأربع، وكلها فروع طيبة، وأسأل الله أن تكون هالة أول من ذهب منا للجنة؛ وأذكر جيدا أن هالة حينما كانت طفلة كانت لا تتشاجر مع أخواتها على الإطلاق بل تترك لهن لعبها بهدوء شديد، ولم تطلب مني أبدا طلبا لدرجة أنني لمت نفسي كثيرا عقب استشهادها لأنني مقصر في حقها ورفضت لها أول مطلب طلبته مني في أن تذهب لرحلة مع صديقاتها ووعدتها بتعويضها عقب انتهاء العام الدراسي. واستدرك قائلا: كانت هالة في الخامسة من عمرها كتبت جوابا بعنوان "إلى الله"، أحبك يا الله وذكرت فيه كل النعم التي جعلتها تحب الله، مما جعلني أتيقن أنها على علاقة قوية جدا بربها لذلك اصطفاها شهيدة. وأوضح أن هالة قتلت في شارع الخلفاء الراشدين، وقتلتها منظومة إرهاب واستعباد واستبداد، وإيقاف أي نفس يبحث عن العيش بكرامة وحرية، لذلك لم يقتلها شخص واحد يحمل سلاح؛ لافتا إلى أن وزارة الداخلية لها أذرع في شوارع المنصورة؛ وهم البلطجية من أصحاب السوابق الذين تستخدمهم الداخلية لقتلنا. وقال: أنا أتسامح مع هؤلاء البلطجية الذين قتلوا ابنتي لأنهم مرغمون ومهددون، ولكني أبدا لن أتسامح مع من أن أصدر لهم التعليمات بقتل ابنتي. وأضاف: استشهاد ابنتي كان سببا في أن تتساوى لدي الحياة بالموت، فإما ميتة في سبيل الله وإما حياة كريمة شريفة؛ وبعد استشهادها لم يتركني القتلة وشأني بل قاموا بإيذائي في مشروعي الخاص، وأغلقوا مصدر رزق ل11 شخصا كانوا يعملون لدي؛ وأذكر جيدا أن مقر حزب الحرية والعدالة كان الفقراء يأتون للمقر وإذا وجدوه مغلقا ينتظرون لدينا في المحل. وتابع: إن الشهيدة هالة في الإجازة كانت تذهب لمركز "ابن لقمان" كي تحفظ الأطفال القرآن الكريم، فكانت تحرص على أن تعلمهم عادات وآداب عامة، فلاحظ الأهالي تغييرا في سلوك أطفالهم فسألوهم عن السبب وحينما عرفوا أتوا لزيارة ابنتي؛ وأذكر جيدا كيف عادت للمنزل تبكي في حالة انهيار لأن إحدى طالباتها أخبرتها بأنها لا تملك سريرا لتنام عليه. وعرج الأب في حديثه المختنق بالدموع على ذكر رابعة العدوية قائلا: قبل أن أغادر مصر اشتقت لزيارة ميدان رابعة العدوية وتذكرت تلاوة القرآن التي كنت أسمعه أيام الاعتصام ورأيت الجدار الذى كان مرسوم عليه جرافتي "أميرة المنصورة" عن ابنتي الشهيدة، وشعرت كأن الميدان يبكينا؛ ولكن قريبا سيكف عن البكاء عندما تعود له الحرية على يد جيل هالة، الذى أذهلنا بقوته وصموده وإصراره على انتزاع حريته، وليعلم الجميع أن هذا الجيل لن يرضى بديلا عن الحرية. التقطت أطراف الحديث منه شقيقة الشهيدة "صفية" قائلة: كان لشقيقتي هالة التي دائما ما كانت الشهيدة تميل للتطوع في العمل الخيري وفي لجنة أمناء الأقصى لمسة خاصة في التعامل معنا، وكانت قادرة على أن تخرجنا من أي أجواء حزن وكآبة نحياها؛ وفي الأيام الأخيرة كنت أرافقها في المظاهرات وحضرنا أيام اعتصام في رابعة، وكانت دائما هالة ما تقارن بين الأجواء في رابعة والمنصورة.