أبدأ هذه الرسالة بتهنئتكم أيها الأحرار بانتصارات أكتوبر المجيدة أولا، ثم بهذه الأيام المباركة من شهر ذي الحجة، ثم بعيد الأضحى المبارك، سائلا المولى تبارك وتعالى أن يتقبل شهداءنا ويشفي مصابينا، ويحرر معتقلينا، وأن يأتي العيد وقد نصر قضيتنا العادلة. وما دفعني الى كتابة هذه الرسالة ما وجدته من دعوات إلى تخلي مؤيدي الشرعية عن مطالبهم بعودتها، والاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها، مما يفتح الطريق إلى حوار بين التيارات الثورية لإسقاط هذا الانقلاب والخروج من المأزق. والحقيقة أن التجربة التي عشناها منذ ثورة يناير إلى يومنا هذا لها دلالات كثيرة يجب أن نضعها في الحسبان عندما نتحدث عن الخروج من المأزق الحالي, ومنها أن العسكر لا ينشغل لا بتحالفات ولا بتنازلات؛ لأنه يرى أن سلاحه وقوته قد وفرت له الحصانة الكاملة والنتيجة المحسومة في أية مواجهة في ظل تغييب الوعي لعدد ليس بالقليل من الشعب المصري. فقادة الانقلاب وما رأيناه بعد الانقلاب من ميولهم العلمانية والإباحية يؤكد أنهم لا يخشون أحدا سوى الشرفاء والأحرار في هذا الوطن، ولا يعتمدون على أحد سوى على أنفسهم أولا ثم على الكنيسة بشكل كبير؛ لأنها ديكور لهم أمام الغرب يستطيعون من خلالها تسويق هذا الانقلاب بعدما تخلى عنهم أحد أهم أركان هذا التسويق، وهو الدكتور محمد البرادعي. وقد سألت نفسي سؤالا: ماذا لو أصدر الإخوان بياناً تخلوا فيه عن عودة الرئيس مرسي واعترفوا فيه بأخطائهم؟ التي عن نفسي لا أعرف ما هي الأخطاء بالضبط حتى يعتذروا عنها؟! لكن المهم خروج بيان اعتذار عن الأخطاء والتنازل عن عودة الرئيس. وبعد تفكير عميق أيقنت أن الخاسر الوحيد من هذا هو التيار الإسلامي أجمع؛ لأنك بذلك تسلم الدولة إلى أحد طرفين: الأول العسكر؛ لأنك أوجدت لهم المبرر أن ما فعلوه كان صواباً، وأنه تدخل في الوقت المناسب، والدليل هو اعتراف الإخوان بذلك من خلال اعتذارهم، والطرف الثاني هم العلمانيون والإباحيون والذين سيقدمهم العسكر ليتصدروا المشهد كما يحدث الآن في ظل تعاون كامل في القضاء على التيارات الإسلامية والوطنية الشريفة، أمثال أيمن نور وحاتم عزام والجوادي وغيرهم، حتى لو أظهروا غير ذلك, وفي ظل غياب وعي كامل عن فئة ليست بالقليلة من الشعب بسبب التضليل الإعلامي المستمر. فما الحل إذاً للخروج من المأزق الحالي؟ الحل هو الحراك الشعبي المستمر، أنت في دولة ليست منتجة، وتعتمد اعتمادا كاملا على المساعدات، وتوقف هذه المساعدات أو الانتقاص منها أو تأخيرها قد يشل هذه الدولة، ولا أعني هنا تدمير الدولة لا سمح الله، بل عجز هؤلاء الانقلابيين عن إدارة الدولة مما يمهد لعودة المؤسسات المنتخبة مرة أخرى لكي تكمل بناء الدولة. الأهم أنك أيها المؤيد للشرعية يجب أن تثبت للشعب المصري فشل تجربة الانقلابيين, وأن الانقلاب على المؤسسات المنتخبة ما أتى إلا بالخراب والدمار والظلم, وأنه فشل فشلا ذريعا في تسيير أمور الدولة وتحقيق الأمن للمواطن وحفظ كرامته وحريته وصون إرادته كما يحدث في كل الدول المتحضرة, وإلا سوف تخسر هذا الشعب المسلم المسالم المناضل لفترة ليست بالقصيرة, وتجربة الثلاثة أشهر الماضية أثبتت أن كل يوم ينضم إليك عدد كثير يناصر قضيتك، والحديث أنك خسرت المجتمع حديث غير صحيح، فدائرة كل واحد منا بفضل الله ما زالت متماسكة، وهي الدائرة التي كنا نعمل معها ونؤثر فيها ويحملون هم هذا الوطن وهذا الدين العظيم معك، حتى ولو كان أداؤهم ضعيفا إلا أنهم متمسكون بالحق, كما أن التضحيات التي قدمت لا تعدل 5 % من تضحيات الشعب السوري أو الليبي، ولا أقصد بذلك أن نحمل السلاح مثلهم، لكني أتحدث عن تضحياتهم في سبيل كرامتهم وعزتهم وما زالوا صامدين. بل الواضح أن أغلب المظاهرات من خارج هذه الدائرة أيضا، بمعنى أن الموجودين على الأرض هم الإخوان المسلمون بجانب دوائرهم بجانب إخوانهم من التيارات الإسلامية، بجانب أعداد كبيرة من الشعب بكافة طوائفه تنضم إليهم كل يوم، لذلك تخرج هذه الملايين الهادرة من كل المدن والمحافظات. يبقى أن نعي أننا أصحاب حق ولسنا متجنيين على أحد، وقضيتنا عادلة، وأن الله يدبر أمرا لسنا نعلمه. والله أعلى وأعلم.