لا شيء يحدث مصادفة في دول الربيع العربي تلك التي استولى عليها العسكر أو التي لا زالت صامدة أمام انقلابهم، وقد أثار استلام سلطات الانقلاب في مصر الضابط السابق هشام عشماوي، الذي اعتقلته مليشيات اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، في مدينة درنة شرقي ليبيا، في 8 أكتوبر الماضي، تساؤلات حول توقيت وطريقة استلام الرجل، وهل هو مجرد تلميع للجنرال حفتر الذي يلعق آثار الهزائم الأخيرة؟. وأعلن عسكر مصر استلام عشماوي في أعقاب الإعلان عن زيارة مدير مخابرات الانقلاب، عباس كامل، إلى مدينة بنغازي الليبية، الثلاثاء الماضي، حيث التقى اللواء المتقاعد، خليفه حفتر، وخلال اللقاء تم مناقشة عمليات مكافحة الإرهاب بالمنطقة، ويقصد به مكافحة رغبة الشعوب بالتحرر والكرامة، من قبضة المحتل الأجنبي الذي يدير شبكة الجيوش العربية. وفي وقت سابق، قال سياسيون ومحللون إن جهود جنرال إسرائيل السفيه السيسي وحلفائه في ليبيا بدعم قوات اللواء المنشق، خليفة حفتر، لانتزاع السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس تواجه شكوكا وممانعة غربية وروسية، وكانت قوات شرق ليبيا قالت إنها دخلت الضواحي الجنوبية من العاصمة طرابلس في تصعيد لصراع على السلطة يمزق البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011. مباركة الرياض وأكدوا في تصريحات صحفية أن قوات حفتر تلقى دعما عسكريا وماديا من السفيه السيسي وبن زايد في الإمارات العربية، بالإضافة إلى الملك سلمان في المملكة العربية السعودية، التي قام حفتر بزيارتها قبل عمليته العسكرية بأسبوع واحد؛ ما يوحي بحصوله على مباركة الرياض على تحركاته. ويشارك حفتر نظيره السفيه السيسي في عدائه للتيار الإسلامي، وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين، واعتماد الحل العسكري بدلا من الحوار لحسم المفاوضات، وفي فبراير 2017، أكد حفتر أن “ما يقوم به الجيش الليبي ضد تنظيم الإخوان وأعوانه من الجماعات الإرهابية شيء بسيط بالنسبة لما قام به الجيش المصري منذ البداية ضد هذا التنظيم الإرهابي”، مشيرا إلى أنه “لولا ما قدمته مصر لنا ما كنا نستطيع أن نقف على أرجلنا مرة أخرى”. وعلق النائب السابق، والسياسي المصري، عبدالموجود الدرديري بالقول: “إن الغرب يسمح بدور مصري في ليبيا طالما أنه لا يخرج عن إطار السياسة الأوروبية، ولا يسمح بوجود دور مستقل”، مشيرا إلى أن “السيسي يدعم حفتر طمعا في الحصول على أكبر نصيب من براميل النفط، وعدم وجود دولة مدنية ديمقراطية إلى جواره”. مؤكدا أن “الغرب الاستعماري لا يريد لمصر الاستفادة من النفط الليبي حتى لو كانت تحت حكم العسكر؛ لأن الغرب لا يريد أن يتقوى المصريون على حساب الشعوب الأوروبية والعقلية الاستعمارية، وتصر على بقاء سايكس بيكو بدون تغيير”. وأشار إلى أن “هناك بعدًا آخر هو تطور الحراك الليبي لإنشاء دولة مدنية ديمقراطية دون أن تكون دولة عسكرية، وهذا ما لا يريده نظام العسكر المصري. انقلاب مصر يفضل التعامل مع انقلاب مماثل له في ليبيا، ووجود دولة مدنية ديمقراطية في ليبيا يهدد مستقبل الانقلاب المصري”. جائزة السيسي بدوره؛ قال المحلل السياسي، محمد السيد: “تعد ليبيا من الدول المنتجة للنفط ولديها احتياطي نفطي بلغ في 2017 ما يقرب 48 مليار برميل، ولا زالت هناك كميات كبيرة لم تكتشف بعد نتيجة توقف الشركات الأجنبية بسبب الصراع الدائر بين حكومة الوفاق الوطني والمتمرد خليفة حفتر”. وأضاف: “ورغم ما يقدمه النظام الانقلابي في مصر بقيادة السيسي من دعم عسكري على الأرض وفِي الجو مكًن حفتر من السيطرة على مدن عدة أهمها بنغازي، إلا أن الدول الغربية لن تترك النفط الليبي نهما للسيسي والإمارات”. موضحًا أن “الشركات التي تقوم بعمليات التنقيب، ومنها توتال، وإيني وبي بي لها استثمارات كبيرة في ليبيا، وهذه الدول أيضا شاركت في القضاء على نظام معمر القذافي، وأذكر هنا بالتحديد الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الفرنسية والتي حسمت المعركة لصالح الثوار”. ورأى السيد “الغرب عموما له مآرب كثيرة في ليبيا على رأسها النفط، ومحاربة الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من السواحل الليبية، وما سمح به الغرب للسيسي من تدخل في ليبيا كان تحت ذريعة محاربة ما يسمى الاٍرهاب الداعشي، وهذا الأمر انتهى، لكن بعض القوى الغربية، بالاتفاق مع السيسي، تترك له المجال لمساعدة حفتر تحت ذريعة وقف تهريب السلاح إلى مصر”.