اعتبر مراقبون أن رحيل وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس كان متوقعًا، بعدما صار سادس مستقيل من وزراء ترامب، لا سيما بعدما أعلن الأخير أنه سيسحب قواته من سوريا رغم اعتراض حلفاء للولايات المتحدة ومسئولين عسكريين أمريكيين كبار. ورأى الأكاديمي محمد المختار الشنقيطي أن “استقالة وزير الدفاع الأمريكي (ماتيس) تدل على أن سفينة ترامب بدأت تغرق، فهل يفاجئنا المحقق (مولر) قريبًا بأمور تقضي على ترامب نهائيًّا، وتضع تابعيه العرب في حالة انكشاف استراتيجي؟”. وتوقع الإعلامي أحمد منصور أنه “لا أحد سيبقى مع ترامب فى النهاية إلا دونالد ترامب، فالرجل مستعد للوقوف على أشلاء كل من معه بل على أشلاء أمريكا كلها حتى يبقى”. أما أستاذ العلوم السياسية الكويتي د.عبد الله الشايجي فيرى أن الموقف سيتصاعد بعدما استقال الجنرال ماتيس، وزير الدفاع المعروف باعتداله والملقب بMad Dog، وقال: “مزيد من كبار الوزراء والمسئولين يقفزون من سفينة ترامب لخلافات في وجهات النظر والأيديولوجية، وبذلك يغادر جميع المعتدلين والجنرالات إدارة ترامب”. وفي ظل الأزمات الداخلية والخارجية الأمريكية، كتب الدكتور نصير العمري: إنه “لأول مرة ألاحظ أن هناك خوفًا حقيقيًّا في الولاياتالمتحدة من وجود ترامب في البيت الأبيض. استقالة وزير الدفاع ماتيس وتراجع سوق المال والخلاف حول الموازنة التي تسبب بها ترامب تصيب الناس بالذعر.. مركبة ترامب تتسارع نحو الهاوية”. وعبر السيناتور الجمهوري في مجلس الشيوخ ليندسي جراهام عن “حزنه لتقاعد وزير الدفاع ماتيس بعدما قدم- برأيه- خدمات جليلة للرئيس ترامب”. رؤى صحفية وكانت مجلة فورين بوليسي الأمريكية قد كشفت، قبل نحو شهرين من الاستقالة، أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون يقف وراء الشائعات، التي تأكدت لاحقا، بأن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس يعتزم الاستقالة من منصبه. واعتبرت المجلة الأمريكية أن تلك الشائعات من بولتون ونائبته “مايرا” كانت للترويج بأن ماتيس على وشك الرحيل، وكانا يزعمان أن ماتيس “غير متوائم أيديولوجيا” مع إدارة الرئيس ترامب. وقالت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها، إن وزير الدفاع الأمريكي يستقيل بعد يوم واحد من تجاوز الرئيس له ولعدد آخر من كبار مُساعديه للأمن القومي بإصداره الأمر ببدء انسحاب سريع للقوات البرية الأمريكية المؤلفة من نحو ألفي جندي في سوريا. وقالت نيويورك تايمز: “قبل أقل من ثلاثة شهور حدد مستشار الأمن القومي جون بولتون مهمة واسعة النطاق للقوات الأمريكية في سوريا، وبدا حينها أنها تعكس خطة موثوقة للسياسة الخارجية؛ ولكن كما جرى الحال كثيرا خلال رئاسة ترامب الفوضوية، لم تكن كذلك. وتساءلت الصحيفة في عنوان فرعي: من سيحمي أمريكا الآن؟”. واعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن استقالة “ماتيس” بمثابة يوم حزين لأمريكا، وأن كثيرين في واشنطن يخافون أن تترك استقالة ماتيس الرئيس ترامب في إدارة البنتاجون دون أي رقابة، على أنه كان ينظر إليه في واشنطن رقيبًا على رئيس مدمن على الفوضى. وأضافت أن الاستقالة تعكس خلافات السياسة مع ترامب، وأظهرت الشكوك في لياقة ترامب ليكون القائد الأعلى للقوات الأمريكية في لحظة خطيرة على المسرح العالمي. افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال حملت عنوان “مخاطر تذبذب رئاسة ترامب” وقالت: الرئيس يتورط في أسوأ اندفاعاته ويخسر قائدا للدفاع.. وأضافت “مع دخول عام 2019 بحكومة مُنقسمة يتصرف ترامب كثور هائج”. قصة الاستقالة واستقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس من منصبه طوعًا دون فرض، بحسب مسئول أمريكي. وقال في خطاب الاستقالة: إنه يتنحى حتى يتمكن ترامب من تعيين وزير دفاع يكون متوافقًا مع أفكاره. وطالب بضرورة اتخاذ مواقف واضحة من الحلفاء ومن القوة التي تتعارض مصالحها مع مصالح واشنطن. وكشف ترامب في “تغريدة” على موقع “تويتر”، عن أن وزير دفاعه ماتيس سيترك منصبه بحلول نهاية فبراير المقبل. وأثنى ترامب على عمل ماتيس الذي ظل في المنصب سنتين. ومن أبرز ما قاله ماتيس خلال توليه حقيبته: إنه “لا ينبغي للجيش الأمريكي أن يلعب دور شرطي العالم”، “واضحٌ أن الصين وروسيا تسعيان لتشكيل العالم وفق القالب السلطوي السائد فيهما”، و”أصبح لروسيا والصين القول الفصل في قرارات دول أخرى على حساب جيرانهما”. وزير الدفاع الأمريكي جميس ماتيس ليس سياسيا بطبيعته، ولم يخف سرا في السابق أنه لم يكن يتطلع إلى أن يصبح وزيرا للدفاع أو حتى أن يعود إلى واشنطن. وكان ماتيس ضابطا برتبة جنرال في سلاح البحرية وتقاعد في عام 2013 وعمل في جامعة ستانفورد، يعد ماتيس أقل تشددا تجاه إيران من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون.