أعلنت وزارة التضامن بحكومة الانقلاب براءة مستشفى (57357) من كافة التهم المنسوبة لها رغم ما نشرته وسائل إعلام تابعة لنظام الانقلاب العسكرى عن وجود مخالفات بالمليارات. هذا الإعلان يطرح التساؤل لماذا أكدت “التضامن الاجتماعي” السيرة الحسنة لمستشفى أطفال السرطان رغم ما بها من كوارث وفضائح مالية جسيمة كان من المفترض ان يكون مآلها إلى أقفاص الاتهام والمحاكمات والطرد. كان المصريون قد أصيبوا بصدمة كبيرة بعد انتشار اتهامات الفساد بحق إدارة المستشفى الأشهر في علاج السرطان، والتي تزيد ميزانيته السنوية على أكثر من مليار جنيه، وتعتمد على التبرعات من مصر والخارج. وفي بيان مطول تم توزيعه على المواقع والصحف الانقلابية، زعمت “تضامن الانقلاب” حرصها التام علي استقلالية العمل الأهلي وحرية إدارته والقيام بدوره باستقلال تام دون تدخل من الجهة الإدارية إلا بالقدر الذي يسمح به الدستور والقانون من أجل استمرار العمل الأهلي والحفاظ علي أموال الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي هي في حقيقتها أموال التبرعات من العبث أو التعدي عليها أو استغلالها أو إساءة استعمالها في غير النشاط المصرح به. وادعت بعض اللجان التي أرسلتها الوزارة للمستشفى ثبوت عدم صحة التقارير الإخبارية التي نشرت سلفا وفندت الأمر على النحو التالي: 1- إجراء مسئولي المستشفي تجارب سريرية علي المرضي 2- استخدام المؤسسة أموال التبرعات للمضاربة في البورصة انتصار السيسي الناشط الحقوقي علاء متولي كشف في تقرير نشره عن حقائق مهمة في قضية “ستر” فضائح مستشفى السرطان (57) ومن بينها ما يلي: 1- انخفاض التبرعات بنسبة 60% للمستشفى، ومعها أبو الريش للأطفال والمعهد القومي للأورام بنشبة 40%. 2- التستر على مجلس أمناء لمستشفى” والذى يشمل علية القوم من بينهم زوجة المنقلب عبد الفتاح السيسي وفق ما كشفه وكيل بوزارة الصحة بالجيزة. 3- عدم افتضاح “سبوبة” التبرعات التي تشرف عليها المخابرات العامة والحربية وفروعها المختلفة 4- رفع الحرج عن القوات المسلحة التي هي شريك أصيل في المستشفى وبالتالى اتهام صريح بأن “العصابة” هم من أفراد الجيش الذي يحكم مصر. الحقيقة المُرة التي لم تكن بحسبان أحد، أن تتحول مستشفى لعلاج السرطان إلى ورم سرطانى يكشف فسادًا بالمليارات على حساب تبرعات الشعب وعلى حساب الأطفال المرضى. ففي الوقت الذي صدّع فيه إعلام الانقلاب رءوس المصريين بسيل الإعلانات، واللعب على وتر العاطفة والإنسانية وألم الأطفال المرضى، وضرورة التبرع من أجل إنقاذ حياة أطفال مصر، تجد في الجانب المظلم أكذوبة التبرع لمرضى السرطان مستمرة، والتي كان من بينها تحقيق صحفي يفضح فساد مستشفى 57357؛ حيث كشف عن فضائح بالجملة، ومن بينها سرقة أموال المتبرعين، والمبالغ التي دخلت إلى المستشفى، وحجم الإنفاق على الإعلانات دون توجيه الأموال للمرضى، بالإضافة إلى إجراء تجارب سريرية على المرضى!. 57 ورمًا سرطانيًا وتحولت إدارة مستشفى السرطان "57357"، التي رفعت شعار الدعاية أهم من العلاج، لتنفذ مشروعاتها بالأمر المباشر، وتنفق ببذخ على أمور أخرى غير علاج الأطفال، في حين يحصد الموت أرواح أطفال الفقراء داخل سجن يسمى ال"day care"، وهو طوارئ اليوم الواحد فقط. التحقيق الذي أثار ضجة، وكان سبب إصدار قرار بحظر النشر فيه لما به من كوارث جمة، خاصة إذا عرفت أن حجم التبرعات السنوية بلغ "مليار جنيه" ، ومعظمها ينفق في أمور أخرى. في حين تتحدث قيادات 57357، والتي لديها عبارة واحدة تحولت إلى شعار يردده الأطباء والتمريض حتى عناصر الأمن، وهو “أمام طفلك قائمة انتظار لعدم وجود أماكن، وعليك التوجه إلى المعهد القومي للأورام أو معهد ناصر”، بينما تترك الغرف مغلقة لاستقبال أصحاب الواسطة!. الحلال والحرام في تحقيق نشره الكاتب الصحفي أسامة داود، رئيس لجنة العلاج بنقابة الصحفيين سابقًا، كشف بالوثائق والمستندات وشهادة الشهود مظاهر إهدار أموال مؤسسة مستشفى 57357 التي تحصل على تبرعات تصل إلى مليار جنيه سنويًا، بينما توجه تلك الأموال في غير الأغراض المخصصة لها، كنموذج لتحول مثل هذه الجمعيات إلى “سبوبة” للتربح بعيدًا تمامًا عن الهدف السامي الذي دشنت من أجله. التحقيق اعتمد في معلوماته على الأرقام الواردة في ميزانية المستشفى والمعتمدة من مراقب الحسابات، بداية من عام 2015 وحتى موازنة 2018، حيث تشير الأرقام إلى أن بند الأجور بلغ عام 2015 نحو 210 ملايين جنيه، منها 192 مليونًا للعاملين في المستشفى، و18 مليونًا للعاملين في مؤسسة 57، فيما بلغ الإنفاق على العلاج نحو 160 مليون جنيه فقط، بنسبة أقل 20% من الأجور. في ميزانية 2016 بلغ الإنفاق على الأجور 280 مليون جنيه، بزيادة 33% عن العام السابق، فيما بلغ الإنفاق على العلاج 201 مليون جنيه بزيادة 25% عن 2015، هذا بخلاف ضرائب كسب عمل ما زالت محل خلاف تزيد على 5 ملايين جنيه، مما يزيد من حجم بند الأجور. في 2018 تم تخصيص 65.4 مليون جنيه من الموازنة التي تبلغ مليار و235 مليون جنيه، حوافز ومكافآت للعاملين بالمستشفى، فيما لا يخصص سوى القليل منها للإنفاق على العلاج وفقط، وهو مثار تساؤل طالب رئيس لجنة العلاج السابق بنقابة الصحفيين التحقيق فيه. رغم تجاوز أعداد الجمعيات الخيرية في مصر حاجز ال48 ألفًا، فإن خمسة منها فقط أعمار بعضها لم تتجاوز 3 سنوات يستحوذون على 80% من أموال التبرعات. الأمر لم يقتصر فقط على تخصيص الجزء الأكبر من التبرعات للعاملين بالمستشفى مقارنة بالعلاج، بل تجاوز ذلك إلى تفشي المحسوبية والواسطة في تحديد من يحصل على العلاج، وهو ما أقره مدير المستشفى ذاته الدكتور شريف أبو النجا في حوار أجري معه عام 2015 غير أنه أشار إلى أن نسبة الدخول بالواسطة لا تتجاوز 5% على حد قوله. التناقض الملفت للنظر إلى أنه في الوقت الذي يحصل فيه مستشفى مثل 57357 على مليار جنيه تبرعات سنويًا، بينما يمتلك 240 سريرًا فقط، 160 في القاهرة و80 في فرع طنطا، تستقبل قرابة 1200 حالة أورام جديدة فقط كل عام، في ظل وجود 6 آلاف حالة تتردد للمتابعة.