في ذكرى مرور أربعة أعوام على ترسيخ دولة الجهل والاستخفاف بالعلم، ونشر الدجل، وعودة اللعب ب"البيضة والحجر"، يتذكر المصريون في هذا اليوم أكبر عملية نصب على الغلابة، من المصريين الذين يعانون الألم والمرض، حينما روج نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي لاكتشاف علاج فيروس سي والإيدز من خلال الكفتة، وهو الاكتشاف الذي أعلن عنه لواء الدجل المسمى عبد "العاطي كفتة"، ليجعل من مصر مجالاً لدولة الجهل والتي أسفرت عن تلويث سمعة المصريين في المحافل العلمية، والسخرية من تاريخهم وحضارتهم. جعل الانقلاب من حملة عبد العاطي كفتة التي تاجر بها بصحة الغلابة، بداية لتدشين كبرى حملاته في النصب على المصريين، ما بين الحديث عن اكتشاف جهاز علاج فيروس سي والإيدز وبناء مليون وحدة سكنية وتوزيع مليون ونصف المليون فدان والمليارات التي وعد بها النظام المصريين بعد تشغيل تفريعة قناة السويس الجديدة، لتتحطم بعدها ملايين الأحلام ليس من طبقة البسطاء وحدهم بل كذلك من مختلف فئات الشعب.. فكانت ولا تزال مجرد وعود منتهية الصلاحية والحجة دائمًا ما تكمن في الميزانية. جهاز الكفتة بدأت قصته في 22 نوفمبر 2014، حينما عرض التليفزيون المصري تقريرًا وصفوه بالمهم خلال مؤتمر عن نجاح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في ابتكار علاج جديد للمصابين بفيروسي "سي والإيدز". وتناقلت وسائل الإعلام بشرى اللواء إبراهيم عبد العاطي الذي قال: "لن يكون هناك مريض كبد في مصر بعد الآن بهذا الجهاز، سآخذ الفيروس من المريض وأعطيه له صباع كفتة يتغذى عليه، وهذا قمة الإعجاز العلمي" ليعطي أمل الشفاء في قلوب ما يقرب من 18 مليون مواطن مصري مرضى بفيروس "سي". لكنه في النهاية ثبت أن الاختراع لن يرى النور، ليكون بحق أكبر "فنكوش" خُدع به المصريون وتحول إلى ملف محفوظ في ساحات المحاكم، لا سيما بعدما أعلنت وزارة الصحة عن اتفاق لتوفير علاج أمريكي لفيروس سي بملايين الدولارات.. واختفى عبد العاطي وجهازه. إلا أن تلك البطولات الوهمية والإنجازات المزعومة قد جعلت من مصر أضحوكة العالم ومثار سخرية الجميع، كما أن التطور المتلاحق في مأساة "أضحوكة العالم" لم يتوقف عن حد إضحاك دولا ربما تسبقنا الآن بسنين ضوئية بعد التحرر بطبيعة الحال من سطوة الحكم العسكرى الفاشى وفصل الجيش عن السياسة -الشيء الوحيد الذي يجب فصله-، وإنما تخطها إلى مرحلة الإبهار والإدهاش وأكد على أن خارطة الطريق المصرية تقود البلاد بسرعة متنامية نحو "ذيل" الأمم. ولمم تتوقف حملة الجهل والدجل عند جهاز عبد العاطي، بل امتدت تخاريف نظام السيسي في إهدار أموال الوطن في مشروعات وهمية على غرار مشروع عبد العاطي، ومن بينها: العاصمة الجديدة بعد أن عشّمت الحكومة المواطنين بعاصمة إدارية عالمية أعلنت عنها خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقد بشرم الشيخ في مارس 2015، وبعد أن صاحب المشروع الجديد زفة إعلامية كما حدث مع جهاز الكفتة، خرج السيسي بعدها ليقتل الحلم الجديد بإهدار أموال الدولة في مشروع العاصمة، ولا يدري المصريون ماذا تجني لهم هذه العاصمة. المليون وحدة سكنية في أوائل عام 2014، كشف السيسي، أثناء خوضه الانتخابات الرئاسية، عن مشروع المليون وحدة سكنية، بتكلفة 40 مليار دولار، وحتى الآن مالزال المصريون يبحثون عن مأوى لهم، في الوقت الذي هجر نظام السيسي عشرات الآلاف من المصريين من أماكنهم وبيوتهم وبيع أراضيهم بالقطعة للمستثمرين الأجانب. قناة سويس جديدة تم تسويقه كمشروع قومي وهدف استراتيجي لنظام السيسي، في محاولة لضخ أمل جديد لمؤيديه عوضًا عن الظروف الاقتصادية الصعبة، وقيل أن أرباح المشروع قد تصل ل100 مليار دولار في الوقت الذي شككت تقارير إخبارية عالمية في جدوى المشروع وأرباحه وأنه ربما يكون "توشكى" جديدة. وجمعت الحكومة عن طريق شهادات الاستثمار ما يزيد عن 60 مليار جنيه في أسبوع ونصف لمشروع قناة السويس الجديدة وأسندت المهمة للجيش، والغريب في الأمر أن المشروع يستهدف حفر قناة موازية بطول 72 كيلومترًا خلال عام، والقناة الموازية موجودة بالفعل منذ عام 1988 وبطول 68 كيلو مترًا، فهل يحتاج حفر 4 كيلو إضافية إلى كل هذه الأموال الطائلة والضجة الإعلامية الهائلة؟ عربات الخضار وعلى خطى تلك المشروعات جاءت أيضًا مشروعات بوتين والمفاعلات النووية ذلك الحلم القديم الذي لم يتحقق، ومشروع توزيع الدجاج على البطاقات التموينية بسعر 75 قرشًا للدجاجة وكيلو اللحمة بجنيه واحد، ناهيك عن اللمبات الموفرة وعربات الخضار للشباب، وصندوق تحيا مصر الذي لا نعرف حتى الآن أين تذهب أمواله وأين العائد؟ وآثار المؤتمر الاقتصادي الذي وعد ب300 مليار آخر، وعربات الخضار التي اقترحها نظام السيسي على الشباب الجامعيين للقضاء ءعلى البطالة.