ارتفع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بالبنك المركزي المصري لمستويات قياسية جديدة، لم يشهدها من قبل، حيث أعلن البنك المركزي المصري، برئاسة طارق عامر، ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 38.209 مليار دولار أمريكي، في نهاية يناير 2018. وأوضح البنك المركزي أن الاحتياطي النقدي ارتفع بقيمة بلغت 1.208 مليار دولار خلال شهر واحد فقط، بالمقارنة برصيد الاحتياطي في نهاية شهر ديسمبر 2017، والذي بلغ فيه 37.01 مليار دولار. استمر الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بالبنك المركزي المصري في الارتفاع بشكل مستمر، على مدار العام الماضي، على الرغم من قيام مصر بالوفاء بجميع التزاماتها الخارجية في مواعيدها، والتي بلغت قيمتها 30 مليار دولار خلال العام الماضي، وذلك لاتباع المركزي سياسة جديدة تعتمد على تمديد أجل القروض القصيرة لقروض طويلة الأجل، خاصة بعد تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، مما ساهم في القضاء على السوق السوداء للدولار وتقليص الضغط على العملة الأجنبية. القروض أحد أسباب ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، حيث حصلت مصر خلال العام الماضي على أول ثلاث شرائح من قرض صندوق النقد الدولي، والتي بلغت قيمتها 6.2 مليار دولار، ووصلت استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة الدولية 19.8 مليار دولار، بالإضافة إلى حصول مصر على الشريحة الثانية من قرض البنك الدولي، والتي بلغت قيمتها مليار دولار، وشريحتي قرض بنك التنمية الإفريقي وقيمتهما مليار دولار. ولم يكتفِ المركزي بالقروض، بل عقد اتفاقًا تمويليًّا لمدة عام مع مجموعة من البنوك الدولية بقيمة 3.1 مليار دولار، مع الالتزام بإعادة الشراء لسندات دولارية، وذلك بعد قيامه بسداد 2 مليار دولار قيمة عملية بيع، مع الالتزام بإعادة الشراء لسندات دولارية، و بلغ إجمالي الطلبات المقدمة 4.3 مليار دولار، وبذلك يكون صافي دخل البنك المركزي من هذه العملية نحو 1.2 مليار دولار. وبحسب اقتصاديين، فإن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي هذا الشهر جاء بديون جديدة، منها 850 مليون دولار دخلت هذا الشهر كحصيلة سندات دولية، بخلاف أموال ساخنة أخرى؛ ولذلك لا يمكن أن نقرأ زيادة الاحتياطي بالعملة الأجنبية بمعزل عن الديون الجديدة، فكل هذه الزيادات نتيجة قروض تثقل كاهل الدين الخارجي. وتتفاقم ازمة الاقتصاد، مع الأموال الساخنة التي تأتي من صناديق الاستثمار الأجنبية للبورصة المصرية؛ لتحقيق أرباح من خلالها، وتخرج من السوق بسرعة؛، وهو ما تعرض له الاقتصاد المكسيكي في أوائل تسعينيات القرن الماضي، والتي كان وقتها سعر الفائدة علي الدولار منخفضًا جدًّا وسعر الفائدة على البيزو المكسيكي مرتفعًا، فكان المستثمرون الأمريكان يقترضون من البنوك الأمريكية بفائدة قليلة جدًّا؛ من أجل استثمارها في البورصة المكسيكية. وعندما ارتفع سعر الفائدة على الدولار، تم سحب الأموال، فانهارت قيمة الأسهم؛ بسبب زيادة العرض وقلة الطلب، وانهارت العملة المكسيكية. حمل سلبي وبحسب اقتصاديين فإنه لو كان رصيد الاحتياطي قد نما نمواً طبيعياً دون اقتراض، كأن تتسبب فيه مثلاً ايرادات إضافية من قناة السويس الجديدة، أو طفرة في الصادرات، أو تقييد في الواردات غير الضرورية، أو تحسن كبير في إيرادات السياحة، أو طفرة جديدة في تحويلات العاملين بالخارج، أو حتى نتيجة لتدفق الاستثمارات الأجنبية، لكانت زيادة الاحتياطي محمودة.. فوائد الاقراض ويبلغ متوسط كلفة الاقتراض قليل الكلفة من الخليج (حوالي 2% إلى 3%)، ومرتفع الكلفة من البنك الأوروبي (حوالي 9%)، سيكون في حدود 4% إلى 5%. بينما أرصدتنا، التي يفرض علينا صندوق النقد الدولي استثمارها في سندات الخزانة الأميركية وما شابهها من استثمارات منخفضة المخاطر، توفر لنا عائدا في حدود 1% -2% في أحسن الأحوال. أي أننا باختصار نستثمر بعائد 1.5% ما اقترضناه بكلفة 4.5%، محققين ما يطلق عليه "حملا سلبيا" أو negative carry، يقدر بحوالي 3%، على 20 مليار دولار على الأقل من رصيد الاحتياطي، وبكلفة تقدر بحوالي 600 مليون دولار كل عام، أو أكثر من عشرة مليارات من الجنيهات المصرية. جدولة الديون وبلغ استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي البالغة 19.8 مليار دولار من الدين الخارجي، حيث أعلن تقرير البنك المركزي ارتفاع حجم الديون الخارجية ل80.83 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي 2017/2018 والذي انتهي في سبتمبر 2017 الماضي. وبحسب التقرير، فإن حجم القروض الثنائية المعاد جدولتها يبلغ 4.03 مليار دولار منها قروض ميسرة قيمتها نحو 3.8 مليار دولار، وغير ميسرة بقيمة 219 مليون دولار، وبلغ حجم القروض الثنائية الأخرى 6.67 مليار دولار، منها لدول نادي باريس وتبلغ قيمته نحو 3.813 مليار دولار، والدول الأخرى 2.859 مليار دولار، فيما بلغ حجم القروض من المؤسسات الدولية والإقليمية 23.4 مليار دولار، وبلغ حجم التسهيلات المستحقة للموردين والمشترين 7.2 مليار دولار. وذكر التقرير أن قيمة السندات والصكوك المصرية بلغت 8.9 مليار دولار، وأن حجم الديون قصير الأجل بلغ 12.07 مليار دولار، منه ودائع تبلغ قيمتها 3.6 مليار دولار وتسهيلات أخرى تبلغ قيمتها 8.4 مليار دولار، وأن حجم الودائع طويلة الأجل بلغ 18.28 مليار دولار، وديون القطاع الخاص بلغت 158.9 مليون دولار. وبلغت نسبة الدين الخارجي من الناتج المحلي 36.2%، وخدمة الدين الخارجي من الصادرات السلعية والخدمية بلغت 15.7%، ومتوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي بلغ 771.2 دولار، وخدمة الدين الخارجي من الصادرات السلعية والخدمية سنويا، بلغت 16.3%، بحسب التقرير. وأكد تقرير البنك المركزي، أن إجمالي أعباء خدمة الدين خلال الربع الأول بلغ 1.807 مليار دولار تتضمن نحو 642.5 مليون دولار فوائد مدفوعة و 1.164 مليار دولار أقساط مسددة، مشيرا إلى أن نسبة خدمة الدين الخارجي من الحصيلة الجارية بلغت 10.2% وسنويا 10.8%، وأن نسبة الفوائد المدفوعة للصادرات السلعية والخدمية بلغت 5.6%، وسنويا 4%، وأن الفوائد المدفوعة على الحصيلة الجارية بلغت 3.6%، وسنويا 2.6%. ولم يشير البنك المركزي إلى استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي، التي تبلغ 19.8 مليار دولار، واعتبرتها وكالة "فيتش"، ديونا، وأكدت أن إجمالي ديون مصر الخارجية 100 مليار دولار، لكن الدكتور عمرو الجارحي، وزير المالية، قال إن تعريف الدين الخارجي للبنك المركزي يختلف عما أعلنته الوكالة؛ لأن السندات وأذون الخزانة محفظة تتحرك بشكل سريع ومن طبيعة هذا النوع أنه يتعرض للزيادة والنقصان باستمرار ويختفي عند حدوث اضطرابات وهذا غير موجود حاليا والبنك المركزي يدير المحفظة بشكل جيد. وقال الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن عدم احتساب استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي، يرجع إلى إعادة هيكلة أشياء كثيرة بشكل مختلف عن المتعارف عليه؛ من أجل جعل الدين الخارجي في مستوى آمن عند 36% من الناتج القومي، واستبعاد الدين المحلي الذي يتم تغطية عن طريق طباعة عملة محلية دون غطاء، وهذا أحد أسباب التضخم الذي انتشر في الفترة السابقة. وبذلك يصل إجمالي الدين الخارجي والداخلي بلغ 115% من الناتج القومي والحدود الآمنة عند 60% فقط، وهذا يدل أن ما يحدث، إصلاح مالي ونقدي وهيكلي وليس إصلاحا اقتصاديا، في ظل عدم وجود رقابة، ولذلك سيظل الديون في منحى مرتفع، بالإضافة إلى فوائد الديون. وبتلك الارقام يكاد يجزم المواطن بتدمير الاقتصاد المصري مع بق الاصرار والترصد..مع اسكات المصريين بحمل سلبي سنفضح بعد الانهيار التام للجنيه المصري بعد تجاوز حجم الديون المستحقة على مصر بقيمة 115% من الدخل القزمي، ما يتجاوز الحدود الامنة للدين والتي تقدر بنحو 60% من الناتج القومي..