نشر موقع الجزيرة تقريرا حول دولة الانقلابيين في مصر عادت إلى الدولة البوليسية وذلك بعد تغوّل الأمن في الحياة العامة وقتل مئات المتظاهرين والزج بالمعارضين السياسيين في السجون وإغلاق القنوات الإعلامية غير الموالية للجيش، تبدو مصر تحث الخطى نحو العودة إلى حقبة الدولة البوليسية وفق العديد من المراقبين. وأفاد التقرير أنه خلال اليومين الماضيين تناولت الصحف الأميركية والبريطانية ما سمته عودة البلاد إلى عصر مبارك بعد استدعاء الداخلية لوحدات مثيرة للجدل، وانتشار الشرطة السرية في الساحات والميادين. وبينما تحدثت ذي غارديان عن عودة الشرطة السرية التابعة لنظام مبارك، رأت واشنطن بوست أن نجم القوى الأمنية يسطع مجددا في مصر مع اعتبارها بمثابة بطل من قبل العلمانيين والليبراليين الذين تظاهروا ضدها في ثورة 25 يناير. ويعني مفهوم الدولة البوليسية ممارسة الحكومة إجراءات قمعية صارمة ضد المجتمع تتحكم من خلالها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مع فرض قيود على حرية السكان في التنقل والتعبير عن الآراء. ونقل الموقع عن محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات الذي رأي أن ما تتناوله الصحف الغربية عن تغول الأمن في الحياة بمصر مطابق للواقع، وموالاته بشكل علني للدوائر التي تكره الإسلام وتسعى لتشويهه واجتثاثه من المشهد السياسي. وحسب الزيات فإن مصر حاليا تعيش مشهدا ظلاميا يتحكم فيه الجيش في القضاء والإعلام، ويوظف قوته العسكرية لمصادرة حريات المواطنين وانتهاك كرامتهم ومعاملتهم بغطرسة واستعلاء. ويتجلى دخول مصر في حقبة الدولة البوليسية في عودة شرطة مبارك لملاحقة الناس ومعاقبتهم على الهوية، وتسخير قوة الدولة في قمع المعارضين وتشويه صورتهم في الإعلام في الوقت الذي يغلق فيه كل منبر معارض، حسب الزيات. ويقول إن "مكر الليل والنهار" الذي يمارسه الجيش ضد المدنيين المسالمين يفوق ممارسات كل النظم المستبدة في العالم، حيث نفذ في شهر واحد عدة مجازر راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى، إضافة إلى الملاحقين والمعتقلين. أما خبير القانون الدولي الإنساني الدكتور فوزي أوصديق فيؤكد أن الوضع في مصر ينافي مفهوم دولة القانون وسيادة الحق، إلى حد أنه يمثل انتكاسة كبيرة تتنافى مع أبجديات حقوق الإنسان. ويدلّل على عودة مصر إلى الحقبة البوليسية بأن قوات الأمن تخلت عن دورها كضامن لأمن الأمة، إلى جهاز يتجسس على الناس ويودعهم السجن والتعذيب بسبب قناعاتهم الأيدولوجية والفكرية. ويصف أوصديق النظام المصري الجديد بأنه قمعي ودموي حيث "بتنا نرى المجزرة تلو المجزرة دون ذرة من خجل أو حياء"، نظرا لكونه محمي الظهر من قوى دولية وعربية يهمها في المقام الأول أن تقضي على ربيع الثورات. لكنه يحمل الإعلام المصري مسؤولية كبرى تجاه إبادة المتظاهرين لأنه ينشر الكراهية ويحث الجيش على محاربة الأهالي والمعارضين السلميين. ولأن الجيش يتصرف بعقلية الخمسينيات ولا يرى حرجا في قتل 80 شخصا في ساعة واحدة، فإن أوصديق يرى أنه بات على المحكمة الجنائية الدولية التدخل من تلقاء نفسها وإصدار أوامر قبض بحق وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي وأعوانه، مثلما حدث في الانتخابات الكينية عام 2007. بدوره يذهب أستاذ الإعلام الدولي بجامعة القاهرة الدكتور سليمان صالح إلى أن الانقلاب ألغى كرامة الإنسان المصري وأعاد للشرطة جبروتها وغطرستها تجاه المواطنين وباتت تعاملهم بقهر واستعلاء. وتبرز معالم الدولة البوليسية والقمعية في التعامل غير الإنساني مع المعارضين وممارسة التعذيب النفسي ضد السجناء السياسيين لجبرهم على تغيير قناعاتهم والتطبيل للنظام الانقلابي، وفق توصيف صالح. ويضيف أن قوات الأمن تعتقل يوميا عشرات المتظاهرين وتخضعهم للتعذيب من أجل الإقرار كذبا بأنهم كانوا يحملون السلاح ويخططون لمهاجمة الشرطة والجيش.