علي بدرخان: الفنان يقدم رؤيته ولا يفرض انطباعا كاذبا{ بشير الديك: فترة مبارك الأكثر قمعا ويوسف شاهين أفضل من عبر عنها{ حسام عقل: عقيدة الشرطة بعد الثورة مختلفة ويجب أن يلتفت لها الكتاب. تناولت السينما والأدب صورة رجل الأمن أو الشرطة بالتحديد في أكثر من شكل منها العاقل الذي يستطيع أن يحل القضية ويصل للمجرم ويسيطر علي أمن الشارع, وأخري لضابط متغطرس, والأخيرة والأكثر انتشارا بين الأعمال الإبداعية هي الصورة القمعية التي يظهر فيها الضابط في ظل وجود دولة أمنية, هذه الصورة ربما تكون قد اثرت علي وجدان المتلقي لها, ورسخت لصورة ما وهذا ما يؤكده عدد من المبدعين لكن يرفضه أخرون لكن في النهاية يتفقون علي فكرة واحدة ان الإبداع السينمائي او الأدبي هو مرآة للواقع ولا يمكن أن يشوه صورة يراها المواطن في تعاملاته اليومية مع أي مهنة. وقال الناقد د. حسام عقل لا شك أن الإبداع الأدبي وخصوصا القصصي قد رسم صورة مميزة لرجل الشرطة حيث بدي في كثير من الأحيان في صورة الإنسان السادي القامع الذي يحاول ان يغتال حقوق الآخرين وأن يأخذ ما ليس له ويعصف بالحريات المدنية ويساعدة في ذلك علي مدار3 عقود من الزمان نظام بوليسي لا يعترف بمواثيق دولية ولا يأبه بحريات منتهكة وبدت صورة الضابط أحيانا تجسيدا لطبقة اجتماعية خاصة تتميز بالغطرسة والاستعلاء الشديد, ولعلنا لم ننس بعد صورة الضابط التي رسمها نجيب محفوظ في الثلاثية حيث بدي الضابط شديد الطموح مفرطا في الأنانية يحاول أن يصعد علي أشلاء الآخرين بما في ذلك سمعة أخته وهو ما بدا في رواية بداية ونهاية التي تحولت إلي فيلم سينمائي. وأضاف هناك من انتقد دور الجهاز الأمني في القمع علي مدار حقبة مبارك علي نحو ما بدا في رواية مزامير إبليس للروائي محمد الجمل فبدي الجهاز الأمني كفرق للموت متفرغة للموت والقمع ومتابعة المعارضين, وهناك من مزج بين سيرته الذاتية كرجل أمن في عمله الأدبي مثل حمدي البطران أو مصطفي المليجي فكلاهما في تجربتهما الروائية اعتمدا علي السيرة الذاتية أثناء العمل في الجهاز الامني, ولا شك أن الخطاب السينمائي قد امتد بالصورة وعمقها وأكملها كما صنع عاطف الطيب في رائعته البريء حيث يصور كيف تحولت فيالق الامن المركزي إلي ادوات منفذة تتسم بضحالة في الفهم وغرر بها النظام ورسم صورة مغلوطة عن المعارضة السياسية. ويعود عقل ليؤكد أنه لا جدال أن الصورة قد تغيرت كثيرا في اعقاب ثورة يناير حيث ظهرت صورة رجل الامن بصورة المثقف الذي يحاول ان يتفهم الوضع الجديد ولا شك ان العقيدة الشرطية والأمنية قد تغيرت من تأييد النظام إلي محاولة الحفاظ علي الممتلكات والأرواح والمنشآت الحساسة والحيوية دون النظر إلي طبيعة الشخصيات والكوادر الحزبية التي تحكم ربما هناك تجاوزات فردية لكنها لا تمثل التوجه الجديد ولا التفهم الحضاري لفكرة التظاهر السلمي كما ان العنف الممنهج المنظم الذي تمارسه الآلة الأمنية اختفي, وعلي النخبة المثقفة ان تمد مزيدا من الجسور مع الجهاز الشرطي للتأكيد علي العقيدة الجديدة وللتأكيد علي ميثاق مجتمعي يليق بجد مع مصر الجديدة ما بعد الثورة. ومن جانبه قال المخرج علي بدر خان ان السينما أو الادب لم ترسخ لأي فكرة عن الامن داخل وجدان المتلقي, وأي فكرة تم تصويرها في عمل فني هي انطباع الكاتب والمؤلف تجاه ظاهرة وشخصيات معينة, ففكرة رجل الامن تم تنولها بأكثر من شكل فهناك الشكل الكوميدي في فيلم اسماعيل يس في البوليس وهناك صورة رجل الامن القاسي والمستبد ورجل الأمن الشاطر الذي يستطيع القبض علي المجرمين, واذا كانت هناك صورة ما لدي المتلقي فهي من ممارسته في الحياة مش في الأدب, لكن الفنان يقدم المادة الفنية من الواقع ويستلهم من شخصيات رآها او مواقف حدثت امامه. وأوضح السيناريست بشير الديك أن في البداية يجب أن نفرق بين الضابط والعسكري أو صاحب السطوة والصورة الأمنية فالعسكري غلبان وصورة لامتداد أصول القرية لكن رجل الامن بالمعني المباركي او أمن الدولة, في هذا العهد كانت الصورة توضح مدي الظلم الواقع نتيجة ما حدث في العشر سنين الاخيرة, وهذه الصورة تكررت أكثر من مرة. وأشار صاحب ضربة معلم إلي ان الصورة العبقرية لهذا الواقع قدمها المخرج الراحل يوسف شاهين وخالد يوسف في هي فوضي فصور أمين شرطة يستطيع ان يتحكم في أشياء كثيرة جدا كانت صورة شديدة الدلالة في مجتمع متفكك لا يستطيع ان يحاكم او يردع شخصا لديه سلطة يسرق ويغطي علي من فوقه, كما ان فيلم زوجة رجل مهم كان مثالا واضحا لهذا الظلم في ظل الدولة القمعية, وفيلم ضربة معلم الذي عبر عن فساد الداخلية, وفيلم الهروب هناك ادوار مختلفة للضابط منهم الجيد والذي قام به عبد العزيز مخيون واخرون يريدون ان يمنعوه من تحقيق العداله, فالسينما تناولت شخصية رجل الامن لتكشف مدي الظلم والقمعية في أرض الواقع. وقال الباحث مصطفي بيومي ان الابداع الجيد سواء دراما أو أدب الجانب الأكبر منه متصل بالواقع فالصورة النمطية التي يكرسها الإبداع الفني تعكس الواقع, والمتلقي يعقد مقارنه بين الخطاب المقدم من الإبداع الفني وبين الواقع الذي يعيشه, والمثال الذي يمكن تقديمه هنا يتمثل في سخرية المواطن العادي من ديكورات واثاث المساكن المواطن العادي مثلما تظهر في السينما والدراما التليفزيونية, إذا لا يمكن خداع هذا المواطن لتجميل او تشويه مهنة معينة, الاختلاف بين مبدع واخر يتجسد في آليات التعبير الفني بمعني أن ضابط الشرطة في قصة وفيلم أهل القمة كان مقنعا لأنه مستمد من الواقع نستخلص إذن أن كل الأدوات الفنية المتاحة للمبدع لا يمكن ان تلقي الجميل علي القبيح أو العكس.