أرأيت إذا نزعت الرحمة من قلوب البشر .. ماذا يفرق بينهم إذا وبين الحيوانات المفترسة ؟ لا شيء ... بل لعل البهائم أفضل منهم حالا ؛ لأنه لا عقول لهم ليفقهوا بها ؛ بل ينفذون ما يمليه عليهم أصحابهم .. هذا بالتحديد ما حدث فى ميادين مصر التى اختطفت فيها أرواح العديد من الشباب الطاهر الذى كان يظن أن مصر بلده ، وأن جيشه هو حاميه ، وأن شرطته دورها دفع الأذى عنه ... شباب صدقوا الشعارات التى ساقها كلاب الانقلاب وأتباعهم حول أنهم لا يريدون الانتقام من أحد ، وأن التظاهر السلمى حق للجميع ... للأسف صدق الشباب حزب النور الذى يدعى أنه يعرف الدين ويلتزم بحدوده ، ثم يقبل أن يشارك فى الجريمة التى نفذها الانقلابيون سفاكو الدماء ، صدقوا أبو الفتوح الذى يقوم بدور قذر فى تلك اللعبة بمباركته للجريمة وسكوته على الجرائم التى ما زالت ترتكب مع إشراقة كل صباح على أيدى المجرمين ... صدقوا من يدعى أنه إمام المسلمين ؛ وهو شريك فى كل قطرة دم تسفك ... أما العسكر فلا لوم عليهم ، ولا حرج .. فقد تعودوا على قسوة القلب وجمود الإحساس وتبلد المشاعر .. ما حدث أمس كارثة وفضيحة تستتبع أن يشنق كل من تسبب فى القتل والقنص والإصابات والترويع نفسه عند أقرب مشنق ؛ لعل الله يغفر له جزءا من وزر الجريمة التى شارك فيها بالفعل أو القول أو السكوت أو التجاهل أو التبرير . الدم الذى سال أمس ، والرعب الذى أصاب الأطفال والنساء أمس، والإصابات التى لحقت بالشباب والرجال أمس .. ما هى إلا حلقة فى سلسلة جهنمية من إجرام العسكر الفجرة الذين يعيثون فى مصر فسادا وتبجحا ، بعد أن حصلوا على مباركة من ملايين المغفلين والأفاقين وقساة القلوب . حسن خيال ... حبيبى وصديقى .. استشهد أمس .. نعم مات حسن الذى لم تكن البسمة تفارق شفتيه ، والذى لم أعرفه إلا مثابرا جادا متحمسا نشيطا ورعا تقيا ... خمد جسد بعد أن دهسه أحد المجرمين بسيارته مع مجموعة كبيرة من الشباب الطاهر عقب عودتهم من ميدان الجيزة بعد معركة غير متكافئة مع بلطجية ومأجورين برعاية كاملة من قوات " الأمن " التى أصبحت أداة للتخويف والترويع . ارتقى حسن ... ليضيف بموته دليلا جديدا على الجرائم التى ترتكب باسم الاستقرار والوطنية والاستجابة لإرادة الشعب .. وأتساءل : هل أراد الشعب قبض روح هذا الشاب وغيره غدرا دون أن يتمكن حتى من توديع زوجته أو ابنته الصغيرة التى كانت تنتظره على أحر من الجمر لترتميا فى أحضانه بعد أن قضيتا ساعات من الرعب فى ميدان النهضة خوفا من الرصاص والبلطجية ، وذعرا على مصير حسن الذى كانتا تعرفان أن مجزرة تدبر لهم بأيدى كفرة فجرة فى ميدان الجيزة ؟ هل أراد الشعب أن يثكل أبيه وأمه فى قرة عينهما الذى كان لهما نعم المعين والسند ، والذى لن يرياه مرة أخرى ، ولن يستطيعا أن يقبلاه على وجنته أو يتلقيا منه قبلة على أيديهما قبل الخروج ؟ هل أراد الشعب أن تحرم الدنيا من شاب جميل فى ريعان الشباب على يد مجرم لا يعرف إلا الخسة والنذالة لا يحمل – بالتأكيد قلبا كالذى نحمل أو مشاعر مثل التى يعرفها البشر ؟ إن كانت الفجيعة فى " حسن " ورفاقه كبيرة ؛ فإن ما يسرى عنا أنه استجابة من الله لندائه الدائم مع إخوانه " والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا " .. وإن كان الله كتب لك الشهادة التى كنت تطلبها منذ زمن فإننا ننتظر أن يرزقنا الله الصبر على فراقك وفراقهم ، وأن يزيح الصخور التى تتحكم فى مصير وطن تخيل أبناؤه أنه أصبح خالصا لهم من دون المجرمين .. ولكن يوما بعد يوم نكتشف أنه وطن قد سُرق ، وانتهك عرضه فى وضح النهار ، ويُعتدى على شرفه كل يوم مئات المرات ... يارب ... إن كانوا يقتطفون أبناءنا وأحباءنا كل يوم فإن الأمل فيك لم ينقطع ، والرجاء فيك لن يخيب ... بأن تشفى غليل الأمهات والآباء الثكالى ، والأبناء اليتامى ، والأخوات المكلومات ... نصرا من عندك على الطواغيت الجدد ... وصبرا تلقيه فى صدورنا على المأساة المتكررة ... وقبولا لهؤلاء الشهداء الذين يرتقون فى سبيل كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر الأثيم . " الله يرحمه "