شهدت ليلة أمس من اعتصام "الشرعية خط أحمر" في محيط ميدان رابعة العدوية بشارعي النصر والطيران أول مبيت من نوعه في تاريخ الثورة المصرية بحيث فاق عدد المعتصمين مليون معتصم . واصطفت الجماهير خلف الطبيب الداعية خالد أبوشادي الذي أبكي قلوب المعتصمين قبل عيونهم، وهز مشاعرهم خلال ركعات التهجد التي أمهم فيها لتكون زاد و بداية لصباح يوم جديد . واللافت للنظر ، انضمام الباعة الجائلين إلى المتهجدين مما عطر أجواء ميدان رابعة العدوية بروح ثورة متجددة تنادي بالحفاظ علي الشرعية المنتخبة . وكالعادة ختم المعتصمون يومهم بطوابير الرياضية ، كما بدءوها بذات الطوابير التي ألهبت حماس المعتصمين وأججت روح التضحية في النفوس ، في أجواء حماسية أشعلتها أنغام أناشيد "لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحما .. لبيك وأجعل من جماجمنا لعزك سلماً" . ومع ذلك سادت أجواء الحوار والنقاش الهادئة بين حلقات المعتصمين بعد منتصف ليل أمس، حيث كانت اعتصامي التحرير والاتحادية تصدرت نقاشات المعتصمين وغلب عليها تقديم أفكار وحلول ابتكارية لدعم الشرعية والتأكيد علي استعدادهم التام للتدخل حال المساس بتلك الشرعية . فيما سادت حالة من الهدوء لدي اللجان الشعبية المؤمنة للميدان ، بعد ليلتين من محاولات اقتحام ميدان رابعة العدوية بإطلاق الرصاص علي المعتصمين. بينما استعاد الميدان روح ميدان التحرير مرة أخرى ، حيث سادت روح التكافل والتعاون بين المعتصمين ، فبعضهم يقوم بتوزيع المشروبات على رفاقه، والآخر يقوم بتوزيع بعض المسليات والمقرمشات، وآخر يقدم المياه والمثلجات، حتى كاد بعضهم أن يقتصم الرغيف . ووقفت سيدة كهلة تتجاوز الستين تمسك بيدها اليمني المصحف وبيدها اليسري علم مصر ، تلوح للمتظاهرين بيدها وتعلن للمتظاهرين الذين بادلوها بالتلوبح، تأييدها للشرعية وللرئيس مرسي . فيما سطعت سماء ميدان رابعة العدوية ، الحدث الأبرز خلال هذه الليلة المشهودة ، حينما دقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل لتشهد انطلاقة عام جديد لولاية الرئيس محمد مرسي ، حيث أضاء الألعاب النارية سماء الميدان وتبادل المعتصمون المشروبات الساخنة والحلوى بهذه المناسبة . فيما كان احتفال المنصة أكثر إثارة ، حيث خصص التحالف الوطني لدعم الشرعية "تورتة" العام الأول لولاية مرسي رئاسة الجمهورية، وقام ممثلو الاتحاد بإشعال سبع شمعات في رسالة للمعارضين أن سيكمل مدته الرئاسية كاملة لدورتين متعاقبتين . وفي قلب ميدان رابعة العدوية ، وقف منصور الصعيدي ابن محافظة سوهاج يلوح بعصاته الخشبية هاتفاً: "حرية وعدالة .. بيأيد مرسي صعايدة رجالة " . وصدح منصور بصوته الأجش معلنا عن تأييد أهل سوهاج ومحافظات الصعيد للرئيس مرسي، وأن أهل الصعيد يقفون خلفا الرئيس الشرعي الذي جاء بإرادة منتخبة . وفي الأطراف المترامية في الميدان، وقفت السيدة فوزية- هي زوجها علي تبيع "عصير البرتقال"- وهي تقول "ربنا معاك يامرسي" .. فحينما سألناها أتهتفين لأنك متواجدة بداخل ميدان يحتشد بمؤيدين للرئيس مرسي .. فقاطعتنا "أهتف من أجل الرئيس وليس من أجل أن ابيع لمؤيديه في الميدان .. فانا لولا حبي للرئيس مرسي لما كنت جئت إلي هنا .. وكنت قد ذهبت إلي التحرير" . وعلي بعد أمتار، من المنصة الرئيسية لميدان "رابعة العدوية" صعد أحمد علي أحد العمال الذين جاءوا دون أي انتماء لأي اتجاه فكري وحزبي ، معلنا كمواطن مصري تأييده للرئيس مرسي علي طريقته الخاصة ، فقام أحمد بالصعود علي أحد الأعمدة التابعة لشركات الاتصال التي تصل ارتفاعها لأكثر من 60 متر معلقاً صورة مكتوب عليها مرسي رئيس الجمهورية. وقال علي للحرية والعدالة أنه فعل ذلك من أجل إعلان رفضه لمحاولات التيار العلماني والليبرالي طمس هوية الدولة التي نريدها إسلامية. علي العكس تماماً، سادت روح عدائية في ميدني التحرير ومحيط قصر الاتحادية حيث اشتبك الفلول مع بعض المتمردين الذين كانوا يوما ما من المحسوبين على الثورة ، علاوة علي مشاهد التحرش الجنسي التي أصبحت من طقوس فعاليات المتمردين والفلول.