إن قوة الدولة لا تكون إلا بالاصطفاف حول الرئيس، وإن القول بضرورة تنفيذ مطالب حتى يتحقق وفاق وطنى هو استغلال سياسى وانتهازية سياسية، إن خطورة اللحظة تتطلب المصالحة السياسية، ولا بد من الانضمام للجنة قوية تشكل من أجل قوة مصيرية واحدة، حفاظًا على كل قطرة من مياه نهر النيل شريان الحياة فى مصر، والحقوق المائية لمصر باعتبارها خطًّا أحمر. إن كلمات سيادة الرئيس واضحة جلية تؤكد الخطر الحقيقى الذى يحيط بالوطن والحفاظ على حقوق الوطن فى مياه النيل، وتؤكد ضرورة المصالحة الوطنية غير المشروطة، وضرورة الموقف الموحد، وتكون اللجنة السياسية الوطنية أمام الخيارات المفتوحة أمام مصر، نحن نثمن هذا الطرح الرئاسى لأنه يستدعى الاصطفاف حول أهداف الدولة والقضايا القومية المصيرية، إنه يتوجب طرح الخلافات السياسية جانبًا، وأن نقف معًا ونقدم ما لدينا معًا لنصل إلى رؤى مشتركة واحدة تمثل رأى الوطن، إننا ما نزال متنافرين ومتخاصمين، وهى رسالة إلى الخارج توحى بعدم توافق وطنى وعدم الاصطفاف صفًّا واحدًا أمام أى تحرك رسمى وشعبى من أجل قرار مصيرى. إن المعارضة لا تعى قيمة اصطفاف قومى حقيقى حول قضايا الوطن المصيرية، نحن أمام قضية مصير وهدف واحد تتطلب الاتفاق على آليات العمل الوطنى القومى الواحد. إن القول بشروط ومطالب داخلية خلافية تتطلب سرعة التوافق، خاصة أن الرئيس يستخدم لغة الجسم فى قضايا الوطن دونما الخلط بين ما هو شأن داخلى وشأن قومى يعبر عن وجودنا وكياننا. إن أمن مصر لا ينطوى على مزايدات أو مغالبات، لقد أكد رئيس الدولة كثيرًا على أن أمن مصر وأمانها وتقدمها ورخاءها مرهون بمعارضة قوية إيجابية مشاركة فى قضايا الوطن الكبرى لا تنشغل بأمور هامشية فرعية، بل تقوم على تخطيط وتنظيم وتكامل مع قيادات الدولة فى الإدارة وفى القضايا المصيرية الكبرى، وتعمل بروح الجماعة الوطنية فى إطار وحدة الهدف المشترك، والتغاضى عن (أنا) لصالح (نحن)، تتنازل عن الطموحات الشخصية والمكاسب الحزبية والنرجسية والاستعلاء، ونتجاوز الخلافات والشعور بوجدان ومطالب الجماهير ومحاولة إقناع الناس بأن لديهم بديلًا أفضل من خلال برنامج يحقق أهداف الثورة بدل الاجتهاد فى مهاجمة كل إنجاز تقوم به الدولة، ومهاجمة النظام بالشائعات المغرضة والأفكار المغلوطة والبحث عن الأخطاء واستغلال معاناة الناس فى فترة انتقالية يعيشها الوطن. إن على المعارضة البحث عن أسباب تراجع الشعب عنهم والشك فى أقوالهم والتواصل مع الجماهير بالنزول إلى الشارع فى القرى والنجوع، التى لا تعرف عنهم شيئًا سوى أنهم طامعون فى السلطة، لا تتسم تصرفاتهم وتصريحاتهم بالنضج السياسى أو الانتخابى. إن المعارضة فى مصر قوامها الاستقواء بالدولة العميقة، والعمل معها، متجاوزة روح ثورة 25 يناير، والاستقواء بالخارج العربى وغير العربى، إن على جبهة الإنقاذ الخروج من دائرة عدم الثقة والاعتصامات والمظاهرات والتمرد الهش والتخبط داخليًّا وخارجيًّا، والعزوف عن حوار وطنى بناء، والتمسك بمطالب وشروط مسبقة تتردد فى كل المواقف دونما إدراك واع لطبيعة المرحلة التى يعيشها الوطن، إنه مسلسل سياسى مرتبك يفتقر إلى الخبرة السياسية والكفاءة السياسية فى التعامل مع الأزمات دون النظر لمصلحة الوطن. إن المعارضة تسعى دومًا إلى تقسيم الناس إلى حفنة من المتمردين أمام جماهير غفيرة من المتجردين والمتفرجين، وعليه فإنهم لا يدركون أن ما يرونه يوم الحشر هو فى حقيقة الأمر زوبعة فى فنجان بتعبير بطل الحرب والسلام أنور السادات. إنها محاولة لإزكاء الفتنة بين أبناء الوطن الواحد فى مرحلة انتقالية تحتاج إلى توحيد الجهود فى قضايا المصير الواحد، إنه على العقلاء لفت النظر إلى تجنب هذه الفتنة، والكشف عن مراميها التى لا تخفى على أحد ومحاولة الرجوع بالوطن وأبناء الوطن إلى المربع رقم (1) وإهدار كل تقدم وإنجاز يعيشه شعب مصر العظيم، إنه يدرك التحالفات الواهية داخل جبة الإنقاذ، وإن قوامها الكذب ونشر الشائعات وإثارة الفوضى ومحاولة القفز على كراسى الحكم بعيدًا عن الديمقراطية والشرعية ودماء شهداء ثورة 25 يناير المجيدة. إنهم يصنعون التشويش الفكرى الذى يتعرض له المواطن المصرى، على حين أن الدولة تسعى جاهدة لتوفير المشروعات التنموية التى تنهض من خلالها مستويات معيشة الشعب المصرى، وفى الوقت ذاته فإن الدولة تحافظ على الخير والنماء والازدهار فى كل ربوع الوطن. إن كشف هؤلاء المتآمرين على الشرعية والديمقراطية يتطلب الوعى بما هم قادمون عليه من قتل وتخريب وإثارة للفوضى والذعر بين الناس، وعليه يتوجب على أبناء شعب مصر الانخراط فى العمل والإنتاج، وترك الحفاظ على أمن الوطن والمواطن لمن أوكل إليهم الشعب حراسة الوطن ومنشآته وأبنائه وبناته فى إطار من القانون والدستور وحقوق الإنسان. إن فى إطار تمسك مصر وحفاظها على النظام الديمقراطى فإن حرية التعبير والتظاهر السلمى مكفولة لجميع المواطنين، وإن الدولة تحمى هذا الحق غير أن هناك دستورًا وقانونًا يحكم جميع المواطنين فى هذا المسار، كما أن الدولة ترحب بكل مبادرة لضمان سلمية المظاهرات ونبذ العنف؛ حفاظًا على أمن الوطن والمواطن، وحفاظًا على الممتلكات العامة والخاصة واستقرار الشارع المصرى وتأمين المسيرات السلمية التى تمارس دورها فى إطار قواعد الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأى، وهو ما يتطلب من جميع القوى والتيارات السياسية التعاون مع الأجهزة الأمنية للقيام بأدوارها فى تأمين تلك الفعالية والحفاظ على سلامة المشاركين للخروج بشكل سلمى يعكس حضارة المصريين وعراقة شعب مصر العظيم.. وستبقى مصر وكلنا زائلون.