للمرة الثانية وبالسيناريو نفسه يقف السجين السياسى الليبى السابق أحمد الزبير السنوسى فى مؤتمر يضم بعض أفراد قبيلته وأعوانه ليعلن برقة -أحد الأقاليم الليبية التاريخية- إقليما فيدراليا مستقلا يدير شئونه بنفسه فى إطار الدولة الليبية، وهو ما اعتبره مراقبون انقلابا على سلطة الدولة بشقيها التشريعى والتنفيذى المنتخبين. وكان الإقليم قد أصدر بيانا أكد فيه أن برقة إقليم فيدرالى اعتمادا على الدستور الذى صدر أيام المملكة السنوسية عام 1951. ووفقا للبيان قرر الإقليم إنشاء برلمان برقة من مجلسين للشيوخ والنواب يضمنان جميع مكونات برقة دون إقصاء، حتى إجراء انتخابات وإنشاء حكومة بالتعاون مع كافة الأطراف، وإنشاء قوة دفاع للإقليم تقوم بواجبها بمساندة الجيش والأمن العام. ورفض "السنوسى" فى بيانه الالتزام بأى قانون فُرض بتهديد السلاح –حسب وصفه- كقانون العزل السياسى، مطالبا البرلمان والحكومة بتخصيص ميزانية للإقليم فى فرع المصرف المركزى فى بنغازى. ويعد الإعلان عودة إلى ما كانت عليه الدولة الليبية فى بداية تأسيسها على يد الملك إدريس السنوسى، التى كانت تضم ثلاثة أقاليم هى: طرابلس وبرقة وفزان، غير أن الملك بعد عدة سنوات ألغى النظام الفيدرالى وأعلن ليبيا موحدة. انتكاسة جديدة من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسى الليبى صلاح الشلوى ل"الحرية والعدالة": لا أتصور من الناحية العملية أن ما جرى سيكون له صدى أو تأثير كبير على المشهد الليبى، باستثناء كونه يمثل انتكاسة جديدة لدعاة الفيدرالية، مشيرا إلى أن البنود التى وردت فى بيانهم الختامى، تدل على الإفلاس وعدم امتلاك أى رؤية سياسية تؤيد توجههم. وأضاف أن نتائج المسح الوطنى الشامل حول الدستور الذى أجراه مركز البحوث والاستشارات- جامعة بنغازى فى الفترة من فبراير إلى مارس 2013 م، أظهر أن (8%) فقط على مستوى الوطن يريدون النظام الفيدرالى، موضحا أنه فى ضوء هذه الأرقام يمكن أن تتصور حجم الفيدراليين وأهميتهم. العزل السياسى وقال أحمد الدايخ -رئيس الدائرة الإعلامية فى حزب العدالة والبناء الليبى-: إن إعلان تحويل برقة إلى إقليم فيدرالى، من الناحية الفعلية لا يتعدى كونه إعلانا ومهرجانا اقتصر على مجموعة من الناس جاءت لضرب قانون العزل السياسى. وأكد ل"الحرية والعدالة" أن مناطق ومدن الإقليم نفسه تشهد توترا وقلقا تجاه بعضها، مشيرا إلى أن الكثير من الفيدراليين أنفسهم يقولون: الفيدرالية ليست ضمانا للحقوق بل هى انتقال من مركزية العاصمة للسقوط فى مركزية الشرق –بنغازى. وأشار "الدايخ" إلى أن سكان المدن الشرقية يخافون أن يبدلوا نظاما مركزيا بآخر أشد قسوة وإن اختلف المسمى والتوصيف. وتشير فوزية المنصورى -الناشطة فى المجتمع المدنى رئيس جمعية العطاء من أجل ليبيا- إلى أن الشارع الليبى لا يعترف بإعلان الإقليم جملة وتفصيلا. ووصفت الإعلان بأنه "مجرد رغبة لأشخاص لديهم ولاءات غير وطنية وتطبيق لأجندات خارجية لا تصب فى مصلحة الوطن"، مؤكدة أن هذه المجموعة لا تشكل ربع سكان الجهة الشرقية من ليبيا. مبالغة غير مقبولة وقال الإعلامى والصحفى الليبى أنس الفيتورى: من وجهة نظرى الموضوع لا يحتاج إلى كل هذا الزخم، وما تفعله بعض وسائل الإعلام هو تعبير عن سياسات تنتهجها أكثر من واقعية الحدث ومدى تأثيره. وأضاف ل"الحرية والعدالة": أن البيان الختامى لمؤتمر إعلان برقة إقليم فيدرالى جاء متناقضا، وهذا يدل على عدم وضوح الرؤيا للمنظمين، وأوضح الفيتورى أن الحدث لا يستحق إلا ذكره كخبر عابر إلى أن يستطيع هذا الفريق تقديم نفسه بشكل صحيح للمجتمع ليرقى إلى مستوى الحدث الذى يحتاج إلى تغطية تفصيلية. مؤيدون بشدة وأرجع الكاتب والناشط الحقوقى الليبى هشام الشلوى تجدد الدعوة لفصل إقليم برقة فيدراليا إلى إخفاقات الحكومة المستمرة وعجزها عن وضع سياسات عامة تنهض بالمجتمعات المحلية، مشيرا إلى عدم رغبة الحكومة فى تطبيق قانون الحكم المحلى الذى يحل الكثير من إشكالات المدن النائية. وقال ل"الحرية والعدالة: إن التقاطع الذى يدعو للتأمل ما بين تجديد الدعوة وبين رفض قانون العزل السياسى من بعض القوى السياسية المتضررة منه، قد يشير إلى تغير قواعد اللعبة ومحاولة الضغط ومساومة المؤتمر الوطنى العام على استثناء شخصيات بعينها من قانون العزل السياسى. ووصف زياد دغيم رئيس التكتل الفيدرالى وأحد الداعين إليها ل"الحرية والعدالة": إعلان برقة إقليما فيدراليا بأنه خطوة جيدة وإعلان مهم، لكن العبرة بتحقيق أفضل توافق خلال الشهر القادم. وأكد أن الإعلان خطوة لحماية برقة وإنقاذ ليبيا، موضحا أنه لولا ذلك لما دعم هذا الحراك. وأعرب "دغيم" عن رفضه فرض الفيدرالية بالقوة، مطالبا بأن تكون من خلال استفتاء أهل الإقليم.