عادل الأنصارى يبدو أن الصدق بضاعة لم تعد رائجة فى سوق الإعلام وعالم السياسة، إذ لا يقبل عليها الكثيرون ولا يتبناها إلا القليلون، كما أن الواقع يؤكد أن الكذب وحده لم يعد كافيا لدى الكثيرين من الذين يشعرون أنهم بحاجة إلى مزيد من الكذب والتضليل. البعض قد لا يكتفى بالكذب وحده -تسويقا وترويجا– ولكنه يسعى إلى التعامل معه على أنه حقيقة قاطعة وخبر جازم، بل ربما لا يكتفى بذلك التأكيد وهذا الجزم فيسعى جاهدا للتواصل مع المصادر للحصول منها على موقفها من القرارات والمواقف المكذوبة. وفى أوقات الضرورة لا يجد البعض ضالّته فى صناعة الكذب أو دباجة التضليل فيسعى لعمليات التحريض والوقيعة مع شىء من الهمز واللمز، متوخيا أن يحمل لقب (هَمَّازٍ مَّشَّاءِ بِنَمِيمٍ) عن جدارة واقتدار. آخر هذه المحاولات ما شاهدناه وسمعناه وقرأناه من تعليقات على قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بشأن عودة البرلمان وما صحبه وتبعه من حملات تشويه وخداع تخطت حدود الكذب إلى ما سواه. فكان سلاح الكذب حاضرا، ومجال التشويه واضحا، وعمليات التحريض بين مؤسسات الدولة متسارعة، فهناك من يحرّض القضاء ويتبرع بتحريك القضايا، وهناك من يحرّض المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويطرح قرار الرئيس وكأنه موجه ضد مؤسسة بعينها. مثال آخر كان حاضرا وواضحا فيما نشر عن اجتماع مجلس شورى الإخوان؛ حيث تفاقمت بورصة الأكاذيب وتوسعت مجالات التضليل للدرجة التى لم يكتف فيها البعض بإطلاق الكذبة وتزيينها وعرضها على أنها حقيقة لا تقبل النقاش، بل يسعى بعد ذلك لتسويقها وترويجها على نطاق واسع. وما إن نجحت عمليات التسويق والترويج حتى تجد من يحاول البحث عن ردود أفعال حولها فيسعى إلى التواصل مع المصادر للحصول على موقفهم تجاه الكذبة التى نجحوا فى تسويقها. والمثال على ذلك فى الادعاء بأن مجلس شورى الإخوان اتفق على ترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الوزراء، إذ تكون البداية فى تسويق الكذبة على أنها معلومة تم تسريبها ثم بعد لحظات يتم تأكيدها على لسان مصدر مسئول. ثم يستمر الإبداع الكاذب من خلال الاتصال بقوى وتيارات سياسية لسؤالهم عن موقفهم من ترشيح الشاطر، فمنهم من يقبل، ومنهم من يعترض، وكأن الامر أصبح حقيقة لا ترد، وواقعا لا يُكذّب.