لا أظن أن قوما كانوا أقسى على العرب والمسلمين مثل طعنات إيران وضربات صهيوأمريكان، وفى المشهد السورى قدم العرب والمسلمون لإخوانهم فى سوريا الحناجر وقدم الإيرانيون والصهيوأمريكان والروس والصين الخناجر، وصارت الأرض مجزرة للرجال والنساء، والشيوخ والأطفال، للطير والشجر، ودنسوا الحجر والوبر، وصار كل يرتع على أرض الشام أرض التاريخ والحضارة، أرض الجهاد والتجارة، أرض العلم والبصيرة، فها هى إيران تساعد الأمريكان لمصلحة بنى صهيون فى احتلال العراق، وتفكيك وحدته، وقد رأيت رأى العين شيعة إيران والعراق يرقصون فى الشوارع والطرقات طربا بدخول القوات الأمريكية إلى بغداد، وتدمير بِنيتها المادية وسرقة مقتنياتها العلمية والأثرية، ولم يدخل الأمريكان إلى العراق إلا راكبين الدب الإيرانى فقد مسح لهم الأرض، ومشط لهم الرجال، وقتلوا من أهلنا فى العراق مئات الآلاف، وسجنوا فوق المليون، فتعاون الصهاينة والأمريكان وإيران فى تدمير العراق، وإرباك البحرين وإرعاب دول الخليج، وصار المخدوعون يظنون أن الحرب الكلامية بين إيران والصهيوأمريكان حول المفاعلات النووية أنها تمثل 1% من الحقيقة المرة، بل هو الخداع والإرهاب الذى جعل دول الخليج تشترى من أمريكا سلاحا بما يزيد عن 150 مليارا من الدولارات لمواجهة الخطر الإيرانى النووى؛ خدمة للاقتصاد الأمريكى المتأرجح والمترنح، ولا ضير، فكلمة السر للأجهزة العسكرية فى دول الخليج هى بيد الصهيوأمريكان، وقد برمجت الرادارات على أن الطيران الصهيونى العسكرى يخرج على الشاشة بعنوان دولة صديقة مما يستحيل معه أن يوجه شيئا من السلاح للكيان الصهيونى، حيث لا توجد إرادة عربية اللهم إلا المبادرات العربية السلمية الرخيصة التى تحملها الأيادى المرتعشة، وها هى سوريا يُذبح شعبها منذ أكثر من عامين بسلاح ورجال وخطط إيرانية استفادت من خططها الجهنمية فى العراق لكى تطبقها فى سوريا بشكل أبشع، وجوهر أفظع، حيث يوجد فى الميدان قوات من شيعة إيران ولبنان والعراق والحوثيين فى اليمن، وها هم بنو صهيون يتقدمون بالطائرات الأمريكية والموافقات الصهيوأمريكية لضرب مواقع للأسلحة كان يأمن الصهيوأمريكان على حيازة قوات حافظ الأسد للإبادة شعبه، لكن الخشية تضاعفت أن ينتصر الثوار الأبرار وجيوش الأحرار، فتصير هذه الأسلحة قوة ضد بنى صهيون الذين أمنوا على البوابة الشرقية للكيان الصهيونى، حيث سلم الخائن الأكبر حافظ الأسد الجولان لبنى صهيون، ولم يطلق رصاصة واحدة على المحتلين وإنما قتل 60 ألفا من الدعاة والمصلين فى حماة وحلب، وجاء ولده بشار الفاجر الجزار لكى يستعين بأنصاره فى إيران وحزب اللات فى لبنان لينحروا مئات الآلاف، ويدمروا الأخضر واليابس بكل غدر وإسراف.. واليوم يعيش أهلنا فى سوريا من الثوار والجيش الحر بين كماشتين قاسيتين غليظتين؛ هما طعنات إيران وضربات الصهيوأمريكان كما قال سبحانه: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ" (الأنفال:73)، وقال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (البقرة: 105). ويتناسى هؤلاء أو بعض المسلمين ما جاء فى ذيل هذه الآية أن الله تعالى ذو فضل على المؤمنين وفى عدل وانتقام من الظالمين، وسيقسم الله ظهر إيران وقد افتضح أمرها بهذه الصور التى ملأت الإنترنت فى لقاءات ضمت رئيس إيران أحمد نجادى مع حاخامات بنى صهيون الذين يفتون بوجوب قتل العرب أجمعين، ولم يوجهوا ضربة واحدة لبنى صهيون وإنما ظل سلاحهم دوما لقتل أهلنا فى العراق والبحرين واليمن وهاهم اليوم يتسللون إلى مصر، ويستضيفون بعضا من الأئمة والعلماء المخدوعين، ولا حرج أن أقول: إن بعضهم من المموَّلين، ولطالما نصحت قادة الخليج واليوم أنصح قادتنا فى مصر بأن النظام الإيرانى يتبنى أشدَّ الطعناتِ لأهلِ السُّنَّةِ فى كل مكان، وخطورتهم الآن أن عندهم خمسة جوانب لا توجد عندنا: أولها: لديهم مرجعية معصومة وليس لدينا مرجعية مقبولة. ثانيا: لديهم الخُمس لخدمة المذهب الجعفرى والعلوى وليس لدينا الفلس لخدمة مذهب أهل السنة والجماعة. ثالثا: عندهم إعلام يخدم المذهب وعندنا إعلام يهدم الدين والقيم. رابعا: وعندهم دولة تصدر الثورة والمذهب، وعندنا أنظمة ودول تصادر على الدين والعلماء. والأخطر هو الخامس، حيث لديهم خطة خمسينية ولدينا ردود أفعال عشوائية. ومن ثم لا أرى أن يُرحب بهم فى مصر فى الوقت الذى أضروا فيه ضررا بالغا لأهلنا فى العراق والبحرين والسعودية واليمن ولبنان، أما سوريا فتلك هى المذبحة الكبرى، والجناية العظمى، والخطيئة السفلى، والدناءة الدنيا، فكانوا يستحقون منا فى مصر أن نواجههم فى سوريا لا أن نستضيفهم على أرضنا، وإن كنت ألوم على بعض إخوانى الذين لم ينبسوا ببنت شفة للتعاون الإيرانى الخليجى المفتوح منذ سنوات، والطيران الإيرانى يهبط بمئات الرحلات أسبوعيا على أرض الخليج، ولم يتكلم واحد من الشيوخ الذين انتهزوا الفرصة لكى يبرروا خصومتهم السياسية مع الرئيس مرسى وجماعته، ومع هذا فإننى على يقين أن هناك تنسيقا سريا جهنميا بين إيران وبنى صهيون والأمريكان لذبح سوريا، وإنهاكها تماما، فإما استعادة نظام الأسد وهو مستحيل أو إنهاك وإحراق تام للأرض السورية، ومذابح بالجملة وجراحات وانكسارات لا تندمل إلا فى سنوات يأخذ العدو الصهيونى أنفاسه كى يتفرغ لمواجهة العدو الأكبر لها مصر، ونظامها الجديد الذى اسودت وجوه بنى صهيون لنجاح الدكتور مرسى، وصوّت المصريون جميعا فى الكيان الصهيونى لأحمد شفيق، والصفر الوحيد الذى حصل عليه الدكتور مرسى فى حياته الدراسية والسياسية كان فى الأصوات المصرية لدى بنى صهيون. إن الضربة الصهيوأمريكية للسلاح السورى لا يمكن للبسطاء عقلا وسياسة أن يكون خدمة وحماية للغلابة من الشعب السورى، بل لِعُيون النظام السورى والإيرانى؛ خشية أن يئول السلاح للجيش الحر والثوار، فيصير خطرا على التمدد الإيرانى، والاحتلال الصهيونى، ولا بد من استعدادات مبكرة فى مصر لمواجهة الخطر الإيرانى والصهيوأمريكى، سواء كان بالتثقيف التعليمى أو الاستعداد العسكرى للتمدد الشيعى والاحتلال الصهيونى. وليتذكر الجميع أن الشيعة عبر التاريخ كانوا القنطرة لكل المحتلين من الصليبيين والمغول والفرنسيين والإنجليز، واليوم الأمريكان الذين يركبون المطية الشيعية الإيرانية إلى شعوبنا فى العراق والخليج والآن سوريا، والمواجهة الإعلامية للبرنامج النووى الإيرانى، ما هى إلا لون من الخداع الصهيوأمريكى لإنهاك مصر والشعب العربى والإسلامى، وليت قومى يعلمون مَن هم شيعة إيران؟ ومَن هم الصهيوأمريكان؟ إنهم لَعَنات الحاضر على الربيع والخليج العربى، ولا بد من خطط متدرجة لمواجهة طعنات إيران وضربات الصهيوأمريكان، وذلك قبل فوات الأوان كما قال تعالى: "لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ* إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِى رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ" (التوبة:44-45) يا قوم قولوا من أعماق القلب "قل صدق الله"، واقرءوا التاريخ دون تزييف أو بُهتان، ستجدون أن الهجمة على أمة الإسلام من الصهيوأمريكان ثم إيران، مستخدمين المال النجس فى توظيف العملاء، محرضى الفتن ومثيرى العنف والمولوتوف، ويرفعون السلاح ليس فى وجه الأعداء، بل لقتل الصالحين والأولياء.