انشغلنا فى مصر طوال العام الماضى فى أحداث ثورتنا الداخلية عن أحوال المنطقة العربية وثوراتها المتزامنة معنا، وأيضا انشغلنا عن أحوال العالم التى تنعكس علينا بكل قوة وأكثر من أى منطقة أخرى فى العالم، بل وأكثر من أى بلد آخر فى العالم. وقد كنا نرى عن حق أن حسم الأمور فى مصر سيضمن حسن سير الأحوال لدى الثورات والبلاد العربية الأخرى، ولذلك ألقينا بكل ثقل تفكيرنا وحركتنا فى هذا الاتجاه، ولكن كما هو واضح فإن الأمور لا تحسم بسهولة فى مصر بسبب أحوال المجلس العسكرى وأيضا بسبب أحوال النخبة بكل أطيافها. ولذلك لا يتعين إهمال الأحداث الكبرى التى تموج بها منطقتنا المحيطة، والتى ستنعكس علينا شئنا أم أبينا، فلابد من متابعة ما يجرى حولنا وتحديد الموقف الصائب منه، وعلى اعتبار أن الشعب المصرى هو الطرف المعنى بالتأثير وليس الحكم الانتقالى الراهن. وكما هو الحال فى إغلاق السفارة الإسرائيلية عمليا ووقف تصدير الغاز لإسرائيل، بالقوة الجماهيرية فى الحالة الأولى وبالقوة التفجيرية فى الحالة الثانية. إن الثورات العربية كانت بالأساس ضد هذه الهيمنة الأمريكية الصهيونية قبل أن تكون ضد هؤلاء الحكام الفاسدين المستبدين لأن أمريكا كانت العمق الاستراتيجى والداعم الأساسى لهم، والمبرمج الأساسى لسياساتهم التى أفقرت الشعوب وحطت من أقدار البلاد. ولذلك حذرنا مرارا من محاولات الولاياتالمتحدة والغرب الالتفاف حول الثورات العربية وحرفها عن مسارها واحتوائها للحفاظ على نفس سياسات التبعية. ونركز اليوم على ما يسميه الغرب الأزمة النووية الإيرانية، وكان الغرب قد أسقط فى يده عند اندلاع الثورات العربية فتوقف عن هجومه على هذه الجبهة، لشهور طويلة. ولكنه عاد منذ عدة شهور وبعد التقاط الأنفاس إلى مهاجمة هذه الجبهة مستغلا انشغال البلاد العربية خاصة مصر بترتيب أوضاعها الداخلية. فعادت قضية اغتيال الحريرى إلى الواجهة، وعاد التصعيد إلى محاصرة إيران، بل والعودة لحديث المواجهة العسكرية، بل وحشد القوى البحرية والصاروخية والجوية الأمريكية فى الخليج. وانضم إلى هذا الهجوم المحاولات المستميتة لاستثمار الثورة السورية فى غير موضعها، وتحويلها إلى جبهة إضافية لمحاصرة إيران. وكان لابد للحلف الغربى الصهيونى أن يضرب قوس المقاومة الممتد من فلسطين إلى وزيرستان، ولا يكتفى بالاستعداد لضرب إيران، لخلخلة كل الجبهة المحيطة بها. مع مواصلة عرض الأمور بصورة مجزأة فى الإعلام والسياسة. البرنامج النووى الإيرانى: مع كل أزمة كبرى فى المنطقة أو بالأحرى مع كل هجوم أمريكى على أمتنا نذكر الناس بالحقائق البسيطة التى يستهدف الإعلام الغربى والعميل له التعمية عليها. وأولها أن الأعداء يركزون على مسألة موضعية واحدة فى اللحظة المحددة لفصلها عن الحملة العدوانية الشاملة التى لا تتوقف علينا. بدأوا بحصار العراق بسبب أسلحة الدمار الشامل وكأنها مشكلة فنية. ثم ركزوا على حصار السودان باسم مكافحة الإرهاب، ثم ركزوا على حصار ليبيا باسم طائرة لوكيربى، ثم حاصروا أفغانستان طالبان، ثم بدأوا فى حصار سوريا بعد إغتيال الحريرى، والآن يركزون على حصار إيران، مع عدم استبعاد الحرب لوقف برنامجها النووى. وإيران متهمة "بجريمة" لا وجود لها فى القانون الدولى ولا فى أى قانون، وهى "جريمة تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية" وهى جريمة ترتكبها عشرات الدول فى قارات الأرض المختلفة (أكثر من 34 دولة) ولكنها لا تعتبر جريمة إلا عندما تقوم بها دولة عربية أو إسلامية. فتم قصف مشروع مفاعل افتراضى فى سوريا، وتم التحقيق مع مصر فى وجود بعض آثار اليورانيوم المخصب فى مفاعل أنشاص البائس. بينما تتحدى إسرائيل العالم بقنابلها النووية بالمئات. بل إن الحلف الصهيونى الأمريكى وراء تعطيل برنامج مصر النووى السلمى 30 سنة ولا يزال حتى الآن. ورغم أهمية تخصيب اليورانيوم لما يمثله من قدرة على التوغل فى التكنولوجية المتقدمة، وفى تحقيق الاستقلال فى مجال العلم والطاقة، فليس هذا هو السبب الوحيد أو الأساسى وراء الموقف الغربى من إيران، بل موقف إيران الاستقلالى بشكل عام، وهو أمر يخشى من انتشار عدواه فى المنطقة، وموقفها بشكل خاص من القضية الفلسطينية ودعمها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية. وبدون مواقف إيران هذه كان يمكن تسوية الموضوع النووى بسهولة. وكنا نتصور وهكذا يقول العقل وتقول الحسابات الرشيدة إن توجيه ضربة عسكرية لإيران خطأ استراتيجى سيعود على إسرائيل وأمريكا والاقتصاد الغربى بالوبال مما هو مشروح بالتفصيل فى الكثير من الدراسات الاستراتيجية بما فيها الغربية، كالمخاطر التى يمكن أن تتعرض لها إسرائيل والقواعد الأمريكية فى الخليج وأفغانستان، وإغلاق مضيق هرمز وغير ذلك كثير. (قال السيد حسن نصر الله كلمة خطيرة فى خطاب أخير له عندما أكد أن إيران لا تضغط على حزب الله للوقوف معها فى أى حرب تتعرض لها، ولكنه أردف بالقول: ولكننا سندرس نحن الأمر ونفعل ما يمليه علينا ضميرنا). ومع ذلك فإن القوى العظمى لا تستسلم بسهولة خاصة ولديها الكثير من الأوراق السياسية والعسكرية فى المنطقة. ولكن لأن العسكريين الأمريكيين وقد ذاقوا بأنفسهم مرارات العراق وأفغانستان فإنهم هم الذين يضغطون على السياسيين لعدم شن الحرب. ولكنهم اتفقوا فيما يبدو على تصعيد الاستعدادات الحربية ودق طبول الحرب، فهذا يساعد فى كل الأحوال كوسيلة للضغط السياسى والاقتصادى مع العقوبات، وأيضا لا شك أن الخيارات العسكرية تظل مطروحة كخيار نهائى إذا فشلت سياسة الحصار. ولكن يظل أن صانع القرار الأمريكى السياسى والعسكرى يريد استنفاد كافة وسائل المواجهة مع إيران. وأهم من العقوبات الاقتصادية تلك الحالة الإعلامية الجهنمية التى تستهدف إشعال الفتنة بين الشيعة والسنة والتى أنفقت المليارات من أجل إذكائها، وهى خطة أمريكية صهيونية بتمويل سعودى وخليجى. وهذه أهم ورقة لتحقيق عزلة إيران وهو أمر مفيد لإضعافها وضربها سواء بالأشكال السياسية والعقوبات الاقتصادية أو بالضربات العسكرية. وقد تقلبت دول الخليج من إيران حسب الموقف الأمريكى فقامت بالحملة الأولى ضد إيران والشيعة مع هجوم نظام صدام حسين على إيران، وبعد انتهاء الحرب تحول العداء للعراق وتم تكييل المديح لإيران من الغرب وأمريكا وإمارات الخليج. وبعد الخلاص من نظام صدام حسين واحتلال العراق، عادت أمريكا ومعها إمارات الخليج لمعاداة إيران وإدارة اسطوانات معاداة الشيعة. وهو نوع من تخريب بيوتنا بأيدينا فأكثر من نصف العراق شيعة وقرابة ثلث منطقة الخليج شيعة. ولكن أمريكا لا يهمها أن تحترق بيوتنا من الداخل. القول الفصل للعقيدة: لسنا فى حزب العمل من هواة أو محترفى السياسة، ففهمنا للسياسة نربطه دائما بالأصول العقيدية فى القرآن والسنة، ولا توجد أى تعارضات بين أسس العقيدة ومصالح الأمة. ولنا دراسات عدة تؤكد أن العدو الرئيسى فى هذه المرحلة هو الطاغوت الأمريكى وحليفه الصهيونى، وأننا أمام عدو محارب ومحتل ومغتصب ولا توجد رخصة لمصادقته، قد لا نبادره بالحرب ولكن لا نواليه ولا نطيعه ولا نتبع أهواءه أو مصالحه، ولا نقدم له تسهيلات عسكرية أو غطاءا إعلاميا ولا نستعين به فى ثوراتنا أو أى شأن من شئوننا الداخلية. وبالتالى فإن المقولة التى يتم ترويجها على الإنترنت وغيره فى إطار حملات الفتنة بأن (إيران والشيعة أخطر على الإسلام من أمريكا وإسرائيل) فإنها مقولة لخدمة الكيان اليهودى الصهيونى وهى صادرة من المملكة السعودية التى لم تتورط يوما فى جهاد ضد أعداء الله قبل قيام ثورة إيران أو بعدها. إن فلسطين مغتصبة أمام أعينهم والأقصى أسير ويتهدده الهدم كل يوم، ومسلمو فلسطين (السنة) يقتلون كل يوم، وغزة محاصرة وبدون كهرباء فى هذه اللحظة، والمسلمون السنة يقتلون فى أفغانستان وباكستان على يد الأمريكان وهم فى أحضان حكام السعودية والخليج وقواعدهم تخرج منها الطائرات التى تقتل المسلمين فى هذين البلدين، وكم مرة خرجت لتضرب مسلمى العراق. والطائرات الأمريكية تقتل المسلمين كل يوم فى الصومال أو اليمن ولا أحد فيكم ينبس ببنت شفه. إن أمريكا هى الدولة الوحيدة فى العالم التى أعلنت الحرب رسميا على الإسلام، وقد قررت ضرب واحتلال 5 دول إسلامية على الأقل بعد 11 سبتمبر، والحرب الاستباقية على الإرهاب ما هى إلا هذه الحرب، ولكن الموضوع أكبر من ذلك فأمريكا استولت على بترول العرب فى الخليج، وتتدخل فى تشريعاتنا, بما فى ذلك الأحوال الشخصية، وتتدخل فى مناهج التعليم، وتحرك حكامنا كالعرائس إلا من أسقطنا فى الثورات الأخيرة, وتقيم قواعدها العسكرية فى أراضينا كما فعل كل استعمار. ومن يردد هذه المقولة (إيران أخطر...) لا يتهرب من المسئولية الأصلية فحسب، ولا يتهم بريئا مما ليس فيه، بل يضع تنظيرا "شرعيا إسلاميا" للتعاون والتحالف مع اليهود الصهاينة والأمريكان، لأنه من المعلوم أن المرء يتعاون مع الأطراف الأقل خطورة فى مواجهة الطرف الأكثر خطورة، هذه المقولة ستؤدى فى النهاية إلى إعلان "الجهاد" فى صفوف القوات المسلحة الأمريكية خلال غزوها إيران أو على الأقل ستؤدى إلى مظاهرة الناس لهذا العدوان والتصفيق له. كما حدث خلال الأيام الأولى فى حرب 1991 ضد العراق. إذن على المستوى العقيدى فإننا ملزمون بالتعاون مع كل الأطراف فى المنطقة والعالم التى تتخذ موقفا من الحلف الصهيونى الأمريكى حتى نخرجه من أرضنا. أما مسألة الموقف من عقيدة الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية فإننا نؤكد أن الأزهر الشريف حسم هذه المسألة منذ زمن باعتباره المذهب الجعفرى من المذاهب الإسلامية. ونحن من مواقعنا السنية الأصيلة نختلف مع هذا المذهب ولكننا ندعو للوحدة الإسلامية فى مواجهة الأعداء وفى إطار القواسم المشتركة. وهى أمور فصلناها فى أحد أعداد مجلة منبر الشرق. ومهما يكن الخلاف المذهبى فقد علمنا القرآن الكريم أن أعداء المسلمين هم المحاربون المعتدون، كذلك فقد علمنا ضمن إعجازه فى مجال السياسة أن اليهود هم (أشد الناس عداوة للذين آمنوا) وبعد 14 قرنا يبدو هذا الأمر بالغ الوضوح، إن اليهود الصهاينة هم أكثر الناس عداوة لنا ليس من خلال الكيان الصهيونى فحسب ولكن من خلال التغلغل اليهودى فى مجتمعات الدول الغربية، ومن خلال مذهب المسيحية الصهيونية الذى هو عقيدة الفئة الحاكمة فى أمريكا وعدد من البلدان الأوربية. دور ومكان بنى إسرائيل فى المشهد القرآنى يستحق التأمل بمفهوم العصر وليس بمفهوم التاريخ والعبر الماضية. ولكن أناسا لم يطلقوا طلقة واحدة على المعتدين الصهاينة على الأقصى وفلسطين، وحكاما يمنعون ويجرمون التبرع للمقاومة الفلسطينية بناء على تعليمات أمريكا التى تراقب مصارفهم بلا أى تحفظ أو حياء، يخالفون النص القرآنى الخالد ويقولون: إن الشيعة (الذين يقاتلون إسرائيل بالذات أو يدعمون قتالهم بالمال والسلاح) هم أشد عداوة. وحكام الخليج أبواق أمريكا وإسرائيل والمقيمون لعلاقات علنية وسرية مع إسرائيل يحرضون على علاقة حماس بإيران التى تدعم الصمود الفلسطينى وتبذل ما تستطيع لتخفيف الحصار عن غزة (لاحظ فضيحة مبارك فى اعتقال ما يسمى خلية حزب الله بتهمة تقديم مساعدات لغزة) ولا يلحظ هؤلاء الحكام ومن يسايرهم من وعاظ السلاطين أن هذه الأنظمة المحسوبة على الإسلام السنى لم تقدم شيئا لتخفيف الحصار عن غزة، ولا تقدم مالا لمقاومة تهويد القدس، ولا دعما للجهاد الفلسطينى، بل تضع تريليونات من أموال المسلمين فى مصارف الغرب واليهود, وتسمح للأمريكيين بنهب بترول العرب، وعقد صفقات سلاح وهمية للمزيد من استنزاف أموال المسلمين، وتقدم لهم كل القواعد والتسهيلات العسكرية الممكنة. إن دول الخليج بدون استثناء هى دول محتلة بقوات أمريكية ونحن نعلم أن الحكام مكرهون على ذلك، ولن يحرر هذه الإمارات الخليجية فى النهاية إلا عودة مصر للقيام بدورها القيادى والتحررى فى المنطقة، ولكن من غير المقبول أن يساير إسلاميون فى مصر هذه التوجهات النابعة من ضغوط صهيونية أمريكية. ويصرح مصدر سعودى مثلا بأن امتلاك إيران لأسلحة نووية سيجبر السعودية على شراء قنابل نووية جاهزة الصنع!! وهذا القلق لماذا لم يصب السلطات السعودية منذ امتلاك إسرائيل ل 200 رأس نووى منذ عشرات السنين؟! فى حين أن امتلاك إيران للسلاح النووى مشكوك فيه بل ومستبعد وفقا لتقاريرالمخابرات الأمريكية المسربة حتى الآن. فلماذا اختراع معركة وهمية ولماذا الإصرارعلى شغل الناس بعيدا عن العدوان القائم بالفعل ولا نقول المخاطر والتهديدات للحلف الصهيونى الأمريكى؟! إن إيران هى الدولة الإسلامية التى تسلح قواتها بأحدث الأسلحة بإنتاج وطنى للتصدى لأى عدوان، وهى القوة الإسلامية الوحيدة القادرة فى هذه اللحظة على تدمير إسرائيل أو تحقيق التوازن الاستراتيجى والعسكرى معها. وإن شن حرب إعلامية وسياسية عليها لا يكون إلا خدمة لإسرائيل. إن أهم ما يشغلنا فى هذه الأزمة الأمريكيةالإيرانية: أولا: أن حق إيران فى تخصيب اليورانيوم حق مشروع ومن مصلحتنا فى مصر أن نثبت هذا الحق لأننا ننتوى السير فى طريق مشروع نووى للطاقة، وهو ضرورى وملح لمصر أكثر من إيران. ثانيا: أن الحفاظ على إيران دولة مستقلة الإرادة عن النفوذ الأمريكى أمر مساعد لخطتنا الوطنية للاستقلال عن الهيمنة الأمريكية. ثالثا: أن إيران قوية عسكريا أمر يحقق توازن بالغ الأهمية مع الكيان الصهيونى العدوانى خاصة بعد تدمير أمريكا للجيش العراقى. رابعا: حتى وإن صحت إدعاءات الغرب وإسرائيل حول البرنامج العسكرى النووى لإيران فنحن لا نرى فى ذلك أى جريمة بل هو واجب لمواجهة الترسانة النووية الإسرائيلية. ونحن ننصح الأخوة الإسلاميين الذين يتحدثون كثيرا عن الخطر الإيرانى أن يطلعوا على الإعلام الإسرائيلى والدراسات الصهيونية حول مخاطر إيران على الوجود الإسرائيلى، وأن يتابعوا أنباء ذلك الصراع من الوقائع اليقينية التى لا يختلف أى مراقب أو متابع للسياسة حول صحتها. وأخيرا - وهذا أهم من كل ما سبق - ضرورة اتخاذ الموقف الشرعى الذى يرضى الله ورسوله، فهل سنقف متفرجين إذا قامت إسرائيل وأمريكا بالاعتداء على إيران؟ وانهى حديثى بفتوى الشيخ يوسف القرضاوى التى نشرتها مجلة المسلم المعاصر والتى تجيب على هذا السؤال: شيخنا الجليل تصاعدت فى الآونة الأخيرة وتيرة التهديد بشن عمل عسكرى من جانب الولاياتالمتحدة ضد إيران، ووردت أنباء عن مشاركة بعض الدول العربية والإسلامية فى تدريبات مشتركة مع أمريكا لهذا السبب. فما حكم المشاركة ودعم الأمريكيين لو اتخذت أمريكا قرارها بشن الحرب على إيران؟ وما هو واجب المسلمين حكاما وشعوبا فى هذه الحالة؟ أولا: نحن أمة واحدة، المفروض إن أهل القبلة جميعا أمة واحدة سنيين كانوا أو شيعة، نحن نؤمن بوحدة أهل القبلة كل من يصلى إلى القبلة ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقد رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسول الله وبالقرآن منهجا فكل من آمن بهذه فهو أخ لنا، يدخل معنا فى أخوة الإسلام (إنما المؤمنون إخوة). والله تعالى ذكر هذه الآية بعد قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون). فالقرآن قرر الأخوة بينهم لذلك فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه بمعنى لا يسلمه لأعداء الله تعالى لا يخذله بل ينبغى أن يكون عونا لأخيه والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه، فالمفروض أن الأخوة الإسلامية الأخوة الإيمانية بين المسلمين جميعا حيث تقتضى منهم أن يتناصروا وأن يتكافلوا هناك من التكافل الإسلامى، التكافل الدفاعى، مصطفى السباعى رحمه الله تعالى ذكر فى كتابه اشتراكية الإسلام عشر أنواع للتكافل منها التكافل العلمى، التكافل المعيشى، التكافل الكذا، ومنها التكافل الدفاعى (الأمة تتكافل فيما بينها للدفاع عن أنفسها فإذا هاجمها عدو وقفت الأمة تدافع عن نفسها وعن أرضها نحن نعتبر أن كل أرض من أراضى الإسلام هى وطن المسلم، وطن المسلم ليس هو فقط الذى يعيش فيه المسلم داخل الحدود السياسية ومعظم هذه الحدود الاستعمار هو الذى رسمها، وطن المسلم هو أرض الإسلام كل أرض ارتفعت فيه المآذن تعلن الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله فهو وطن المسلم. لذلك فنحن جميعا علينا أن ندافع عن إيران باعتبارها من أراضى الإسلام، ثم إذا كان العدو هو أمريكا التى أعلنت حربها على الإسلام تحت اسم الحرب على الإرهاب ووقفت مع الصهيونية الباغية ومع إسرائيل المغتصبة فى الحق وفى الباطل وقفت معها فى كل شىء ولولا المال الأمريكى والسلاح الأمريكى والفيتو الأمريكى لما صارت إسرائيل وجالت وعربدت فى المنطقة كما تشاء. لذلك نحن لا يسعنا إلا أن نقف ضد أى عمل يغير على إيران، خصوصا أنها تحارب من أجل أنها تمتلك القوة النووية، وهى أعلنت أنها لا تستخدمها إلا فى السلم، قوة نووية سلمية، والذى يحرم على إيران أن تمتلك القوة النووية سلمية وما الذى على أى بلد عربى أو آسيوى أو إفريقى أن يمتلك القوة النووية، القوة النووية التى تملكها أمريكا نفسها وتملكها دول أوروبية ولماذا تملكها إسرائيل، لا تملك قوة نووية سلمية ولكن تملك قنابل نووية، لماذا هذا حلال لإسرائيل حرام على غيرها، ونحن نرى أن إيران قضيتها قضية عادلة وإن كان هناك خوف من أنه يمكن أن تستعمل هذا ضد جيرانها من أهل الخليج، فينبغى أن تقوم معاهدات واتفاقيات صريحة فى هذا الأمر، حتى يزول أى شك أو شبهة، وعلى كل حال أهل المنطقة هم أولى بأن يديروا أمور أنفسهم بأنفسهم وليسوا فى حاجة إلى أحد يزعم أنه يحميهم بقوة السلاح. نحن ضد الحرب على إيران كما كنا ضد الحرب على العراق كما كنا ضد الحرب على أى بلد. لأن هذه حرب عدوانية ونحن ضد كل حرب عدوانية والذى شرعه الإسلام فى القتال إنما نزل فى قوله تعالى (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) نحن مع التوجيه القرآنى الكريم (إن الله) لا نحب المعتدين لأن الله تعالى لا يحبهم ولا نقف معهم ولا نؤيدهم لا بالقول ولا بالفعل ولا بالنية ولا بأى شىء بل ندعو الله سبحانه وتعالى أن يبطل كيدهم ويحبط مكرهم ويرد على المسلمين شرهم. هذا نص الفتوى التى نلتزم بها ونؤيدها، ونواصل الحديث كلما أمكننا، أو إذا زادت الأحداث التهابا، وأعلم كم التشويش والمعلومات المغلوطة فى هذا المجال والتى لا يمكن التوقف عندها جميعا فى مقال واحد. وإلى لقاء. [email protected]