يرى خبراء ومراقبون سياسيون أن كلمات الرئيس الأمريكى باراك أوباما عقب تفجيرات "بوسطن" حملت تقدمًا إيجابيًّا نحو بلورة وعى فى الخطاب الرسمى الأمريكى من ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، التى ظهرت فى دعوته لعدم التسرع فى اللجوء لاستنتاجات معينة، وهى إيحاءات نحو اتهام مسلمين على النحو الذى يحبذه "اليمين المتطرف" الذى يعمل جاهدا لتشويه صورة الإسلام والمسلمين. ورغم كلمات أوباما تلك إلا أن الأحزاب اليمينية والإعلام المنتمى إليها، سارعت فى تحميل المسلمين المسئولية، وطالب أحد السياسيين بمنع شباب المسلمين الأجانب من الحصول على تأشيرات دراسية لدخول الولاياتالمتحدة، وهو ما دفع المسلمين لمهاجمة تلك الوسائل وتحذيرها من أنه يتم مراقبتها هى ومواقع الإنترنت التى تنشر الخوف من الإسلام. وقال السيناتور الجمهورى ماركو روبيو -العضو السابق بلجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى- عقب اجتماع مع مكتب التحقيقات الفيدرالى ومسئولين استخباراتيين: إن المؤشرات المتزايدة للأخوين المشتبه بهما فى التفجيران -خاصة الأخ الأكبر- تدل على أنهما تأثرا بالأفكار الإسلامية على مدار فترة زمنية طويلة، من خلال شبكة الإنترنت، رغم مواصلة المحققين جهودهم للبحث عن أى مصدر محتمل لاستلهام تلك الأفكار أو لتلقى الدعم من الخارج. وكانت السلطات الأمريكية قد أعلنت عن نقل جوهر تسارنايف -المتهم بتدبير التفجيرات- من المستشفى التى كان يعالج فيها إلى سجن ديفينس بولاية ماساتشوسس؛ حيث وضع تحت الرقابة فى نقطة السجن الطبية، وذلك بعد ما وجه له مكتب المدعى العام الفيدرالى إيريك هول، الاثنين الماضى، اتهامات ب"استخدام أسلحة دمار على نطاق واسع" ضد أشخاص وممتلكات، ما تسبب بموتهم. وهى اتهامات قد تؤدى فى حال ثبوتها إلى عقوبة الإعدام. يشار إلى أن الشقيق الأكبر لجوهر، المشتبه به الثانى تيمورلان تسارنايف، كان قد قتل خلال مطاردة الشرطة لهما يوم الجمعة الماضى. وأعرب موقع "ثينك بروجرس" الأمريكى عن مخاوفه من تزايد موجة معاداة الإسلام "الإسلاموفوبيا" -الموجودة بالفعل- جراء اتهام البعض المسلمين بارتكاب تفجيرات بوسطن، مشيرًا إلى أن تصاعد "الإسلاموفوبيا" سيقود المتعصبين الغوغائيين إلى الشوارع لاستهداف العائلات الإسلامية البريئة. وأشار الموقع إلى التأكيدات المستمرة لبعض المسئولين الديمقراطيين وبعض الصحفيين وبعض أساتذة الجامعات على أن المسلمين مسالمون، ولا يمكن ربط بعض المحافظين المسلمين بالتطرف. وانتقد الموقع الأمريكى تفشى "الإسلاموفوبيا" فى ردود أفعال المسئولين الأمريكيين على هجوم بوسطن، خاصة اليمينيين منهم، حيث زعم بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى جنبا إلى جنب مع المتحدثين السياسيين المحافظين أن الإسلام هو دين العنف، وأن المجتمعات الإسلامية تأثرت بالعنف الجهادى، متجاهلين عمل المجتمعات الإسلامية مؤخرا مع السلطات فى مدينة تورنتو الكندية للمساعدة على وقف هجوم محتمل. وأوضح موقع "ثينك بروجرس" أن الخوف اللاعقلانى من المسلمين لا يستند إلى حقائق؛ حيث أشارت وسائل الإعلام فورا عقب التفجيرين إلى احتمالية تورط مسلمين فى الهجوم، وطالبت بعدم التسامح مع منفذى التفجيرين الذين صنعتهم وسائل الإعلام من نسج خيالها. ويطالب الداعون لمكافحة "الإسلاموفوبيا" بنبذ التعصب الأعمى الغاضب والعنيد ضد المسلمين والتفكير بعقلانية فى الدين الإسلامى الصحيح، وعدم الأخذ بما تقوله وسائل الإعلام الضالة. مهاجمة الأصوات الأمريكية المتطرفة من جانبهم، بدأ مسلمو أمريكا فى مهاجمة الأصوات الأمريكية المتطرفة التى هاجمت وتهاجم الإسلام والمسلمين عقب تفجيرات بوسطن فى محاولة لنشر الخوف من الإسلام. ونشر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، بيانًا تحدث فيه بشكل مباشر عن وجود وسائل إعلامية وجهات أمريكية استغلت حادث ماراثون بوسطن للترويج لأجندتها المناهضة للإسلام عن طريق توجيه اللوم لكل المسلمين. ووفق بيان حمل عنوان "الكراهية لن تحارب نفسها" ذكّر المجلس بأنه عقب وقوع الحادث مباشرة أصدر بيانًا استنكر فيه التفجيرات، كما دعا المجلس كل الأمريكيين للدعاء للضحايا ولأسرهم؛ مطالبًا المجتمع المسلم فى منطقة بوسطن للتبرع بالدم لصالح الجرحى، وأضاف: "نحث كل الناس من مختلف الديانات للدعاء للضحايا وأحبابهم، وللشفاء العاجل للجرحى". ودعا البيان لسرعة اعتقال ومعاقبة الجناة، كما حث المدير التنفيذى كل من شارك فى الماراثون أو شاهده أن يتصلوا بالسلطات لتبليغهم بأى معلومات محتملة قد تكون لديهم، مشيرًا إلى أنه عقب معرفة الجناة، نظم "كير" مؤتمرا صحفيا كبيرا بالتعاون مع منظمات وطنية أخرى بهدف الوحدة أمام محاولات البعض شق الصف الأمريكى بناء على الدين. وبناء على ما سبق، هاجم المجلس المعلقين الإعلاميين المتطرفين، الذين استغلوا المأساة لعمل ادعاءات هدفها تسخين الأجواء ضد كل المسلمين والإسلام، وأضاف البيان أن المجلس يراقب مواقع الإنترنت التى تنشر الخوف من الإسلام، والتى تروج لكل نظريات المؤامرة ضد المسلمين. يذكر أن قوات الأمن الأمريكية كانت قد داهمت منزل طالب سعودى مقيم فى بوسطن وقبضت عليه بسبب الشبه الكبير بينه وبين المتهم جوهر تسارناييف بتفجيرات ماراثون بوسطن بعد تعميم صورة المتهم على جميع عناصر الأجهزة الأمنية.