وضعت استقالة رئيس الوزراء الفلسطينى سلام فياض علامات استفهام كثيرة حول شكل الحكومة الفلسطينية القادمة.. وهل ستكون حكومة وحدة وطنية فى ظل تلميح الرئيس الفلسطينى محمود عباس لإمكانية تشكيل حكومة كفاءات انتقالية برئاسته تعد لانتخابات تجرى بعد 90 يوما، طبقا للاتفاقات الموقعة فى القاهرة والدوحة؟ أم أنها ستكون حكومة تسيير أعمال مثل سابقاتها التى شكلها فياض منذ 2007 بسبب الهوة الكبيرة بين الفرقاء الفلسطينيين ورفض "حماس" اختصار أبو مازن لبنود المصالحة فى الانتخابات فقط وإصرارها على تنفيذ كل بنود المصالحة وليس فقط الانتخابات. وقَبِل عباس مساء السبت الماضى استقالة فياض من منصبه، رغم الضغوط الأمريكية والغربية لإثنائه عن ذلك، وكلفه بتسيير أعمال الحكومة لحين تشكيل حكومة جديدة، وفى الوقت الذى يرى فيه البعض أن الوقت قد حان لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأن تشكيل أى حكومة دون إنجاز المصالحة ستكرس مخاطر الانهيار الذى يواجهه النظام السياسى الفلسطينى، يرى آخرون أن قيام حكومة وحدة وطنية حاليا أمر بعيد المنال. ولم يبرز حتى الآن أى مرشح مفضل لخلافة فياض، ولكن من بين الأسماء المطروحة المستشار الاقتصادى للرئيس عباس ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطينى محمد مصطفى، ورجل الأعمال ووزير الاقتصاد السابق مازن سنقرط، الذى تربطه علاقات جيدة مع حركة حماس. حكومة مستحيلة ووسط الحديث عن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية، اعتبر مراقبون أن مهلة المشاورات -التى تمتد ل60 يوما حسب القانون الأساسى الفلسطينى- سيتضح خلالها مدى القدرة على تشكيل حكومة توافق أو تشكيل حكومة أخرى، إلا أنهم استبعدوا تشكيل حكومة توافق حاليا بسبب أن الفجوة ما زالت واسعة بين حركتى فتح وحماس التى لا تقبل بصيغة تزامن المرسوم الرئاسى بتشكيل حكومة التوافق مع مرسوم رئاسى بموعد للانتخابات خلال ثلاثة أشهر. وسارعت حماس عند إعلان عباس قبوله استقالة فياض بتأكيد أن هذه الخطوة "لا علاقة لها بملف المصالحة الفلسطينية"، متهمة حركة فتح بالانتقائية فى ملف المصالحة بالإصرار على الانتخابات الرئاسية والتشريعية فقط. وقال سامى أبو زهرى -الناطق باسم حماس- إنه "إذا التزمت فتح بتنفيذ اتفاقات المصالحة كاملة واحترام حق شعبنا فى إجراء الانتخابات لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة بشكل متزامن فإن هذا سيعطى فرصة جديدة لدفع جهود المصالحة". وحملت ثلاث حكومات شكلها فياض منذ تكليفه من قبل عباس بتشكيل الحكومة الأولى عام 2007 صفة تسيير الأعمال بالنظر إلى أن تشكيلها جاء دون مصادقة من المجلس التشريعى الفلسطينى، ولحين إنجاز اتفاق المصالحة الوطنية، وهى جهود ظلت متعثرة حتى الآن. وسبق أن توصلت فتح وحماس إلى اتفاقيتين للمصالحة الأولى فى مايو 2011 برعاية مصرية، والثانية فى فبراير 2012 برعاية قطرية، لتشكيل حكومة موحدة مستقلة برئاسة عباس تتولى التحضير للانتخابات العامة، إلا أن معظم بنود الاتفاقيتين ظل حبرا على ورق فى ظل استمرار الخلافات بين الحركتين، خصوصا فى ما يتعلق بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، ومطالبة حماس بأن تجرى انتخابات منظمة التحرير الفلسطينية بالتزامن.