* إغلاق الأنفاق الحدودية وتشديد العقوبات على المهربين.. أهم سبل المواجهة * حمدى طه: أعداء الثورة يعملون على استمرار حالة الفوضى * محمد عبد الفتاح: دول معينة تحاول إشعال الفتن فى مصر * محمد الجوادى: فلول النظام البائد يسهمون فى تهريب الأسلحة يمثل انتشار السلاح بأنواعه المختلفة فى جميع أنحاء الجمهورية تحديا كبيرا أمام استقرار البلاد خلال الفترة المقبلة التى تنتقل فيها الدولة إلى مرحلة بناء المؤسسات بعد إقرار الدستور الجديد، وتعمل خلالها على الانطلاق نحو تحقيق استقرار سياسى ونمو اقتصادى يعود على الشعب بالكثير من النفع؛ ليشعر بثمار ثورته التى أطاحت بنظام ديكتاتورى ظل قابعا على صدره لعقود من الزمن، ويرى خبراء الأمن أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال عودة الأمن بقوة وإحكام السيطرة على العناصر الإجرامية والخارجة على القانون وتحجيم تجارة السلاح التى تغزو البلاد. واكتسبت أسلحة لم تكن معروفة من قبل شهرة كبيرة مثل مدافع الجرينوف وقذائف ال"آر بى جى" والمدافع المضادة للطائرات، فضلاً عن الآلى الروسى والصينى، بجانب البنادق الآلية والذخيرة متعددة الطلقات، وما قامت قوات الأمن بضبطه من هذه الأسلحة خلال الشهور القليلة الماضية يثير حالة من القلق من حيث كم وخطورة هذه الأسلحة التى تقوم بتسريبها عناصر إجرامية، فى محاولة لزعزعة الاستقرار. وتمكنت مديرية أمن شمال سيناء من ضبط مخزن للصواريخ المضادة للدبابات بمنطقة «لحفن» جنوب مدينة العريش، عثر بداخله على 6 صواريخ أمريكية الصنع مجهزة لتهريبها إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، وهذه الصواريخ يصل مداها لأكثر من 2 كيلو متر، ويبلغ طولها حوالى 75 سم، وقطرها 4 سم. كما نجحت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن السويس فى ضبط كمية من الأسلحة والطلقات والقذائف و150 رأس "آر. بى. جى"، وصاروخين طول الصاروخ الواحد حوالى نصف متر، و5 دانات مدفع، وعدد 2 فتيل للتفجير، وسلاح آلى "ينطوى" 7,62×39 وخزنة بها 6 طلقات من العيار ذاته، وفردين خرطوش وعدد 10 طلقات خرطوش من العيار ذاته، بمنطقة المقابر بدائرة قسم شرطة الأربعين. وكانت قوات الأمن بطريق الإسكندرية/مطروح الصحراوى قد ضبطت خلال الفترة الماضية 3 سيارات محملة بالأسلحة الثقيلة، وهى 40 صاروخ أرض-أرض عابر للمدن، طول كل واحد منها 2.6 متر وقطره 30 سم، منها 4 صواريخ مركبة وجاهزة للإطلاق، و36 صاروخا مفككا، ويحتاج إلى عملية التركيب، وقاذف صاروخى مضاد للمركبات والأفراد (آر بى جى)، و17 قذيفة خاصة به. كما تم ضبط مدفع إطلاق صواريخ محمول، وصاروخ خاص به، طوله متر وقطره 25 سم، كما تم ضبط مدفع هاون 120 بالقاعدة الخاصة به وبجميع أجهزته، بالإضافة إلى 7 قطع من البنادق الآلية مدججة بالخزن الخاصة بها، و(30) طلقة من العيار الطويل، وكذلك (74) صندوقا بداخلها 11 ألفا و565 طلقة وذخائر صغيرة مختلفة الأعيرة، منها 9 آلاف و545 طلقة نصف بوصة خارقة وحارقة، و3 آلاف طلقة جرينوف، و7 أجهزة عدسات لتحديد الأهداف بعيدة المدى. السؤال الذى يطرح نفسه بقوة: من أين تأتى هذه الأسلحة؟ وما أسباب انتشارها وسبل مواجهتها ومدى خطورتها على الأمن العام؟ غياب الأمن فى البداية، يؤكد محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أن تجارة السلاح انتعشت فى مصر بصورة كبيرة بمختلف أنواعه، الأجنبى والمحلى الصنع بعد ثورة 25 يناير، فضلا عن تدفق كميات كبيرة من ليبيا عبر حدود مصر الغربية. وأرجع زارع فى بحث بعنوان "الحد من مخاطر حيازة واستخدام الأسلحة فى المنطقة العربية"، أسباب انتشار الأسلحة فى مصر، وزيادة أعداد المستفيدين منها إلى الظروف المؤسفة التى مرت بها البلاد، حيث انشغلت الشرطة بتأمين الاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات والشخصيات المهمة والسفارات والهيئات الحكومية ومؤسسات الدولة وتحملت مهام وأعباء أكثر من طاقتها. وأضاف أن غياب الأمن بالمحافظات الحدودية أسهم أيضا فى زيادة تسرب تلك الأسلحة إلى كل محافظات الجمهورية، خاصة محافظات الصعيد وسيناء، ثم إلى محافظتى القاهرة والجيزة، باعتبارهما من أكثر المحافظات التى زاد الإقبال فيهما على اقتناء السلاح بصورة غير شرعية، نظرا لكونهما المركز التجارى الأكبر على مستوى الجمهورية. وأشار رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، فى بحثه، إلى أن مبادرة تسليم السلاح التى تم إطلاقها من قبل وزارة الداخلية، بالتعاون مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، التى تحمى أى شخص من المساءلة القانونية فى حال تسليمه الأسلحة المسروقة بعد أن استولى البلطجية والخارجون على القانون على كميات كبيرة من أسلحة أقسام الشرطة التى تم اقتحامها خلال الثورة، التى قدرت بما يزيد على 13 ألف قطعة سلاح ما بين بنادق آلية سريعة الطلقات وبنادق خرطوش ومسدسات، جاءت الاستجابة لها ضعيفة جدا ولم يتم تسليم سوى 3 آلاف قطعة فقط. وقدم البحث حلولا للحد من ظاهرة انتشار الأسلحة منها تفعيل مبادرة وزير الدفاع بجمع الأسلحة من بدو سيناء بعد دفع قيمتها، باستخدام وسائل الإرغام وتفعيل تجريم حمل السلاح وزيادة عقوبتها؛ لضمان الحد من انتشار الأسلحة بين المواطنين، بالإضافة إلى إغلاق الأنفاق والمعابر التى يتم من خلالها تهريب الأسلحة؛ حيث إن المهربين سيواصلون تهريبها لغزة لو استمر وجود الأنفاق ليحققوا ربحا أعلى، والدفع بأعداد كبيرة من الدوريات لتجوب الشوارع للحد من الجرائم، وعمل حملات يومية على البؤر الإجرامية لضبط الأسلحة والخارجين على القانون. وطالب البحث بتفعيل التعاون بين الأجهزة الشرطية والأمنية العربية؛ للتصدى لانتشار الأسلحة فى الوطن العربى، وتبادل المعلومات بصورة فورية، والقيام بعمليات مشتركة عند الاقتضاء، ووضع منظومة مشتركة للرقابة على الحدود للحيلولة دون تهريب الأسلحة فى المنطقة العربية. أعداء الداخل من جانبه، وصف النائب حمدى طه، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى السابق بمجلس الشعب، قضية انتشار السلاح فى مصر بأنها القضية الأخطر والأكثر تهديدا لاستقرار البلد، مشيرا إلى أنه أصبحت فى بعض المشاحنات العائلية تستخدم أنواعا من الأسلحة الثقيلة مثل الجرينوف. وأضاف أن عدد عصابات تجارة وتهريب السلاح تضاعف بعد الثورة بصورة كبيرة، نظرا لسهولة الحصول على تلك الأسلحة المهربة، التى شقت طريقها عبر الحدود، مؤكدا أن أعداء الداخل وقيادات الثورة المضادة أسهموا بشكل كبير فى تيسير سبل تهريب وإدخال هذه الأسلحة؛ من أجل استمرار حالة اللاأمان التى عانى منها الشعب كثيرا ومن ثم تزيد من نقمته على تلك الثورة. وأشار إلى أن هذه القضية تفتح أهم وأخطر الملفات، وهى تأمين الحدود المصرية؛ حيث ما تم تهريبه من أسلحة خطيرة لم يتم إلا عبر الحدود، التى شهدت فى الفترة الماضية حالة من الانفلات غير المسبوقة كانت سببا فيما نعانيه من معضلة كبرى، وهى انتشار هذا الكم الكبير من الأسلحة الثقيلة، ومن ثم يكون تأمين الحدود وإحكام السيطرة عليها أول الخطى لمواجهة انتشار تلك الأسلحة، كما أنها أول سبل استعادة الأمن الداخلى. علامات استفهام من جانبه أوضح الخبير الأمنى محمد عبد الفتاح عمر، أن انتشار بعض أنواع الأسلحة الثقيلة بمصر بعد الثورة أمر من شأنه أن يثير علامات استفهام كثيرة خاصة عندما تأتى أغلب هذه الأسلحة المهربة من دول تحمل لمصر عداءات مختلفة مثل دولة الاحتلال الإسرائيلى وذلك بهدف إشعال الفتن فى مصر للقضاء على دورها المحورى فى المنطقة، مشيرا إلى أن هناك جيشا من المنتفعين بالداخل أعلوا من مصالحهم الخاصة فوق مصلحة الوطن ويعرضون أمنه القومى للخطر لتحقيق ثروات طائلة. وأشار عبد الفتاح إلى أن عمليات تهريب تلك الأسلحة تنظمها مخابرات دولية على أعلى مستوى وتجند لها عملاء بالمئات وتنفق عليهم بالملايين من أجل إنجاح مخططها، ومن المؤسف أن تلك الشبكات الإجرامية الدولية إلى الآن لم يتم التوصل إليها بالرغم من تعدد عمليات ضبط تلك الأسلحة الثقيلة وإن ما يتم ضبطه فقط هو سائق السيارة المحملة بتلك الأسلحة والذى لا يتعدى دوره كونه سائقا بالأجرة ليس لديه أى معلومات، وكذلك الأمر بالنسبة لضبط بعض مخازن تلك الأسلحة؛ حيث لا يتم القبض إلا على أمين أو صاحب المخزن دون التوصل لتلك التشكيلات العصابية الدولية. الثورة المضادة أما الدكتور محمد الجوادى، المفكر والمؤرخ السياسى، فيرى أن انتشار تلك الأسلحة الخطيرة داخل الأراضى المصرية إحدى العمليات الكبيرة التى يقودها قادة الثورة المضادة من الخارج وهم رموز النظام السابق الذين تمكنوا من الهرب خارج البلاد ولا يزال لهم سواعد فى مصر تساندهم فى استكمال مسيرة الفساد. وأضاف أنهم يهدفون من وراء تهريب تلك الأسلحة بأنواعها المختلفة الخفيفة والثقيلة يهدف لزعزعة استقرا البلاد، وتوصيل رسالة مفادها عدم قدرة القيادة الراهنة على إحكام السيطرة على البلاد أمنيا ويساندهم فى ذلك قنوات إعلامية كثيرة تتعمد التهويل من انتشار تلك الأسلحة. وأوضح الجوادى أن أول سبل مواجهة انتشار هذه الأسلحة الثقيلة هو توفير شبكة معلومات قوية لدى الأجهزة الأمنية تمكنها من تحديد مسارات التحفظ على تلك الأسلحة وسرعة ضبط المتورطين فيها، مؤكدا ضرورة إيجاد سبل جادة وعملية لتسليم المسئولين السابقين فى الخارج من أجل إحباط ما يقومون به من محاولات إثارة البلبلة والاضطرابات فى المجتمع.