فى مليونية ما سمى "الإنذار الأخير" يوم 4 ديسمبر الماضى، فوجئ المتظاهرون فى أسوان بأشخاص يرفعون شعارات مكتوبا عليها حركة "كتالة" -تعنى المحارب أو المعركة، باللغة النوبية، ومستوحاة من كلمة "كاتلوس"، وتعنى الحرب حتى الموت- يعلنون ميلاد حركة نوبية جديدة بهذا الاسم ذات طابع مسلح، ويدعون أن حركتهم (المسلحة) قامت من أجل الرد على سياسات الإخوان المسلمين!!. وتحدث مؤسس حركة "كتالة" عن مزاعم "أسباب العداء بين أهل النوبة والإخوان"، مدعيا أن حملهم السلاح جاء لاسترجاع حقوق أهل النوبة، واعترف بأن من أسسوا هذه الحركة هم عشرة أفراد فقط (!)، ومع هذا هددت الحركة الانفصالية بإعلان المنطقة من مدينة إسنا جنوبالأقصر وحتى حلفاجنوبأسوان منطقة نوبية مستقلة عن مصر يوم 15 يناير الجارى، وإشهار علم النوبة بألوانه الثلاثة "الأزرق الذى يمثل النيل، والأصفر يمثل الصحراء الغربية، والأخضر يمثل الخضرة فى النوبة"!!. لن نسأل هنا عن سر ظهور هذه الحركة بالتزامن مع معركة الفلول وجبهة الإنقاذ لهدم الشرعية المنتخبة فى البلاد، ولا عن مغزى إعلانهم القتال المسلح ضد الدولة المصرية بهدف الانفصال، الذى يجب أن يتم الرد عليه فورا بمحاكمتهم، ولا عن سر إعلان هذا الانفصال والحرب على الدولة بالتزامن مع ذكرى ثورة 25؛ لأن الهدف من هذه الحركة واضح.. ولكن السؤال الأهم هو عن سر تصاعد دعوات انفصال النوبة بالتزامن مع كشف وثائق ويلكيكس عن مخططات انفصال النوبة ليس فى مصر فقط ولكن فى السودان أيضا؟! فقد كشف تقرير سرى أمريكى سرّبه موقع ويكليكس أن تقارير من المخابرات السودانية مؤكدة بوثائق من ويكيليكس تحمل رقم 10 القاهرة 169، محررة بتاريخ 8 فبراير 2010، ومفرج عنها بتاريخ 28 يناير 2011 بعنوان: «حملة منتدى شعوب جبال النوبة» أكدت جميعها وجود مخطط أمريكى-إسرائيلى لفصل النوبة عن مصر والسودان، وإقامة ما يسمى بدويلة شعب النوبة. وتبع هذا صدور اتهام صريح من مؤتمر القبائل الأسوانية مجتمعةً يحذر من الفتنة على حدود مصر الجنوبية عن طريق استخدام عناصر نوبية مغرر بهم، ويتهم أيادى خارجية بالعبث فى الملف النوبى، ومنهم من تظاهروا فى 5 أغسطس الماضى أمام مقر هيئة الأممالمتحدة بمدينة نيويورك. وثيقة ويكيليكس فيها أيضا توثيق للقاء تم بين ممثلى السفارة الأمريكية فى القاهرة وعدد من قادة المجتمع النوبى فى مصر وشمال السودان، ومعلومات بأنهم شكلوا منتدى شعوب جبال النوبة للمطالبة بحقوقهم فى أنظمة الأحزاب الحاكمة فى مصر والسودان. أيضا بثت قناة (سى إن إن) الأمريكية الإخبارية أواخر ديسمبر الماضى تقريرا إخباريا مطولا عن النوبة، وزعمت أن مناطق النوبة بولاية جنوب كردفان بالسودان تعانى مذابح أشبه بمذابح رواندا (!)، وبالطبع الأمر لا يحتاج إلى كثير عناء لإدراك مرامى التقرير وتوقيته والأهداف التى أريد له أن يخدمها، فهناك تسليط مكثف للأضواء على مناطق جبال النوبة بغية استثمارها سياسيا فى دعاية واسعة النطاق لملاحقة إسلاميى مصر والسودان باستمرار، وتكثيف الضغط عليهم. هناك مطالب ومظالم مشروعة لأهل النوبة منذ العهد الملكى، ولكن اللاعبين بالنار ممن يحاولون الصيد فى الماء العكر يستغلون هذه المظالم للضغط على السلطة الشرعية المنتخبة من أجل إسقاطها، ويسيسون أى أزمة ويصبغونها بالطابع السياسى من أجل مناكفة الإخوان والتيار الإسلامى، ولا يتورع بعضهم عن وضع يده فى يد أعداء مصر والمشاركة فى مخططاتهم نكاية فى حكم الإسلاميين!. إعلان انفصال وتسليح "النوبة" فى مصر ليست مصادفة، ومساندة جبهة الإنقاذ لهؤلاء الانفصاليين المسلحين قبل ذكرى ثورة 25 يناير مؤشر على موجة هدم جديدة بعدما انهارت مؤامرات عرقلة الدستور.