"هو عند الله شهيد، والحمد لله، وأعاهده أن أظل على وعدى معه بأن أحفِّظ أولاده القرآن الكريم".. بهذه الكلمات بدأت زوجة الشهيد ياسر محمد إبراهيم، الذى استشهد فى أحداث "الاتحادية" بطلق نارى نافذ بالرأس حوارها مع "الحرية والعدالة"، واصفة زوجها بأنه كان مثالا للزوج والأب الصالح. زوجة الشهيد حمّلت الثلاثى البرادعى وحمدين وعمرو موسى مسئولية التحريض على قتل زوجها، قائلة: "إن شاء الله المنتقم الجبار هو اللى هياخدلى حقى وحق عيالى منهم.. حسبى الله ونعم الوكيل". شقيقة الشهيد ياسر إبراهيم الصغرى، من ناحيتها، تروى تفاصيل حياته وتعامله مع الآخرين، قائلة: ياسر كان يساعد الناس والجميع كان يحبه، وكان يصل رحمه دائما، وكان أولاده يسلمون علينا واحدا واحدا، وكان حريصا على تربيتهم بشكل سليم. "طلقة" الغدر وأضافت: سافر يوم الأربعاء كباقى الناس للدفاع عن الشرعية.. كان مجردّا من أى سلاح، واتصل بى الأربعاء ليلا واطمئن علىَّ، ومن بعد صلاة فجر الخميس انقطعت الأخبار عنه. وتابعت: عرفنا بعدها أنهم ضربوه بالرصاص فى دماغه.. طلقة نارية دخلت فيها من ورا وخرجت من عينه اليمين، بعدها سرقوا كل حاجة معاه.. الموبايل والمحفظة عشان كده ماعرفناش نوصله غير متأخر؛ لأن ماكانش معاه أى حاجة تثبت شخصيته. والدة الشهيد التى بدت مصدومة بشكل كبير اكتفت بالقول: حسبى الله ونعم الوكيل، ربنا يصبر أمهات الشهداء كلهم، ولادنا فى الجنة ونعيمها إن شاء الله، وربنا ينتقم من الظلمة وينصرنا وينصر بلدنا، وإحنا ربنا يصبرنا. أما شقيقة الشهيد الكبرى على الرغم من حزنها على فراق أخيها قالت: مهما عملوا مش هنتهد ولا هنقف، برضه هننزل وهندافع عن بلدنا، وبرضه الإسلام هو الإسلام والشريعة هى اللى هتحكمنا، وربنا ينتقم من كل من مد إيده وقتل الشباب ويَتِّم أولادهم.. حسبنا الله ونعم الوكيل. عند الله الملتقى أحمد رضوان -أمين الإعلام بحزب الحرية والعدالة بالسويس– قابلنا ولا تكاد دموعه تفارق عينه؛ حيث كان من ضمن المجموعة التى سافرت للقاهرة للبحث عن الشهيد بعد تغيبه منذ فجر الخميس، وهو أحد المقربين من الشهيد ورفيق دربه، وقال: أخى ياسر يكبرنى بسبع سنوات، فهو من مواليد 1978 يرجع تاريخ معرفتى به إلى سنة 1995 عندما كنت فى السنة الأولى من الجامعة حيث كان مشرفا من أفضل المشرفين الذين عايشتهم. ويستطرد: تعلمت منه الكثير، فقد كان مشرفا مبدعا لا ترضيه الحلول التقليدية، عايشته ولازمته لمدة كبيرة، كان نعم الأخ والصديق، لا تفارقه الابتسامة وروح المداعبة، كان لا يقبل أن يكون موظفا حكوميا، فكان يعلم أن إمكاناته أكبر من حبْسه فى صندوق الوظيفة الحكومية، لذلك استقال من عمله، وعمل كيميائيا بمشروع الاتحاد الأوروبى للمحميات الطبيعة، وظل يتنقل بين المحميات فى نويبع ورأس محمد وشرم الشيخ، ثم عاد واستقر فى السويس ليعمل فى شركة النخلتين بعدها عاد إلى هيئة موانئ البحر الأحمر مره أخرى. ويضيف رضوان: عهدت ياسر عليه رحمة الله ثائرا لا يرضى بالظلم، لذلك كان من نصيبه الفصل من الجامعة، وتم اعتقاله عدة مرات، آخرها سنة 2010، وكان آخر لقاء جمعنى به لقاء فى مقر حزب الحرية والعدالة بالسويس، وأخذنا نتبادل الحديث عن شئون الحزب والجماعة، وبمرحه المعتاد اختتمنا لقاءنا وذلك فى الأسبوع الماضى. ويصف رضوان لحظات التعرف عليه فى ثلاجة الموتى بمستشفى الزهراء الجامعى قائلا: تعرفت عليه بعد أن تغيب منذ فجر الخميس، لم أره إلا وهو فى ثلاجة المستشفى، حينها شعرت بأن قلبى ينخلع من صدرى وعيونى تذرف الدمع الغزير، ودخلت فى نوبة بكاء، ليس على وفاته، فنحسبه شهيدا عند الله، لأنه ما خرج من بيته إلا دفاعا عن الله ورسوله وحبا لهذا الوطن، لكن أحزننى الغدر الذى أودى بحياته. ويختتم رضوان: أخى وأستاذى ياسر.. عند الله الملتقى ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون. دينامو الدعوة ويلتقط طرف الحديث صديقه "عز الجمل"، مصور بالقناة الرابعة بالسويس قائلا: ياسر كان أول من عرفت من الإخوان فى السويس، وكان رحمه الله من أوائل من غيّر مفهوم الالتزام عندى من العبوس والابتعاد عن الخلق إلى البسمة والضحكة ومخالطة الناس، رحمه الله. كان شابا يكبرنا بعدة أعوام بسيطة، لكنه كان قدوة فى الحركة والدعوة، لا تعيننى ذاكرتى أن أتذكر له غير الضحك وروح الدعابة وحسن الخلق، كنا نجلس فى الأسرة أيام الجامعة، ستة أفراد هو مشرفنا، والآن كل واحد منّا بيده أكثر من هذا العدد، كلنا إن شاء الله فى ميزانه حسناته. وأضاف: أستاذ ياسر كان أخا طيبا وشابا محترما ظلم كثيرا، فقد فصله جهاز أمن الدولة من العمل فى جهاز شئون البيئة رغم كفاءته ونشاطه الملحوظين، وعرف فيما بعد بالشرف وسط زملائه فى هيئة الموانئ. سامح بكرى -مصور قناة مصر 25 وصديق الشهيد ياسر- يروى قصة تعرفه عليه قائلا: عرفته منذ 15عاما قويا فى دينه ملتزما بصلاته كريما خلوقا، كان مشرفى فى جماعة الإخوان المسلمين لفترة من حياتى، وكلما قابلنى يقول لى ازيك يا أخ سامح.. اتق الله يا أخ سامح.. ويضحك.. كلمة أخ تسبق أى اسم ينادى به.. دمه "حامى" على دين الله.. أيام الانتخابات شكل فريقا للقبض على البلطجية فى 2005.. لم يتراجع فى الحق أبدا حتى مع إخوانه.. كان يقول الحق حتى لو أغضب الآخرين.. رافقته فى معسكر للتربية فى بيته.. كريما لأبعد حد.. كانت المياه منقطعة عن بيته ويؤثرنا عن أهل بيته بالمياه.. لا أستطيع أن أنسى ابتسامته وضحكته ووجهه البشوش.. وقف معى كثيرا أثناء زواجى،وكثيرا ما كان يحاول أن يحل معى المشكلات التى قابلتنى.