أكد الدكتور فؤاد النادي، أستاذ القانون الدستوري بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن أزمة الإعلان الدستوري مفتعلة، أثارتها النخبة التي تتمتع بالصوت العالي والمحسوبة علي النظام البائد ومن لهم إيديولوجية عدائية للتيار الإسلامي. وقال: إصدار الإعلان الدستوري حق أصيل للرئيس، وتاريخنا الدستوري يثبت ذلك، ففي ثورة 1952 كانت تحُكم مصر بالإعلانات الدستورية إلى أن صدر الدستور، وكان الرئيس جمال عبد الناصر يتولي السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية، بل أن رجال مجلس قيادة الثورة نصبوا أنفسهم رؤساء محاكم وأصدروا أحكام بعينها، ولم ينكر أحد من فقهاء الدستور حينها هذه التصرفات، وبعض من يسمون أنفسهم فقهاء الدستور والقانون الآن لم يعترضوا علي هذه الأفعال لا كتابة أو قولا، كما أن المجلس العسكري أصدر إعلانا دستوريا –رغم أنه سلطة واقعية لا سند لها- ولم يعترض أحد، فكيف الاعتراض علي رئيس منتخب بإرادة شعبية حرة. وحول إدعاء البعض بأن الإعلان الدستوري ينسف دولة القانون، أضاف النادي – في تصريحات ل"الحرية والعدالة"- أن هذا كلام هراء وهزل في موضع الجد، يأتي من منطلق سياسي بحت، لأنه من الطبيعي والمنطقي أن يصدر الرئيس إعلانات دستورية في غيبة البرلمان وعدم وجود دستور دائم، وإذا ما تطلبت الظروف الراهنة إصدار إعلان دستوري أو تشريع بعينه خاصة إذا ما تغولت سلطة علي أخري وإذا ما شعر الرئيس بخطر محدق بالبلاد لأنه حكم بين السلطات، وبالفعل تغول القضاء علي باقي السلطات حينما قرر حل مجلس الشعب وأيضًا إلغاء قرار الرئيس بعودة المجلس في أقل من 36 ساعة رغم انه قرار سيادي، وتصريحات أعضاء "الدستورية العليا" السياسية، يثبت بما لا يدع أي مجال للشك أن المحكمة الدستورية تجاوزت اختصاصاتها. وتابع:"النخبة لا تسعي لعودة الاستقرار للبلاد، ولا يريدون الاحتكام للشعب الذي سيظهر حجمهم الحقيقي ويكشف ضعفهم، وبالتالي فهم يعرقلون أي طريقة من الطرق التي تؤدي للاستقرار والمضي قدما في طريق الديمقراطية، خاصة أن رئاسة الجمهورية أكدت انه في القرارات السيادية فقط، كما أن القضاء هو من يحدد إذا ما كانت تلك القرارات سيادية أم لا، والقول بتحصين قرارات الرئيس لا يغل سلطة المحكمة في نظرها علي الإطلاق". واوضح انه في حالة الثورة والاضطرابات تكون الظروف استثنائية، وتكون الشرعية ثورية، ولا أحد يستطيع القول أن الشرعية الثورية سقطت بوجود سلطة وحيدة فقط منتخبة وهي الرئاسة بينما هناك غيبة للبرلمان والدستور الدائم، لأن الشرعية الثورية تنتهي ونتحول للقانونية والدستورية حينما تكون مؤسسات الدولة مكتملة بوجود الدستور والبرلمان والرئاسة". وتعليقا علي تصريحات الرئيس الضمنية بأن المحكمة الدستورية العليا التي علينها الرئيس المخلوع ستقوم بحل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى وإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس قبل الحالي ليعود التشريع في يد المجلس العسكري، أكد النادي أن هذا الأمر ليس تصريحات ضمنية بل توقع يصل لحد اليقين، فالسوابق الدستورية تؤكد أن هذه المحكمة ستقوم بذلك، وبالتالي هل ينتظر الرئيس حتي يقع الخطر ويتم تهديد كيان الدولة وندخل في متاهات لا أول ولا أخر لها، كما أن الضرورات تبيح المحظورات إذا ما كان ما قام به الرئيس محظورًا أصلا. وحول خلاف البعض بشأن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، أضاف أن التاريخ الدستوري يكشف أن من أعد الدساتير هي لجنة معينة من الملوك والرؤساء وتنتهي منه في بضعة أشهر، ومع ذلك نحن نشهد لأول مرة جمعية تأسيسية منتخبة تضع لنا الدستور، والهدف الرئيسي هو مضمون الدستور وليس خلفيات أعضاء الجمعية المتوازنة والعظيمة، خاصة أن الأمر في النهاية سيعرض علي الشعب ليقول كلمته، كما أن الهجوم علي "التأسيسية" يدور دائما في حلقة مفرغة ولم ولن ينتهي، فهؤلاء يتحججون بأي سبب ليس له أي حجية. وشدّد أستاذ القانون الدستوري علي أن مجلس القضاء الأعلى وحده المنوط به أمور القضاة وليس نادي القضاة لأنه مجرد نادي اجتماعي خدمي، لكن تعطيل العدالة جريمة يعاقب عليها القانون. وطالب النادي الرئيس بأن يمضي قدما في طريقه وألا يلتفت لمعارضيه، وألا يتراجع قيد أنملة عن قراراته، خاصة أن التراجع ستكون عواقبه وخيمة جدًا ليس علي منصب الرئيس بل علي الدولة المصرية كلها، مؤكدًا أن الانتهاء من الدستور الجديد هو المخرج الوحيد من الوضع الراهن، وبذلك سيسقط الإعلان الدستوري وينتهي الأمر، وسيتضح إذا ما كان المعارضون وطنيون وهدفهم إسقاط الإعلان الدستوري فقط وليس إسقاط الرئيس والإسلاميين أو إسقاط الدولة.